في إطار رؤية المملكة 2030 الطموحة، دشنت السعودية عام 2018 أول مفاعل أبحاث نووي منخفض الطاقة، مستهدفة ترسيخ مكانتها كقوة علمية وصناعية في المنطقة.
وبعد مرور أكثر من ست سنوات على تدشين المفاعل الذي شيد في «مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية KACST» بالعاصمة الرياض، يظل المشروع أحد أبرز المعالم العلمية في المملكة، حيث يحقق توازنًا بين البحث والتطوير وبين الالتزام بالمعايير البيئية العالمية.
لماذا أنشأت السعودية المفاعل النووي منخفض الطاقة؟
يعمل هذا النوع من المفاعلات بطاقة تقل عن 100 كيلوواط حراري، مما يجعله آمنًا وفعّالًا للأغراض البحثية والتعليمية دون أن يُستخدم في توليد الطاقة التجارية.
ويُصنّف المفاعل ضمن «مفاعلات الحوض المفتوح»، وهو تصميم يُتيح مراقبة النواة بوضوح ويسهّل عمليات الصيانة.
ما هي استخدامات المفاعل النووي منخفض الطاقة؟
مثل هذه المفاعلات تُستخدم عالميًا لأهداف متنوعة، منها:
-
تدريب الكوادر البشرية على علوم وتطبيقات الفيزياء النووية.
-
إجراء الأبحاث المتعلقة بالمواد والإشعاعات.
-
إنتاج نظائر مشعة تُستخدم في الطب والصناعة.
وفي الحالة السعودية، كان الهدف الرئيسي هو تمكين البحث العلمي المحلي وتعزيز الاستقلالية التقنية، مع الالتزام بأعلى معايير السلامة.
ما هي الاستخدامات الرئيسية للمفاعل النووي السعودي؟
للمفاعل دور استراتيجي في تحقيق أهداف متعددة، تشمل:
-
إنتاج النظائر المشعة: تُستخدم هذه النظائر في الطب لعلاج الأورام وتشخيصها، وفي الصناعة لتطوير تقنيات الكشف عن العيوب في المواد.
-
الأبحاث العلمية: يُتيح المفاعل إجراء دراسات على مواد جديدة لاستخدامها في التطبيقات النووية والطبية.
-
دعم البنية التحتية الوطنية: يساعد المفاعل في تطوير بروتوكولات وطنية للسلامة النووية وإدارة النفايات المشعة.
-
التعاون الإقليمي والدولي: يُعزز المفاعل فرص التعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية في مجالات التكنولوجيا النووية.
ما هو دور المفاعل النووي السعودي في تحقيق الاستدامة البيئية؟
أحد أهداف المفاعل هو دعم «الطاقة النظيفة والمستدامة»، فمن خلال استخدام الطاقة النووية منخفضة الانبعاثات الكربونية، يمكن أن تسهم التطبيقات البحثية للمفاعل، في:
-
تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
-
تطوير تقنيات أكثر كفاءة لمعالجة النفايات النووية.
-
تحسين كفاءة إنتاج الطاقة عبر المواد النووية المتقدمة.
كيف ساهم المفاعل النووي في تطوير الكفاءات السعودية؟
منذ مراحل تصميم المفاعل، كان التركيز على نقل المعرفة وبناء القدرات الوطنية، حيث تعاونت مدينة «الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة» مع جهات دولية مرموقة مثل «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» وشركات متخصصة لتطوير المفاعل، مع إتاحة الفرصة للمهندسين السعوديين للمشاركة الفعّالة.
وكانت أبرز نتائج ذلك:
-
تصميم وتنفيذ بأيدي سعودية: شارك أكثر من 30 مهندسًا وخبيرًا سعوديًا في عمليات التصميم والتنفيذ، مما أسهم في تعزيز مهاراتهم.
-
برامج تدريبية مكثفة: استفاد الباحثون والطلاب من دورات تدريبية محلية ودولية حول تشغيل المفاعلات وصيانتها، ما ساهم في تكوين كوادر متمكنة.
-
البنية التحتية المتقدمة: المفاعل مزود بمختبرات متطورة، مثل مختبرات التحليل الطيفي ومعايرة أجهزة الإشعاع، التي أصبحت موردًا قيّمًا للمجتمع الأكاديمي السعودي.
ماذا يقول الخبراء الدوليون عن المشروع النووي السعودي؟
أشادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهذا المشروع كخطوة سعودية نحو بناء قاعدة معرفية نووية متقدمة. كما رأت فيه نموذجًا يحتذى به في تعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط التي تحتاج إلى استراتيجيات طاقة متنوعة ومستدامة.
ما الخطوات التالية في البرنامج النووي السعودي؟
إلى جانب تشغيل المفاعل، تستعد السعودية لإطلاق مشاريع أخرى ضمن برنامجها للطاقة النووية:
-
محطات نووية تجارية: تُخطط المملكة لبناء محطات طاقة نووية لتوليد الكهرباء وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
-
تطوير التقنيات النووية: يجري العمل على توطين تكنولوجيا المفاعلات النووية الصغيرة والمتوسطة الحجم «SMRs» كحلول مستدامة.
-
تعاون دولي موسع: المملكة تعمل على توسيع شراكاتها مع الدول الرائدة في المجال النووي، مثل كوريا الجنوبية وفرنسا، لضمان تطبيق أحدث التقنيات.
ماذا يعني المشروع للمستقبل؟
مع وجود هذا المفاعل، قطعت السعودية شوطًا كبيرًا نحو تحقيق «الاستقلال التقني والعلمي» في المجال النووي، وهو ما يفتح الباب لمزيد من الابتكارات والاستخدامات السلمية للطاقة النووية. كما يُبرز المفاعل التزام المملكة بخلق توازن بين التطور العلمي وحماية البيئة، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في الجهود العالمية للطاقة النظيفة.