أثارت تسريبات حول نية الاحتلال تمديد وجوده العسكري جنوب لبنان جدلًا واسعًا، وسط تحذيرات وتهديدات من الطرفين بانفجار الوضع، بينما تواصل واشنطن لعب دور الوسيط يلوح التصعيد في الأفق القريب.
يأتي ذلك في الوقت الذي تقترب فيه نهاية فترة الـ60 يومًا المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحزب الله، ومع ذلك لا زالت التساؤلات تُثار حول مستقبل الاتفاق. هل ستلتزم الأطراف بما وقعت عليه، أم أن التوترات ستعيد المشهد اللبناني إلى نقطة الصفر.
واتهم وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، حزب الله اللبناني بعدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين، محذرًا من أن تل أبيب ستتحرك حال استمرار هذه الأوضاع. وبحسب ما قاله نعيم قاسم، زعيم الجماعة، إن حزبه مستعد للرد على أي خروقات إسرائيلية.
وأوردت هيئة البث الإسرائيلية أن مسؤولين في الجيش اللبناني تلقوا إشارات من الجنرال الأمريكي، جاسبر جيفرز، الذي يرأس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، بأن هناك معلومات تُفيد بأن إسرائيل تنوي تمديد وجودها في لبنان من 60 إلى 90 يومًا. كما نقلت هيئة البث عن الجنرال قوله إنه على الاحتلال أن يأخذ الوقت الكافي لتنفيذ أهدافه من العمليات البرية في ظل عجز الجيش اللبناني عن تطهير المنطقة.
ومن المتوقع أن يعود المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، مجددًا إلى لبنان هذا الأسبوع للتوصل في مسألة تمديد الاتفاق، ويحمل المبعوث في جعبته رسالة حاسمة تتمثل برغبة واشنطن في تحقيق استقرار سياسي يمهد لإجراء انتخابات رئاسية في لبنان. وكشفت مصادر أن هوكشتاين سيعلن خلال زيارته إلى لبنان تمديد المهلة التي أعطيت لإسرائيل للانسحاب من الجنوب حتى تتمكن من تدمير البنية التحتية العسكرية لحزب الله خاصة الأنفاق والمخازن.
اتهامات متبادلة بانتهاك اتفاق الهدنة
قال نعيم قاسم إن الاحتلال مستمر في انتهاك بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بعد مضي أكثر من شهر على سريانه، إذ كان ينص على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان خلال 60 يومًا. وصرّح قاسم في كلمة بمناسبة الذكرى الخامسة لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بضربة أمريكية في بغداد: “قلنا بأننا نعطي فرصة لمنع الخروقات الإسرائيلية وتطبيق الاتفاق وأننا سنصبر” لكن “لا يعني هذا أننا سنصبر لمدة ستين يوما”.
على الناحية الأخرى، قال يسرائيل كاتس خلال زيارة لقاعدة قوات الاحتلال في شمال الأراضي المحتلة إن قوات حزب الله لم تنسحب أبعد من نهر الليطاني كما نص الاتفاق، بما يجعله بعيدة عن المنطقة الحدودية. مؤكدًا أن الاحتلال مضطر للتحرك إذا استمرت الأوضاع على هذا النحو حتى تتمكن من ضمان عودة سكان الشمال إلى منازلهم.
وينص اتفاق الهدنة الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي بعد شهرين من المواجهات المفتوحة بين الاحتلال وحزب الله، على أن ينتشر الجيش اللبناني في جنوب البلاد حيث تعمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام “اليونيفيل”، إلى جانب تراجع حزب الله إلى شمال نهر الليطاني – نحو 30 كيلومترًا – وتفكيك بنيته العسكرية في الجنوب، وانسحاب القوات الإسرائيلية خلال 60 يومًا.
وبحسب ما نقلته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن مسؤول إسرائيلي فإن إسرائيل أشارت مؤخرا إلى أنها قد تبقى في لبنان بعد وقف إطلاق النار الأولي لمدة 60 يومًا للضغط على القوات المسلحة اللبنانية للوفاء بالتزاماتها قبل انتهاء الفترة. وحتى الآن، انسحبت القوات الإسرائيلية حتى الآن من بلدتين في جنوب لبنان هما الخيام وشمعا، ولكن وفقا للمنظمة الدولية للهجرة، فإنها لا تزال متمركزة في نحو 60 بلدة أخرى، ولا يزال نحو 160 ألف لبناني نازحين.
ما هي احتمالات صمود الهدنة؟
يرجح الخبراء والمحللين أن تصمد الهدنة الهشة، على الرغم من التهديدات من قبل الجانبين، ويرجع ذلك لغموض ومرونة اتفاق وقف إطلاق النار التي قد تمنح الفرصة للصمود في ظل الظروف المتغيرة ومن أبرزها التطورات في سوريا. ويُعد سقوط نظام الأسد مرحلة مفصلية في عمر الحرب الدائرة بين الاحتلال وحزب الله، إذ قطت تبك الأحدث الطريق على الأخيرة في الحصول على إمدادات الأسلحة من إيران.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه جيش الاحتلال أن انسحابه من بعض المدن اللبنانية يجري ببطء بسبب عدم وجود قوات من الجيش اللبناني لتولي المسؤولية، ينفي جيش البلاد هذا الأمر ويقول إنه ينتظر خروج إسرائيل حتى يدخل تلك المدن.
اقرأ أيضًا: الاحتلال يحذّر: الهدنة في لبنان مُهدّدة بالانهيار