بين العباءة الحمراء ذات الحواف البيضاء المصنوعة من الفرو، والقبعة التي تنتهي بكرة، يقف «سانتا كلوز» كرمز عالمي لموسم أعياد الميلاد، لكن كيف تحولت هذه الشخصية من مجرد رمز خرافي متغير المظهر إلى أيقونة ترتبط بزي محدد ينافس في شعبيته أشهر الماركات العالمية؟
يعود أصل «سانتا كلوز» إلى مزيج من الشخصيات التاريخية والأسطورية، منها القديس نيكولاس، الأسقف المسيحي الذي اشتهر بكرمه، والشخصية الهولندية «سينتركلاوس»، إلى جانب شخصيات أخرى كالبطريرك الفرنسي «بير نويل»، التي بمظاهرها المتباينة في تشكيل صورة سانتا كلوز على مر العصور.
بدأت ملامح هذه الشخصية تتبلور في الولايات المتحدة، خلال القرن التاسع عشر، حيث شهدت قصيدة «زيارة من القديس نيكولاس» التي كتبها «كليمنت كلارك مور» عام 1823 إضافة تفاصيل رئيسية لصورة سانتا، حيث وصفته بأنه رجل مرح يقود زلاجة تجرها حيوانات الرنة، لكن مظهره كان ما يزال خاضعًا لتفسيرات فنية متنوعة.
كيف كان أول رداء لبسه سانتا كلوز؟
بحسب المؤرخ جيري بويلر، مؤلف كتاب «سانتا كلوز: سيرة ذاتية»، استغرق الفنانون الأمريكيون ما يقرب من 80 عامًا لتحديد ملامح زي سانتا، ففي القرن التاسع عشر، ارتدى هذا الرجل العجوز أزياء مختلفة تتراوح بين الأثواب الطويلة ذات الألوان المتنوعة مثل الأصفر والأخضر والأحمر، وبين الرداء المزخرف بالفرو.
من بين أولى المحاولات لتثبيت زيه كانت رسومات توماس ناست في مجلة «Harper’s Weekly» خلال الحرب الأهلية الأمريكية. وفي عام 1881، قدّم ناست رسماً لسانتا ببدلة حمراء وحذاء مزين بالأبازيم، مما ساهم في ترسيخ هذه الصورة في أذهان الجمهور. لاحقاً، جاءت مساهمات فناني مجلة «The Saturday Evening Post»، مثل نورمان روكويل وجيه سي لياندكر، لتعزز الشكل الحالي للشخصية.
هل لشركة «كوكاكولا» علاقة بزي سانتا كلوز؟
رغم الاعتقاد الشائع بأن شركة كوكاكولا هي التي قدمت زي سانتا الأحمر والأبيض لأول مرة، فإن المؤرخين يشيرون إلى أن هذا المظهر قد سبق ظهور إعلانات الشركة.
بدأت كوكاكولا في استخدام صور سانتا ضمن حملاتها الترويجية عام 1931 برسم «هادون سندبلوم»، الذي استند إلى ملامح صديق مسن ليخلق النسخة الشهيرة من سانتا التي نعرفها اليوم.
في الواقع، سبقت كوكاكولا شركات أخرى في استخدام صورة سانتا بالزي الأحمر، مثل «White Rock Beverages» خلال الحرب العالمية الأولى. ومع ذلك، فإن الانتشار الكبير لحملات كوكاكولا ساهم في تثبيت هذه الصورة عالميًا، لدرجة أن أي محاولة لتغييرها اليوم تثير جدلاً واسعاً.
لماذا ارتبط سانتا كلوز بهدايا الأطفال؟
أصبح زي سانتا أكثر من مجرد مظهر، بل وسيلة لتوصيل رسائل ذات طابع إنساني وديني، يشرح المؤرخ «ستيفن نيسنبوم«، في كتابه »معركة عيد الميلاد«، أن تطور زي سانتا كان جزءًا من محاولة لتغيير طبيعة الاحتفال بالعيد في الولايات المتحدةK ففي القرن السابع عشر، كان عيد الميلاد مناسبة صاخبة تمتلئ بالاحتفالات الفوضوية، قبل أن يتم تحويله إلى مناسبة عائلية أكثر هدوءًا وتركز على الأطفال والهدايا.
إضافة إلى ذلك، حمل زي سانتا العديد من العناصر الرمزية، مثل الفرو الذي يرمز إلى برودة القطب الشمالي، واللون الأحمر الذي يعبر عن الدفء والفرح، والقبعة التي تحمل إشارات تاريخية من أغطية رأس مختلفة مثل «الكاماو» البابوي والقلنسوة الفريجية.
هل سيتغير زي سانتا كلوز؟
بناء على متقدم، فإن زي سانتا كلوز الذي شهد تطورات مختلفة حتى وصل إلى شكله الأيقوني الحالي، ربما يطرأ عليه تغيرات في المستقبل قد تفرضها تغيرات العصر، فهل يمكن لشيء مثل هذا الحدوث فعلا؟
قد تكون الإجابة صعبة، إذ أن رمزيته أصبحت مرتبطة بالحنين والاستقرار في عالم متغير. ومع ذلك، فإن ماضيه الحافل بالتنوع يفتح الباب دائمًا أمام احتمالات جديدة.