يشهد العالم التقني تحولات كبيرة لاسيما في الغرب تحت شعار “أوروبا أولاً”، مع دعوات متزايدة من قادة التكنولوجيا الأوروبيين لاتخاذ خطوات جريئة لمواجهة هيمنة الشركات الأميركية الكبرى على السوق. وفي ظل التحديات الجديدة التي تفرضها عودة دونالد ترامب للرئاسة الأميركية، تبدو الحاجة إلى استراتيجية أوروبية موحدة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
دعوة لـ”أوروبا أولاً” في التقنية
دعا قادة التكنولوجيا في أوروبا إلى تبني نهج مشابه للسياسات الحمائية الأميركية، من خلال التركيز على مبدأ “أوروبا أولاً”. هذا التوجه يستهدف تقليل الاعتماد على الشركات الأميركية العملاقة، التي تهيمن على المجالات الحيوية مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية.
أندي ين، الرئيس التنفيذي لشركة Proton، صرح بأن أوروبا يجب أن تكون أكثر جرأة وعدوانية في تطوير تقنياتها الخاصة. وأكد على ضرورة التحرك الآن لتجنب الاعتماد طويل الأجل على الشركات الأجنبية.
إجراءات أوروبية ضد الهيمنة الأمريكية
خلال العقد الماضي، نفذت أوروبا سياسات صارمة لمواجهة الهيمنة الأميركية، مثل قانون الأسواق الرقمية (DMA). أدى هذا القانون إلى تغييرات إيجابية، مثل منح المستخدمين خيارات أكبر عند اختيار محركات البحث على هواتف أندرويد، كما ذكر ميتشل بيكر، الرئيس السابق لمؤسسة موزيلا.
مخاوف من التراجع بسبب الضغوط
عودة ترامب للرئاسة أثارت مخاوف من احتمالية تراجع أوروبا عن سياساتها التنظيمية الصارمة خشية ردود فعل أميركية قوية. دعا أندي ين الاتحاد الأوروبي إلى الاستمرار في حماية مصالحه، مشيرًا إلى أن أميركا والصين لطالما لعبتا بأوراق غير عادلة في المجال التكنولوجي.
الذكاء الاصطناعي كميدان تنافس جديد
ظهرت فكرة “السيادة في الذكاء الاصطناعي” كموضوع رئيسي في قمة التكنولوجيا. يشير هذا المفهوم إلى تطوير بنية تحتية محلية تدعم الذكاء الاصطناعي بطريقة تعكس القيم واللغات الأوروبية.
تحديات هيمنة مايكروسوفت
تواصل مايكروسوفت تعزيز موقعها في الذكاء الاصطناعي، مما أثار مخاوف الشركات الناشئة من آثار احتكارية. على سبيل المثال، رفع أسعار خدمات Bing Search API أثر على قدرة الشركات الأصغر على المنافسة. كريستيان كرول، الرئيس التنفيذي لمحرك البحث Ecosia، أكد أن الاعتماد على تقنيات مايكروسوفت يضعف الابتكار المحلي.
قوانين الذكاء الاصطناعي في أوروبا
قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي الجديد يفرض متطلبات شفافية صارمة على الشركات، مما يحد من الهيمنة الأميركية على هذا المجال. ومع ذلك، يظل تأثير هذه القوانين على التعاون الدولي مع الولايات المتحدة غير واضح، خاصة مع التغيرات السياسية المقبلة.
تعزيز القوة الأوروبية في المستقبل
أهمية التعليم والابتكار
أكد توماس بلانتينغا، الرئيس التنفيذي لتطبيق Vinted، على ضرورة اتخاذ قرارات استراتيجية لضمان قدرة أوروبا على المنافسة. وشدد على أهمية الاستثمار في التعليم والابتكار للحفاظ على ريادة القارة.
بناء التحالفات
التعاون بين الدول الأوروبية ضروري لتشكيل قوة جماعية قادرة على مواجهة التحديات العالمية. دون هذا التعاون، قد تجد أوروبا نفسها في موقف ضعيف في الساحة التكنولوجية الدولية.
في النهاية
تواجه أوروبا تحديات كبيرة في ظل الهيمنة الأميركية على التكنولوجيا. ومع ذلك، تملك القارة فرصة حقيقية لتعزيز مكانتها من خلال سياسات جريئة واستثمارات استراتيجية. الوقت الآن مناسب للتحرك، لضمان مستقبل تقني مستقل ومتطور يلبي احتياجات الشعوب الأوروبية.