سياسة

صراع داخل حزب ترامب.. معارضة قوية لترشيحات الرئيس في مجلس الشيوخ

مع اقتراب تشكيل الحكومة المقبلة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، تتصاعد المخاوف داخل الحزب الجمهوري بشأن بعض الترشيحات الوزارية المثيرة للجدل التي أعلنها الرئيس الجديد، الذي على الرغم من تمتعه بأغلبية واضحة داخل مجلس الشيوخ، فإن معارضة قوية بدأت تظهر من داخل معسكره، مما يضيف مزيدًا من التعقيد على مسار تشكيل حكومته المقبلة.

تتمحور هذه المعارضة حول شخصيات بارزة داخل الحزب، حيث تتجلى الخلافات بين الأعضاء الذين يمثلون الجناح اليميني وأولئك المعتدلين، مما يعكس انقسامًا داخليًا عميقًا، فالسيناتورة ليزا موركوفسكي من ولاية ألاسكا، التي تشتهر بمواقفها المستقلة، كانت من أوائل المعارضين لترشيح النائب السابق مات جايتس من ولاية فلوريدا لمنصب وزير العدل.

وقالت موركوفسكي بشكل واضح، إن «الترشيح لا يبدو جادًا»، مضيفةً «نحتاج إلى شخص أكثر خبرة وجدية لإدارة وزارة العدل دون أن نشكك في مستقبل النظام القضائي».

أما فيما يتعلق بروبرت إف. كينيدي جونيور، فأثار ترشيحه أيضًا لمناصب حكومية كبرى جدلًا واسعًا.

يُعرف كينيدي بنشاطه في مجال الصحة العامة، لكنه أصبح أيضًا رمزًا لحركة مناهضة اللقاحات، فمواقفه المثيرة للجدل حولها، بما في ذلك ادعاءاته بوجود روابط بين اللقاحات وبعض المشكلات الصحية مثل التوحد، جعلت السيناتورة سوزان كولينز من ولاية مين، وهي من الوجوه المعتدلة في الحزب، تُعبّر عن صدمتها من ترشيحه.

وعدت كولينز أن دعم شخص «لديه مواقف متطرفة بهذا الشكل قد يضر بسمعة وزارة الصحة العامة»، مما يعكس قلقًا عميقًا من تأثير ترشيحه على الوحدة الوطنية في القضايا الصحية.

ورغم أن العديد من الدراسات العلمية والمنظمات الصحية العالمية، مثل منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها «CDC»، نفت بشكل قاطع الربط بين اللقاحات والتوحد، فإن كينيدي جونيور ما يزال يقود حركة تحاول نشر الشكوك حول سلامة اللقاحات.

أصوات مؤثرة من داخل الحزب

ولا تقتصر المعارضة الجناح المعتدل، بل تشمل أيضًا الجناح اليميني داخل الحزب الجمهوري، حيث عبَّر السيناتور جون كيرتس من ولاية يوتا، الذي يُعتبر من أبرز الأصوات الوسطية في الحزب، عن قلقه من ترشيح جايتس، مؤكّدًا أنه «من الصعب أن نرى دعمًا كافيًا لهذا الترشيح».

وشدد كيرتس على ضرورة أن يكون هناك توافق داخلي على الترشيحات بدلًا من اتباع إرادة الرئيس وحده، ومن المنطلق ذاته، عبّر السيناتور بيل كاسي من ولاية لويزيانا عن استياءه من مواقف كينيدي جونيور، مشيرًا إلى أن الأفكار التي يروج لها حول اللقاحات قد تهدد مستقبل الصحة العامة في الولايات المتحدة.

وتتعمق الأزمة أكثر مع ترشيح جايتس، حيث انبرى السيناتور جون كورنين من ولاية تكساس للدعوة إلى كشف كامل للتحقيقات التي تجريها لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب بشأن جايتس، في إشارة إلى الاتهامات التي تورط فيها، قائلًا «إذا تم التحقق من أي دليل على تورطه في فضيحة قد يصبح عبئًا كبيرًا على الرئيس».

وتزيد هذه التصريحات من تعقيد الموقف السياسي لترامب، وتجعل ترشيح جايتس في دائرة الشك.

حيث إن السيناتور ميتش ماكونيل من ولاية كنتاكي، الذي يعد من أبرز قادة الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ، أبدى أيضًا تحفظًا في موقفه تجاه بعض الترشيحات الوزارية، مشيرًا إلى ضرورة «دراسة متأنية» لبعض الأسماء التي تم طرحها في المناصب الحساسة مثل وزارة الدفاع ومديرية الاستخبارات الوطنية، وعلى الرغم من كونه حليفًا قويًا لترامب في الماضي، فإن ماكونيل يبدو حريصًا على ضمان أن الحكومة المقبلة تتمتع بالكفاءة السياسية والعسكرية التي تواجه تحديات العالم الراهن.

تصويت حاسم

ورغم أن ترامب يستطيع تحمل معارضة ثلاثة أصوات داخل مجلس الشيوخ دون التأثير الكبير على ترشيحاته، فإن معارضة أربعة سيناتورات من ذوي النفوذ قد تكون كفيلة بإفشال أي ترشيح.

وبالتالي، فإن التصويت النهائي في مجلس الشيوخ سيكون اختبارًا حقيقيًا لمدى قوة المعارضة داخل الحزب الجمهوري، ومدى قدرة ترامب على تجاوز هذه العقبات. إذا تمكنت المعارضة من حشد المزيد من الدعم من أعضاء مؤثرين في المجلس، قد يجد ترامب نفسه في مواجهة صعوبة كبيرة في تمرير اختياراته الوزارية.

ويعكس هذا الصراع الداخلي في الحزب الجمهوري التحديات التي سيواجهها الرئيس المنتخب في تشكيل حكومته المقبلة، إذ أن التحولات السياسية داخل الحزب قد تؤدي إلى صعوبة كبيرة في تحقيق التوازن بين أجندة ترامب وبين مطالب جناحي الحزب المتباينين.