أثار سقوط نظام الأسد التساؤلات حول مصير القواعد العسكرية الروسية في سوريا، ومستقبل التواجد الروسي بشكل عام هناك.
كانت الخارجية الروسية قالت إن طائرة تابعة للقوات الجوية أقلعت من قاعدة حميميم على متنها بعض الدبلوماسيين، وأفادت رويترز أن موسكو تسحب قواتها من خطوط المواجهة.
مستقبل القواعد الروسية في سوريا
قال المتحدث باسم الكرملين أن موسكو لم تتخذ قرارات نهائية بشأن القواعد العسكرية الروسية، فيما استبعد خبراء احتمال انتهاء الوجود الروسي في سوريا لعدة اعتبارات.
ومن بين تلك الاعتبارات وجود مصالح تربطها بأنقرة، إلى جانب مفاوضات روسية مباشرة مع جبهة تحرير الشام.
وأكد القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، أن هناك فرصة أمام روسيا لإعادة النظر في علاقتها مع الشعب السوري.
وقال الشرع: “فضلنا بناء علاقات جيدة، وحاولنا موازنة الأمور مع روسيا وأرسلنا رسائل لها ومنحناها فرصة لبناء علاقات جديدة”.
كما كشفت بلومبرغ أن موسكو تقترب من التوصل إلى اتفاق مع القيادة السورية الجديدة للاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين في سوريا هما قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية.
الوجود العسكري الروسي في سوريا
تُعد قاعدة طرطوس البحرية مركزيًا حيويًا لعمليات الإصلاح والإمداد لأسطول البحر المتوسط الروسي، أنشئت في عام 1977 وقامت روسيا بتوسعيها في 2012.
وتسمح قاعدة طرطوس للسفن بالبقاء في البحر المتوسط دون الحاجة للعودة إلى روسيا، ومع تدخلها العسكري لدعم نظام الأسد، حصلت موسكو على عقد إيجار مجاني لهذه القاعدة لمدة 49 عامًا في عام 2017.
أما قاعدة حميميم الجوية، تُعتبر نقطة انطلاق رئيسة للعمليات العسكرية الروسية في سوريا وشمال أفريقيا، تقع بالقرب من اللاذقية وتُعد القاعدة الجوية الدائمة الوحيدة خارج نطاق دول الاتحاد السوفيتي السابق.
ورغم أنباء الانسحاب الجزئي، أكد شهود عيان استمرار نشاط روسيا العسكري في القاعدة.
اللاعبون الرئيسيون في المشهد السوري
في هذا الجانب يقول رئيس مركز الإعلام والدراسات العربية – الروسية، الدكتور ماجد التركي، أن الجانب الأوروبي الآن خارج اللعبة الدولية، وأن اللاعبين الرئيسين في المشهد السوري هما أمريكا ومن ورائها الاحتلال، وروسيا ومن ورائها إيران.
وأضاف خلال استضافته في برنامج “هنا الرياض” المُذاع على قناة الإخبارية، أن المشهد السوري حاليًا يأتي في 3 مسارات، أولهم المسار التركي لأن تركيا صرّحت علانية وقالت إن بلديات إسطنبول يجب أن تتحرك في المدن السورية باعتبارها جزء من تاريخهم وفق قول أردوغان.
أما المسار الثاني فيتعلق بالاحتلال ووضعه في الجغرافيا الحالية، والمسار الثالث وهو سوريا العربية والعمق السوري العربي الذي نعوّل عليه كثيرًا في تهدئة الأوضاع الحالية، بحسب التركي.
وأشار التركي إلى أن المتحكم في ثبات الأوضاع كما هي أو تغييرها هي المصالح الأمريكية والروسية في النقط والغاز والقمح والفوسفات.
وتابع: “إذا تحققت المصلحتان للطرفين سيكون المسار نوعا ما هادئًا، ولكن إذا اضطربت المصلحتان قد يشهد العمق السوري مرة أخرى شيئًا من المواجهة”.
دور العمق العربي في الأزمة السورية
يقول التركي أن العمق العربي يجب أن يسير كذلك في 3 مسارات رئيسية، الأول منها هو التفاهم مع الجانب الروسي لتحييد بشار الأسد كليًا عن المشهد، لأنه لا يجب أن نغفل عن الدولة العميقة السورية، بحسب قوله.
وأضاف: “المسار الآخر هو التفاهم مع الجانب الأمريكي لضبط الإيقاع مع الجانب الإسرائيلي، والحد من عنجهية الاحتلال والضغط عليه لاحترام القرارات الأممية فيما يتعلق بالجانب السوري، وهو أمر نعول فيه على السعودية تحديدًا”.
وتابع التركي: “المسار الثالث يتعلق بمراقبة التحركات الإيرانية، الذين على الرغم من انحيازهم عن المنطقة قصرًا، ولكن لا زال لهم آثار في الداخل سواء من خلال العمق السوري أو العراقي أو الجنوب اللبناني”.
ولفت التركي إلى أنه ليس من مصلحة روسيا زيادة التوترات في سوريا، وذلك لحاجاتها إلى القاعدتين العسكريتين واللتان تغذيان المصلحة الروسية في أفريقيا وليبيا.
على الجانب الآخر لا زالت روسيا منشغلة بأوكرانيا، ولذلك فقد تكون لاعبا إيجابيًا إذا تم التصرف معها بحكمة وإذا تم التحدث معها بانكشاف، بل ويمكن استخدامها من خلال تلك المصلحة التي تتشارك فيها مع الجانب الأمريكي لإحلال الاستقرار والهدوء في وسوريا.