أحداث جارية سياسة

الخسائر المتوقعة لروسيا بعد سقوط الأسد

الخسائر المتوقعة للجيش الروسي بعد سقوط الأسد

منذ عام 2015، أي ما يقرب من 10 سنوات، تستثمر روسيا بكثافة في دعم نظام الأسد عسكريًا ضد قوات المعارضة، من خلال غاراتها الجوية على المتمردين في سوريا.

وهذا الدعم ساعد من ناحية في إحكام قبضة الرئيس السوري على السلطة، ومن ناحية أخرى منح روسيا نقطة انطلاق لعملياتها العسكرية من قاعدتين عسكريتين هما حميميم بالقرب من مدينة اللاذقية وطرطوس على ساحل البحر المتوسط.

ولكن خلال الفترة الأخيرة ومع تصاعد الصراع في أوكرانيا، لم تعد روسيا قادرة هذه المرة على حماية بشار الأسد الذي فر إلى موسكو بعد سيطرة المعارضة على دمشق.

ومنذ ذلك الوقت باتت أصول روسيا في سوريا والتي تُعد أكبر دليل على قوتها العسكرية غير مستقرة.

سحب القوات الروسية من سوريا

قالت الاستخبارات الأوكرانية في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن روسيا بدأت في سحب بعض المعدات العسكرية من خطوط المواجهة في سوريا، وخاصة قاعدتها الجوية الوحيدة خارج الاتحاد السوفييتي السابق ومينائها الوحيد في المياه الدافئة في العالم.

وبحسب ما نقلته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” فإن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن طائرتان من طراز أنتونوف AN-124، وهي من بين أكبر طائرات الشحن في العالم، ظهرت في قاعدة حميميم وكانت في وضع تحميل على ما يبدو.

ويمكن لتلك الخطوات الانسحابية أن تؤثر على وضع روسيا وهيبتها في المنطقة، إلى جانب الإضرار بقدرتها على متابعة عملياتها في أفريقيا، بحسب مراقبين.

وعلى الرغم من تلك المعلومات، إلا أن شهود عيان أفادوا أن الجنود الروس لا زالوا في القواعد العسكرية الرئيسية داخل سوريا، في انتظار تشكيل النظام السوري الجديد.

وأشار الزميل المشارك في معهد تشاتام هاوس في لندن، نيل كويليام، إلى أن هناك فرقاطتين على بُعد 6 أو 7 كيلومترات من القاعدة.

فيما نقلت رويترز عن مسؤول عسكري كبير في الجيش الروسي أنه يُجرى حاليًا إعادة القوات والمعدات العسكرية إلى موسكو بغرض ترتيب إعادة نشرها مرة أخرى وفق المعطيات الجديدة.

الوجود الروسي في سوريا

بحسب تقديرات هيئة الإذاعة البريطانية BBC فإن روسيا تمتلك 7500 جندي في سوريا اعتبارًا من 2024.

وتقول آنا بورشفسكايا، زميلة بارزة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن روسيا اختارت من البداية أن يكون تواجدها محدودًا في سوريا، وهو أمر أسهل في الحفاظ عليه مقارنة بوجود كبير.

وأشارت إلى أن روسيا وضعت حد أقصى محتمل لإجمالي المقاتلين الروس في سوريا عند 4500 مقاتل.

كان ميناء طرطوس يستضيف ست سفن روسية – ثلاث فرقاطات وناقلتي نفط وغواصة – والتي أظهر موقع بيزنس إنسايدر أنها انسحبت اعتبارًا من يوم الاثنين.

أما القاعدة الجوية في حميميم فكان بها عدد غير معلروف من الطائرات، وكانت تنطلق منها العمليات الجوية ضد المعارضة.

كما تمتلك روسيا بطاريات دفاع جوي من طراز إس-400 في المدينة، على الرغم من سحب العديد من صواريخ إس-300 إلى أوكرانيا.

وبحسب بورشفسكايا، فإن قاعدة حميميم كانت نقطة انطلاق لطائرات سوخوي المختلفة 24 و25 و30.

وقال المتحدث باسم الكرملين إن موسكو لم تتخذ قرارات نهائية بشأن القواعد العسكرية الروسية، فيما استبعد خبراء احتمال انتهاء الوجود الروسي في سوريا لعدة اعتبارات.

كما كشفت بلومبرغ أن موسكو تقترب من التوصل إلى اتفاق مع القيادة السورية الجديدة للاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين في سوريا هما قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية.

ماذا يعني انهيار قوة روسيا في سوريا؟

ينعكس الفشل الروسي في سوريا بالسلب على سلطات بوتين في الجنوب العالمي، خصوصًا وأن القواعد الروسية في سوريا كانت مركزًا لوجستيًا للعمليات الأفريقية.

من ناحية أخرى فإن سحب القوات الروسية من روسيا لن يكون في مصلحة أوكرانيا، إذ إن هذه القوات من المحتمل أن يتم توجيهها في دونباس أو أي مكان آخر.

وتعتمد روسيا بشكل كبير على قاعدة طرطوس باعتبارها المنفذ الوحيد إلى البحر المتوسط، كما تستخدمها في إجراء التدريبات العسكرية البحرية، وكمقر لتمركز السفن الحربية وكذلك استضافة الغواصات النووية.

وباتت اللاذقية الآن تحت السيطرة الكاملة لقوات المعارضة السورية، وهي المدينة التي تتمركز فيها القاعدتان العسكريتان.

وتُعد خسارة الوجود العسكري في روسيا خسارة كبيرة للكرملين، كما أنه سيعطل العمليات اللوجستية الروسية وجهود إعادة الإمداد، وعملياتها في ليبيا وجنوب الصحراء الكبرى.

وبمنظور أوسع، كانت سقوط الأسد ضربة لطموحات روسيا في التوسع داخل الشرق الأوسط.