منوعات

انخفاض المساحة المتضررة من حرائق الغابات في الولايات المتحدة

شهد عام 2023 انخفاضًا ملحوظًا في المساحات المتضررة من حرائق الغابات في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث احترق 2.7 مليون فدان فقط، وهو أقل رقم يتم تسجيله منذ عام 1998، كما تراجعت التكاليف الفيدرالية الخاصة بإخماد الحرائق إلى 3.2 مليار دولار مقارنة بـ 3.6 مليار دولار في العام الذي قبله.

ويُظهر هذا التراجع تحولًا في الاتجاهات خلال السنوات الأخيرة، ما يعكس التغيرات الطبيعية والتحسن في استراتيجيات المكافحة.

هل هذا التراجع علامة على تحسن الاستجابة للحرائق؟

على الرغم من الانخفاض الحالي في المساحات المتضررة، فإن التاريخ طويل المدى يشير إلى تزايد واضح في المساحات المحترقة خلال العقود الماضية، حيث شهدت الولايات المتحدة في التسعينيات إحصائيات تتراوح بين 13 إلى 16 مليون فدان محترق في كل فترة خمس سنوات، غير أن هذا الرقم شهد زيادة ملحوظة في العقدين التاليين، حيث ارتفعت الأرقام إلى أكثر من 30 مليون فدان في الألفية الجديدة.

وتشير البيانات إلى أن الفترة بين 2004 و2008 شهدت أعلى رقم على الإطلاق، إذ تم إحراق أكثر من 41 مليون فدان، حسبما أظهرت أرقام «المركز الوطني لإدارة الحرائق المشتركة».

ما العلاقة بين تغير المناخ وارتفاع معدلات الحرائق؟

إن زيادة حجم المساحات المحترقة لا يمكن فصله عن تأثيرات التغير المناخي الذي يشهد العالم تحولًا مستمرًا فيه، فارتفاع درجات الحرارة وشدة الجفاف جعلت فصول الحرائق أكثر امتدادًا، مما يزيد من احتمالات نشوب الحرائق في مناطق كانت عُدت آمنة في الماضي.

هذا التغير في الأنماط المناخية يضاعف من تعقيد مشكلة الحرائق ويزيد من شدتها، مما يضع مزيدًا من الضغط على الموارد المتاحة لمكافحتها.

هل تشكل توسعة المدن تهديدًا إضافيًا؟

على الرغم من انخفاض المساحات المحترقة في عام 2023 مقارنة بالسنوات الماضية، فإن الأمر لا يعني بالضرورة أن المخاطر قد تراجعت. فالتوسع المستمر للمناطق السكنية في المناطق التي كانت تعتبر غابات طبيعية أو محميات بيئية يزيد من تكاليف مكافحتها وحماية المنازل والممتلكات.

ومع ازدياد هذه التوسعات العمرانية، تصبح المدن أكثر عرضة للحرائق التي لا تقتصر على تدمير الغابات فحسب، بل تهدد أيضًا حياة السكان ومصادر رزقهم.

إن استراتيجيات الوقاية والتخطيط العمراني أصبحت أكثر ضرورة من أي وقت مضى، حيث تُظهر الأرقام التي نشرتها «المؤسسة الوطنية لإدارة الحرائق» أن الحرائق الكبرى خلال العقود الأخيرة أسفرت عن زيادة تكاليف الوقاية والإطفاء.
من ناحية أخرى، يتوقع الخبراء في هذا المجال أن يتزايد هذا التحدي مع مرور الوقت، خاصة في ظل معطيات المناخ المتقلبة والتوسع المستمر في حدود المدن.

ما هي التحديات المقبلة؟

التراجع الذي شهدته المساحات المحترقة في عام 2023 لا يُعد بالضرورة مؤشرًا على اتجاه ثابت نحو انخفاض في الحرائق. إذ أن التغيرات المناخية المستمرة تشير إلى أن المستقبل قد يخبئ المزيد من التحديات.

علاوة على ذلك، قد تسهم التطورات التقنية في تحسين استراتيجيات المكافحة، لكن التكاليف المرتبطة بها تظل قضية مقلقة للعديد من الحكومات في الولايات المتحدة.

في الختام، يُظهر التحليل الذي أوردته بيانات «المركز الوطني لإدارة الحرائق المشتركة» أن الحرب على حرائق الغابات في أمريكا تستمر في مسار طويل ومعقد، بحيث تظل التحديات البيئية والإنشائية عاملين حاسمين في تحديد فعالية التدابير المتخذة لمكافحة الحرائق وتخفيف آثارها.