منذ أن أصبحت خدمات بث الموسيقى الرقمية الخيار الأول لمستمعي الموسيقى حول العالم، برزت منصة سبوتيفاي كواحدة من أهم خدمات البث الصوتي، حيث جمعت مئات الملايين من المستخدمين في مختلف الأسواق العالمية، ومع مرور الوقت، عززت المنصة مكانتها من خلال تقارير سنوية مثل «Spotify Wrapped»، التي تسلط الضوء على توجهات الاستماع العالمية وتكشف عن الألبومات والأغاني الأكثر شعبية.
وفي العقد الأخير، حققت مجموعة من الألبومات نجاحات غير مسبوقة، لتصبح الأكثر استماعًا على المنصة، ويعكس رصد تلك الأعمال التي صدرت بين عامي 2017 و2024 حجم التغيير الذي طرأ على المشهد الموسيقي العالمي، ومدى تأثيره في أذواق المستمعين وتحولاتهم الثقافية.
من يتصدّر المشهد؟
في بداية الرحلة، جاء ألبوم «x» للفنان البريطاني «إد شيران» عام 2014، مُسجّلًا 430 مليون استماع، بعد أن نجح بمزيج من أغنيات البوب والفولك في تكريس شيران كأحد الأصوات الأكثر تأثيرًا عالميًا، لكن نجاحه لم يكن الأخير، حيث عاد لاحقًا في 2017 مع ألبوم «÷» الذي سجل 3.1 مليار استماع، مؤكدًا قدرته على المزج بين السلاسة الموسيقية والنجاح الجماهيري.
بينهما، وقف الفنان الكندي «ذا ويكند» بألبومه «Beauty Behind The Madness» عام 2015، الذي جذب الأنظار بنجاح استثنائي تُرجم إلى 1.4 مليار استماع.
وفي العام التالي، قفز اسم النجم الكندي الآخر «دريك» إلى الواجهة بألبومه الشهير «Views»، الذي استطاع جمع 2.5 مليار استماع، وبعدها بسنتين، عاد دريك في 2018 ليعزز موقعه بألبوم «Scorpion» الذي حقق 4 مليارات استماع، ليصبح أحد أكثر الفنانين هيمنةً على المشهد.
النجاح النسائي
وسط زحمة الأسماء الذكورية، شقّت الفنانات الشابات طريقهن نحو القمة، محققات إنجازات لافتة، ففي عام 2019، خطفت المغنية الأمريكية «بيلي إيليش» الأضواء بألبومها الأول «WHEN WE ALL FALL ASLEEP, WHERE DO WE GO»، حيث تجاوزت أغنياته حاجز 4 مليارات استماع، لتثبت أن الصوت الهادئ والكلمات الغامضة قد تصنعان ثورةً موسيقية.
وفي عام 2021، شهد العالم صعود موهبة جديدة، إذ أطلقت المغنية الأمريكية الشابة «أوليفيا رودريجو» ألبومها الأوّل «SOUR»، الذي جمع 4.2 مليار استماع، كما تصدّرت أغنيتها الشهيرة «drivers license» قوائم الاستماع عالميًا، معتمدةً على قوة السرد العاطفي الذي لامس قلوب الملايين، خاصة عبر منصة تيك توك.
حقبة باد باني
لكن العقد لم يكن ليكتمل دون الحديث عن نجمٍ استثنائي قلب المقاييس رأسًا على عقب، هو الفنان البورتوريكي «باد باني»، الذي هيمن على قوائم الاستماع بألبومه «YHLQMDLG» في 2020، مُسجّلًا 3.3 مليار استماع، غير أن تحفته الفنية الكبرى جاءت لاحقًا مع ألبوم «Un Verano Sin Ti»، الذي تربّع على عرش القوائم لعامين متتاليين، 2022 و2023، محققًا أرقامًا مذهلة بلغت 8 مليارات في السنة الأولى و4.5 مليارات في الثانية.
ما ميّز هذا العمل هو تنوّعه الموسيقي الذي احتفى بإيقاعات الكاريبي، من الباتشاتا والريجي وصولًا إلى البوسا نوفا، وبتسجيله في جمهورية الدومينيكان وبورتوريكو، حمل الألبوم هويةً ثقافية لاتينية بامتياز، ليصبح أول ألبوم إسباني يُرشّح لجائزة جرامي عن فئة «ألبوم العام».
تحولات ثقافية
وتُظهر الهيمنة الموسيقية التي عكستها قوائم سبوتيفاي على مدار السنوات العشر الأخيرة بوضوح صعود أنماط جديدة وظهور وجوه شابة غيّرت ملامح الصناعة، فمن الهيب هوب الأمريكي إلى البوب الأوروبي، ومن الإبداعات النسائية إلى الاكتساح اللاتيني، باتت المنصة مرآةً تُظهر عمق التحولات الثقافية والموسيقية التي يمرّ بها العالم.
في نهاية المطاف، يظل العقد الماضي شهادةً حيةً على قوة الفن في اختراق الحدود وبناء الجسور بين الثقافات، حيث تتحوّل الأرقام إلى قصص تُحكى وأسماء تُخلّد في ذاكرة المستمعين إلى الأبد.