في خطوة تصعيدية جديدة ضمن المعركة القانونية المستمرة ضد عملاق التكنولوجيا «جوجل»، طالبت وزارة العدل الأمريكية الشركة بتجريد نفسها من متصفح «كروم» الشهير، وذلك بعد ثلاثة شهور من حكم قضائي يؤكد أن الشركة الأمريكية تمتلك هيمنة احتكارية في سوق البحث عبر الإنترنت.
وفي أغسطس الماضي قضى قاضٍ فيدرالي في أغسطس بأن جوجل انتهكت المادة الثانية من قانون «شيرمان» لمكافحة الاحتكار، مما يؤكد استغلال الشركة لموقعها المهيمن من خلال إنشاء حواجز قوية أمام دخول المنافسين واعتماد حلقة تغذية تعزز هذا الوضع.
وأطلق جوجل متصفح «كروم» في عام 2008، وسرعان ما أصبح أداة رئيسية في تعزيز نفوذ الشركة بفضل ما يوفره من بيانات تُستخدم في توجيه الإعلانات بشكل دقيق.
ورغم الحكم، أعلنت جوجل عزمها الطعن فيه، مما يعني أن تنفيذ أي قرارات نهائية سيستغرق وقتًا طويلًا.
وفي وثيقة قانونية من 23 صفحة قُدّمت أمس الأربعاء، أوضحت الوزارة أن فصل المتصفح عن جوجل سيكون خطوة ضرورية لإيجاد بيئة تنافسية أكثر إنصافًا بين محركات البحث.
وجاء في الوثيقة، إنه «يتطلب الحكم النهائي المقترح مبدئيًا من جوجل التخلي عن متصفح كروم، مما سيوقف بشكل دائم سيطرة جوجل على هذه النقطة المحورية في الوصول إلى البحث، ويمكّن محركات البحث المنافسة من الوصول إلى المتصفح الذي يمثل بالنسبة لكثيرين بوابة الإنترنت».
إجراءات أوسع للحد من احتكار جوجل
لم تقتصر مقترحات وزارة العدل على فصل كروم فقط، إذ أوصت بحظر إبرام جوجل أي اتفاقيات حصرية مع شركات أخرى مثل آبل وسامسونج، بالإضافة إلى منعها من منح خدمات البحث الخاصة بها أفضلية ضمن منتجاتها الأخرى.
كما دعت الوزارة إلى اتخاذ تدابير تمنع جوجل من القضاء على تهديدات المنافسة الناشئة من خلال الاستحواذ أو الاستثمارات الجزئية أو الشراكات.
وأوصت الوزارة أيضًا بفرض رقابة صارمة على أنشطة جوجل، تشمل تقديم تقارير شهرية للجنة فنية مختصة بشأن أي تغييرات تطرأ على نظام مزادات الإعلانات النصية المرتبطة بالبحث.
أرباح جوجل تحت المجهر
تُمثّل إعلانات البحث مصدر دخل هائل لجوجل، حيث بلغت عائداتها في الربع الثالث من العام الحالي حوالي 49.4 مليار دولار، ما يعادل ثلاثة أرباع إجمالي مبيعات الإعلانات لشركة ألفابت، الشركة الأم لجوجل.
هذه القضية، التي تُعد واحدة من أجرأ محاولات وزارة العدل الأمريكية لتفكيك شركات التكنولوجيا منذ قضيتها الشهيرة ضد مايكروسوفت في عام 2001، قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في المشهد التكنولوجي العالمي.
فبالإضافة إلى المطالبة بفصل «كروم»، ناقشت وزارة العدل إمكانية إجبار جوجل على التخلي عن نظام التشغيل «أندرويد»، مشيرة إلى أن ذلك قد يساعد في إعادة التوازن للسوق. ومع ذلك، أعربت الوزارة عن إدراكها لمعارضة جوجل وربما لاعبين آخرين في السوق لهذه الخطوة، وعدت التدابير الأخرى المقترحة قد تكون كافية لكبح قدرة جوجل على استخدام نظام أندرويد لدعم هيمنتها.
ويُسلّط هذا النزاع الضوء على التوتر المتصاعد بين عمالقة التكنولوجيا والحكومات الساعية لضمان التوازن في الأسواق الرقمية. وبينما تستمر جوجل في الدفاع عن نفسها، يبقى مصير التغييرات المقترحة قيد المفاوضات، مع احتمالية أن تُشكّل هذه القضية سابقة قانونية تمتد آثارها لعقود قادمة، فيما يرى بعض الخبراء القانونيين أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن تُجبر المحكمة جوجل على إلغاء اتفاقيات حصرية مثل تلك التي أبرمتها مع آبل، بدلًا من فرض تفكيك كامل للشركة.