منوعات

هل القطط والكلاب أذكى من الأطفال؟

 

خلصت دراسة حديثة، إلى أن المقارنة بين الذكاء البشري وذكاء الحيوانات الأليفة، مثل القطط والكلاب، أمر معقد ومتعدد الأبعاد، ويعتمد على عدة عوامل متغيرة، فعلى الرغم من أن الإنسان يعتبر الأكثر تطورًا في مجالات الفكر واللغة، فإن القدرة المعرفية لدى الكلاب والقطط قد تكون أكثر تطورًا في بعض المجالات مقارنةً بالأطفال الصغار.

ولطالما تساءل العديد من العلماء عن مدى قدرة الحيوانات الأليفة على التعلم والفهم وكيفية مقارنة ذلك مع تطور الأطفال، ويستعرض هذا البحث الدراسات التي تبيّن أوجه التشابه والاختلاف بين الذكاء البشري وذكاء الحيوانات، ويقدم رؤية شاملة حول هذا الموضوع الشائك.

كيف يمكن مقارنة ذكاء الكلاب مع ذكاء الأطفال؟

أجرى البروفيسور «ستانلي كورين»، أستاذ علم النفس المتقاعد في «جامعة كولومبيا» البريطانية، دراسات معمقة حول الذكاء لدى الكلاب، مستخدمًا مقياسًا نفسيًا يعرف بالعمر العقلي لتقييم القدرات المعرفية للكلاب.

ووفقًا لبحثه، يمكننا مقارنة قدرات الكلاب مع الأطفال الصغار في مجالات معينة، مثل المفردات، والعدّ، والوعي العاطفي. فبحسب كورين، يمكن للكلب العادي فهم حوالي 165 كلمة وإشارة، مع تسجيل حالات استثنائية مثل الكلب «شيسر»، وهو كلب من نوع «بوردر كولي»، الذي درب على يد أستاذ علم النفس المتقاعد، وكان قادرًا على فهم أكثر من 1000 كلمة.

علاوة على ذلك، أظهر كورين أن معظم الكلاب يمكنها عدّ ما يصل إلى ثلاثة. على سبيل المثال، إذا أظهرت للكلب ثلاث مكافآت ثم أخفيت واحدة في يدك، فغالبًا ما سيشعر الكلب بوجود مكافأة مفقودة ويحاول إيجادها.

وتظهر الدراسات المخبرية أن أدمغة الكلاب تتفاعل مشابهة لأدمغة البشر عندما يُعرض عليها تغيرات في الكمية على شاشة، مما يشير إلى أنها تدرك عندما يتغير العدد.

ويشير كورين أيضًا إلى أن الكلاب المدربة على استرجاع الطرائد يمكنها متابعة أكثر من خمسة أشياء في أثناء البحث، مما يدل على أنها تتقن بعض أسس العدّ.

بالمقارنة مع الأطفال، أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 شهرًا يستطيعون التمييز بين الكميات، مثل تمييز فرق بين عددين من الأشياء عندما يقوم شخص بالغ بحسابها.

من خلال تحليل هذه القدرات المعرفية، يمكننا تقدير «العمر العقلي» للكلاب وفقًا لمقاييس البشر، حيث وجدت دراسة كورين أن العمر العقلي للكلب المتوسط يعادل تقريبًا عمر طفل في الثانية والنصف من عمره، على الأقل في مجالات مثل المفردات والعدّ والوعي العاطفي.

لكن من المهم أن نذكر أن الذكاء لدى الكلاب يختلف بحسب السلالة والخبرة والتدريب، فعلى سبيل المثال، تشتهر كلاب «البوردَر كولي» و«بودل» بذكائها العالي مقارنة بكلاب «تشيواوا» و«بولدوج». كما أن الاختبارات التي أجريت على الكلاب لا تأخذ في الاعتبار المهارات الغريزية المختلفة بين السلالات مثل الرعي أو تتبع الروائح، والتي تعتبر نوعًا آخر من الذكاء يصعب مقارنته بالذكاء البشري.

كيف يتفوق ذكاء القطط في مجالات معينة مقارنة بالأطفال؟

أما بالنسبة للقطط، فالأبحاث المتعلقة بذكائها أقل من تلك المتعلقة بالكلاب، لكن بعض الدراسات قد تطرقت إلى تقييم القدرات المعرفية للقطط، حيث أُجريت أبحاث تاريخية هامة على ذكاء القطط بواسطة إدوارد ثورندايك في عام 1898، حيث درس قدرة القطط على الخروج من صندوق مغلق عبر سحب باب، مما أظهر قدرة القطط على التعلم من خلال التجربة والخطأ.

كما أظهرت دراسات لاحقة أن القطط قادرة على تعلم حلول جديدة للألغاز عندما تتغير البيئة المحيطة، مما يبرز مرونة القطط في التكيف مع البيئات المتغيرة.

كذلك أظهرت دراسات أخرى أن القطط تملك ذاكرة جيدة، وتتمكن من البحث عن الطعام بناءً على ذاكرتها الوحيدة، كما بينت الأبحاث أن القطط تفهم مفهوم «الوجود المستمر» للأشياء، أي أنها تدرك أن الأشياء لا تختفي لمجرد أنها لم تعد مرئية. وبالمقارنة، يتعلم الأطفال هذا المفهوم في سن تتراوح بين 4 إلى 10 أشهر.

وعلى الرغم من أن هذه الأبحاث قد تعطي بعض المؤشرات على قدرات القطط المعرفية، تشير البروفيسورة «جنيفر فونك»، أستاذة علم النفس في جامعة أوكلاند بولاية ميشيغان، إلى أنه لا ينبغي مقارنة ذكاء القطط مع نمو الأطفال البشري.

تقول فونك إن الحيوانات تطورت لحل مشاكل مختلفة بناءً على بيئاتها الخاصة، وأن مقارنة الذكاء البشري بالحيواني أمر غير ذي فائدة في كثير من الأحيان. فمثلاً، القطط تعتمد على حاستي الشم والتنسيق الجسدي أثناء الصيد، وهذا يعد نوعًا خاصًا من الذكاء يختلف عن الذكاء الذي تطور لدى البشر.

وتضيف فونك أن القطط قد لا تكون دافعة لتحقيق نتائج عالية في اختبارات الذكاء مثل البشر. فقد تطورت لدى البشر مهارات مثل بناء الأدوات وتطوير اللغة كجزء من بقاء النوع البشري، بينما لم تواجه الحيوانات نفس الضغوط البيئية، وهو ما يجعل المقارنة بين الإنسان والحيوان مسألة غير منطقية.

هل يمكن مقارنة الذكاء البشري بالذكاء الحيواني؟

إن محاولة مقارنة الذكاء البشري مع ذكاء الحيوانات الأليفة، سواء الكلاب أو القطط، ليست بالأمر السهل. فكل نوع تطور بطرق مختلفة لحل مشاكل بيئية خاصة به. الكلاب والقطط قد تبرز في مجالات مثل الصيد، والرصد، والتفاعل الاجتماعي، ولكن لا يمكننا القول بأنها أذكى أو أضعف من الأطفال بناءً على مقاييس عقلية تقليدية. فالأطفال في مراحل تطورهم المبكرة يتعلمون مهارات اجتماعية ومعرفية متميزة تتعلق بالعالم البشري، وهي مهارات لا تتطلبها الحيوانات في حياتها اليومية.

وفي النهاية، يبقى الذكاء مسألة معقدة ومتعددة الأبعاد، لا يمكن تحديده بمقاييس ثابتة تنطبق على جميع الكائنات الحية. وقد يكون من الأفضل أن نقدر قدرات كل نوع في سياق البيئة التي يعيش فيها، بدلاً من محاولة المقارنة بين الإنسان والحيوان على أساس واحد.