سياسة

وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله يعيد الأمل للجنوب اللبناني

لبنان

دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ، اليوم الأربعاء، في خطوة وُصفت بأنها إنجاز دبلوماسي نادر وسط منطقة عصفت بها الحروب لأكثر من عام.

الاتفاق، الذي جاء بوساطة أمريكية وفرنسية، يحمل وعودًا بإيقاف نزاع دموي على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، خلّف آلاف القتلى منذ تفجره على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة العام الماضي.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، حسب رويترز، أنها تستعد لنشر قواتها في جنوب البلاد لضمان استمرار الهدنة، مع مناشدة سكان القرى الحدودية تأجيل عودتهم إلى منازلهم حتى اكتمال انسحاب الجيش الإسرائيلي، الذي تقدم مسافة 6 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية خلال النزاع.

وعلى الرغم من الهدوء النسبي الذي ساد صباح اليوم، أشار الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق النار على أفراد تابعين لحزب الله قرب الحدود لمنعهم من التقدم نحو مناطق محظورة.

فرحة العودة ومخاوف التدمير

ومع بدء تطبيق الاتفاق، عادت الحياة تدريجيًا إلى الجنوب اللبناني، ورصدت «رويترز» اجتياز سيارات محملة بالأمتعة والمفروشات مدينة صور الساحلية متجهة نحو القرى التي هجرها سكانها بسبب القصف المكثف في الأسابيع الأخيرة.

وبينما عاد البعض بحذر إلى منازل مدمرة جزئيًا، فضّل آخرون الانتظار حتى إعلان الجيش اللبناني استعادة السيطرة الكاملة على المناطق المحاذية.

ويقول حسام عروت، وهو أب لأربعة أطفال، إنه يتوق للعودة إلى قريته الحدودية ميس الجبل ولكنه ينتظر إعلانًا رسميًا لضمان أمان العودة. وأضاف، في تصريحات نقلتها «رويترز»، أن «الإسرائيليون لم ينسحبوا بالكامل بعد. نحن جاهزون للعودة فور الإعلان الرسمي».

ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الاتفاق بأنه وقف دائم للأعمال العدائية، مؤكداً أنه يهدف لضمان عدم إعادة حزب الله بناء بنيته التحتية العسكرية، وفي تصريح من البيت الأبيض، قال بايدن إنه أجرى محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الوزراء اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي، مشيرًا إلى أن الانسحاب الإسرائيلي سيتم تدريجيًا على مدى 60 يومًا.

من جانبه، أشاد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو بالاتفاق، داعيًا إلى تطبيق نفس النهج في قطاع غزة، فيما عبّر مسؤول في حركة حماس عن تقديره لحق لبنان في حماية شعبه، معربًا عن أمله في التوصل إلى اتفاق مشابه ينهي الحرب في غزة.

الوضع الإقليمي ومستقبل الصراع

وتزامنًا مع اتفاق الهدنة، سعت مصر وقطر والولايات المتحدة لإعادة إحياء جهود وقف إطلاق النار في غزة، دون تحقيق نتائج ملموسة حتى الآن، بينما يرى مراقبون أن هذا الاتفاق يسمح لإسرائيل بتحويل تركيزها نحو إنهاء الصراع في غزة ومواجهة التهديد الإيراني المستمر في المنطقة.

وفي ظل الهدوء المؤقت، يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لتعزيز قدراته العسكرية وتجديد مخزوناته، بينما أشار نتنياهو إلى أن إسرائيل نجحت في تقويض قوة حزب الله بشكل كبير. وقال «لقد أعدنا حزب الله إلى الوراء عقودًا، وقضينا على قيادته العليا ودمرنا الجزء الأكبر من ترسانته الصاروخية».

ورغم الترحيب الدولي والإقليمي بالهدنة، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى استدامتها وسط توترات متجذرة. ومع إعادة آلاف العائلات إلى مناطقها، يبقى الأمل معلقًا بأن يوفر الاتفاق بداية جديدة للجنوب اللبناني الذي طالما كان ساحة للصراعات الإقليمية.