خلقت تجربة سريرية جديدة في ويلز بارقة أمل لمرضى السرطان، حيث أصبحت «ليزلي جينكينز»، وهي مريضة بسرطان القولون، أول شخص في البلاد يشارك في اختبار لقاح مبتكر يستهدف مرضها بشكل شخصي.
وابتكر فريق من الباحثين في مركز «فليندري» للسرطان، بالتعاون مع شركة «بيونتيك» الألمانية ومؤسسة «هيلث آند كير ريسيرش ويلز»، لقاح جديد يعتمد على التقنية ذاتها المستخدمة في بعض لقاحات كوفيد-19.
ويهدف اللقاح إلى تدريب جهاز المناعة على التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها، مما يقلل فرص عودة المرض بعد العلاج التقليدي.
ولم تتردد جينكينز لحظة في قبول الفرصة عندما عرض عليها الأطباء المشاركة في التجربة، قائلة إنها «لا تصدق مدى حظها» للانضمام إلى هذا البحث.
واكتشفت جينكينز إصابتها بسرطان القولون في مرحلته الثانية خلال فحص روتيني للكشف المبكر أجرته هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة (NHS) في أبريل الماضي، وبينما لم تكن تعاني من أعراض واضحة، ساهم انشغالها برعاية أفراد من أسرتها المرضى في إغفال بعض العلامات التحذيرية، مثل فقدان الوزن الشديد دون سبب واضح. بعد التشخيص، خضعت لجراحة ناجحة في مستشفى جامعة ويلز، حيث أُزيل ورم كبير من القولون، وكان من المفترض أن تبدأ العلاج الكيميائي في الشهر التالي، لكن إصابتها بفيروس كورونا ووفاة والدتها عطّلا بداية العلاج.
ما الذي يجعل هذا اللقاح مختلفًا عن العلاجات التقليدية؟
بدأت جينكينز في يناير الماضي تلقي الجرعات التجريبية من اللقاح، الذي يُعرف باسم اللقاح العلاجي أو اللقاح الشخصي، في مركز فيليندري للسرطان في كارديف.
يعتمد اللقاح على تقنية الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA)، المشابهة لتلك المستخدمة في لقاحات كوفيد-19، ويهدف إلى تدريب الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية المتبقية بعد العلاج وتدميرها قبل أن تتمكن من النمو مجددًا.
بعكس اللقاحات التقليدية التي تُستخدم للوقاية من الأمراض، يعمل هذا اللقاح كأداة علاجية تُقدم بعد التشخيص، حيث يقوم بتحفيز الجهاز المناعي لمهاجمة السرطان بناءً على بصمة وراثية فريدة لكل مريض، مما يجعل العلاج أكثر استهدافًا وأقل تأثيرًا على الخلايا السليمة مقارنة بالعلاجات التقليدية مثل العلاج الكيميائي.
ما مدى فعالية اللقاح؟
يخضع اللقاح حاليًا لدراسة سريرية تقودها مؤسسة فيليندري للأبحاث بالتعاون مع شركة «بيونتيك» الألمانية وشبكة أبحاث الصحة والرعاية في ويلز، ويُتوقع أن يشارك في التجربة نحو 110 مرضى في ويلز، إضافةً إلى آخرين في 15 مركزًا بحثيًا بالمملكة المتحدة.
ويقول البروفيسور روب جونز، المدير الطبي المساعد في فيليندري والمحقق الرئيسي في الدراسة، إن هذه الأبحاث تحمل «مستقبلًا واعدًا للغاية»، لكن مدى نجاحها لا يزال قيد الاختبار.
ويضيف أن اللقاح يُعتبر نهجًا مبتكرًا، إذ يعمل كـ«ملصق مطلوب» يحدد الخلايا السرطانية التي تتمكن عادةً من الاختباء في الجسم، مما يسمح للجهاز المناعي باكتشافها والقضاء عليها في مراحل مبكرة.
من جانبه، قال «جيريمي مايلز»، وزير الصحة في حكومة ويلز، إن بلاده تسعى لأن تكون في طليعة الدول التي تقود الأبحاث الرائدة لتحسين رعاية مرضى السرطان وعلاجاتهم، مشيرًا إلى أن هذه التجربة قد تمهد الطريق نحو تطوير علاجات أكثر فعالية لملايين المرضى حول العالم.