اقتصاد

بعد تحذير الأمم المتحدة من كارثة إنسانية.. لماذا تفاقمت أزمة الجوع العالمية؟

تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية يتراجع للعام الثاني على التوالي، حيث لم تستطع المنظمة الدولية في عام 2024 جمع سوى 46% من المبلغ المطلوب، وهو ما يوازي 49.6 مليار دولار

تتزايد أزمة الجوع العالمية بشكل غير مسبوق، حيث يواجه ملايين الأشخاص حول العالم معاناة متزايدة في الحصول على الغذاء.

وفي الوقت نفسه، تتراجع مساهمات الدول الغنية في تمويل الجهود الإنسانية لمكافحة هذه الظاهرة، هذه المعادلة القاسية تخلق عواقب وخيمة تهدد حياة الملايين.

نقص التمويل وانعكاساته

تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية والحد من أزمة الجوع العالمية يتراجع للعام الثاني على التوالي، حيث لم تستطع المنظمة الدولية في عام 2024 جمع سوى 46% من المبلغ المطلوب، وهو ما يوازي 49.6 مليار دولار، وأن ذلك ينذر بوقوع كارثة إنسانية أكبر من الموجودة حاليًا في العديد من الدول حول العالم.

وأجبر هذا النقص في التمويل الجهات المعنية على اتخاذ قرارات مؤلمة، مثل تقليص الحصص الغذائية وخفض عدد المستفيدين من المساعدات.

على سبيل المثال، في سوريا، كان برنامج الغذاء العالمي يوفر الغذاء لنحو ستة ملايين شخص، لكن بسبب نقص التمويل، اضطر البرنامج إلى تقليص هذا العدد إلى مليون شخص فقط.

وفي هذا السياق تقول رانيا داغاش كامارا، المديرة التنفيذية المساعدة في برنامج الأغذية العالمي: “نحن في هذه المرحلة نأخذ من الجياع لإطعام الأكثر جوعًا”.

عوامل تفاقم أزمة الجوع العالمية

تلعب عوامل متعددة دورًا في تأجيج أزمة الجوع العالمية، بما في ذلك الصراعات المسلحة، التغيرات المناخية، وارتفاع معدلات التضخم، حيث تزيد هذه العوامل مجتمعة من أعداد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية، وعلى الرغم من ذلك، فإن الفجوة بين التمويل المطلوب والفعلي تستمر في الاتساع.

وتشير البيانات إلى أن الضغوط المالية والسياسات المحلية تعيد تشكيل قرارات الدول الغنية بشأن كيفية وأين تُقدَّم المساعدات، فعلي سبيل المثال خفضت ألمانيا تمويلها الإنساني بمقدار 500 مليون دولار بين عامي 2023 و2024، ومن المتوقع خفض مليار دولار إضافية في عام 2025.

وتعتبر الأكثر تمويلًا لمكافحة أزمة الجوع العالمية، حيث قدمت 64.5 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، لكن هناك تغيرات قد تحدث مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي سبق وأن سعى إلى خفض التمويل الإنساني خلال ولايته الأولى.

تأثير القيود والتأخيرات في تقديم المساعدات الإنسانية

عندما تصل المساعدات، غالبًا ما تكون متأخرة ومشروطة بشروط تقلل من كفاءتها، حيث تُظهر الأبحاث أن تأخير التمويل الإنساني يزيد من معاناة الأطفال ويؤدي إلى سوء تغذية قد يكون له آثار طويلة المدى على النمو والقدرات الإدراكية.

وأشارت تقارير إلى أن المساعدات المقدمة من بعض الدول المانحة تكون مشروطة بمتطلبات محددة، مثل توجيه التمويل نحو كيانات معينة أو وضع شعارات المانحين على المعدات والمواد الغذائية، وتجعل هذه الشروط من الصعب على الوكالات الإنسانية الاستجابة بمرونة للأزمات الطارئة.

الدعوة إلى تحرك عالمي للحد من أزمة الجوع العالمية

تفاقم أزمة الجوع العالمية يدق ناقوس الخطر، ويدعو إلى تحرك عالمي مشترك لمواجهتها.

وتشير المعطيات الحالية إلى أن هناك حاجة إلى إعادة التفكير في أولويات التمويل، مع التركيز على مكافحة الجوع كأولوية إنسانية عاجلة، حيث يجب على الدول الغنية أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية وتعمل على سد الفجوة التمويلية لضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين.