على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تنتخب رئيسة امرأة بعد، فإن شاشات السينما والتلفزيون لم تتأخر في ملء هذا الفراغ بتقديم شخصيات نسائية تولين منصب الرئاسة، في محاولات إبداعية لتخيّل المستقبل وكسر الصور النمطية.
ومنذ خمسينيات القرن الماضي، جسّدت العشرات من الأعمال الفنية رؤساء نساء، مقدمين رؤى متباينة عن القيادة النسائية، ومثيرين نقاشات حول المجتمع والسياسة، وكانت البداية عام 1953 مع فيلم الخيال العلمي «Project Moon Base»، حيث ظهرت إرنستين باريير كرئيسة للولايات المتحدة، ولكن دورها لم يكن أكثر من «صدمة» للجمهور حينها، إذ كُشف عن جنسها في نهاية الفيلم، وهي رؤية تعكس تصورات الخمسينيات عن استحالة تولي امرأة قيادة البيت الأبيض، لكنه موقف ما لبث أن شهد تغييرًا كبير بعد ذلك.
بين الصعود والانتخاب
على مر العقود، صُورت معظم الرئيسات في الدراما الأمريكية كخليفة للرئيس السابق بعد وفاته أو استقالته، مثال على ذلك، شخصية ماكينزي ألين، التي أدّتها جينا ديفيس في مسلسل «Commander in Chief» تصبح ماكينزي رئيسة بعد وفاة الرئيس أثناء توليها منصب نائبة الرئيس، لتواجه معارك سياسية واجتماعية تُظهر صلابة قيادتها، وتجعل المسلسل أحد أبرز الأعمال التي تناولت هذه الفكرة.
وفي مسلسل «Veep»، تظهر سيلينا ماير، التي لعبت دورها جوليا لويس دريفوس، كمثال آخر لشخصية تعتلي المنصب من خلال سلسلة من التحولات السياسية، ومع أنها كانت تسعى لتترك بصمة تاريخية، فإن طموحاتها كانت مشوبة بالكوميديا اللاذعة التي جعلت العمل تحفة سياسية ساخرة.
قيادة نسائية بوجهات نظر مختلفة
قدّمت هوليوود تنوعًا في تصوير الرئيسة الأمريكية. في مسلسل «24»، لعبت شيري جونز دور الرئيسة أليسون تايلور، التي تميزت بصراعاتها الأخلاقية ومواقفها الصارمة تجاه الإرهاب.
على العكس، قدمت ميريل ستريب شخصية الرئيسة جاني أورليان في فيلم «Don’t Look Up» بسخرية كاريكاتورية عن زعيمة غير مبالية بالمخاطر العالمية.
وفي إطار الخيال العلمي، برزت شخصيات مثل الرئيسة إليزابيث لانفورد في «Independence Day: Resurgence»، التي قادت البلاد خلال غزو فضائي ثانٍ، والرئيسة أوليفيا مارسدن في «Supergirl» التي أخفت حقيقتها ككائن فضائي.
أعمال كسرت الحواجز
كذلك سعت بعض الأعمال لرسم رئيسة تجسد رموزًا أكبر من المنصب ذاته، ففي مسلسل «For All Mankind»، ظهرت الرئيسة إلين ويلسون، التي كانت أول رئيسة مثلية الجنس، مقدمة نظرة على التحديات المزدوجة التي تواجهها المرأة والاختلافات الجنسية في السياسة.
وفي «Scandal»، تولت ميلي جرانت، التي أدتها بيلايمي يونج، رئاسة الولايات المتحدة بعد سلسلة من المكائد السياسية، وأظهرت العمل كمنبر لقضايا النساء ودورهن في الحكم.
وتُظهر هذه الأعمال الفنية رغبة المبدعين في استكشاف سؤال عالق في الواقع السياسي: متى ستصل امرأة فعلًا إلى قيادة الولايات المتحدة؟ وبينما تُعد تلك الشخصيات انعكاسًا لتطلعات مجتمعات تسعى إلى المساواة، فهي أيضًا مرآة للنقاشات الدائرة حول النوع الاجتماعي في السياسة، حيث تواجه النساء في هذه القصص، كما في الواقع، معارك مزدوجة لإثبات الكفاءة وكسر الحواجز الثقافية.
وعلى الرغم من أن السينما والدراما سبقت الواقع في انتخاب «رئيسة أمريكية»، يبقى الأمل أن تتحول هذه القصص إلى واقع قريب، يُنهي الانتظار الطويل لامرأة تقود أقوى دولة في العالم.