تتزايد المخاوف بشأن سياسة الرئيس ترامب في ولايته الثانية، ويخشى البعض من أنها قد تجلب الفوضى نتيجة للعديد من القرارات التي من المتوقع أن يتخذها الرئيس الأمريكي بمجرد أن تطأ قدماه البيت الأبيض.
ولا يخفى على أحد أن سياسة ترامب ستكون مختلفة عن سلفه بايدن، وهو بنفسه أعطى بعض الملامح عنها خلال برنامجه الانتخابي عندما كان مرشحًا، ومن بينها الانعزالية المتوقع أن تكون عليها الولايات المتحدة.
ومن بين ملامح سياسته المتوقعة أيضًا، رفضه للحروب التي من شأنها جر الولايات المتحدة إلى المواجهة المباشرة وغير المباشرة، كما أنه مولعًا بالديكتاتوريين أو الرجال الأقوياء، بخلاف أنه لا يؤمن بالاحتباس الحراري.
وتجد وسائل الإعلام صعوبة في تقييم السياسة الخارجية لترامب، خصوصا وأن ولايته تأتي في وقت تسود فيه الصراعات العالم، وتُعيق الكثير من الصعوبات تحقيق السلام.
وهذه السلسة من الأزمات العالمية التي فشلت إدارة بايدن في حلها ستكون أمام سنياريوهين، أحدهما الأفضل وهو استمرارها، أما السيناريو الأسوأ فهو احتدام تلك الصراعات.
الأزمات العالمية بين إدارتين
في ظل سياسة ترامب التي من المقرر أن تجلب المزيد من الفوضى، تساءلت شبكة CNN عن تداعيات السياسة الأمريكية المقبلة، وهل تنجح في محو أخطاء الإدارة السابقة.
ولكن من أجل المقارنة سياسة ترامب وبايدن، لا بد من تسليط الضوء على طبيعة الولايتين، إذ سيطر الهدوء على ولاية ترامب التي شهدت بعض الأحداث مثل تقنين الهجرة والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
كما تم خلال عهد ترامب القضاء على داعش والسماح لتركيا بالتوغل في شمال سوريا، وزيادة التقارب مع الرئيس بوتين.
لكن لم تتخلل فترة ولاية ترامب سوى خطوة جريئة واحدة كانت السماح باغتيال القائد الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020، والتي كانت مفاجئة للكثيرين.
على الناحية الأخرى، كانت فترة ولاية بايدن مشحونة بالعديد من الأزمات والصراعات ومن أبرزها الغزو الروسي لأوكرانيا، ثم أحداث 7 أكتوبر في فلسطين والأراضي المحتلة، وانضمام إيران ولبنان للحرب.
العلاقات بين ترامب ونتنياهو
من المرجح أن تستمر العلاقات القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل في عهد ترامب والتي يستفيد منها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ولكن ترامب لديه أهداف تتمثل في الحد من المساعدات التي تقدمها واشنطن لحلفائها، رغبة منها في منع تورطها في أي صراع، خصوصًا بعد التأثيرات السلبية لهذه الحرب على أداء الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية.
وبعد أن حقق نتنياهو بعضًا من أهدافه في لبنان وغزة، ستكون الولايات المتحدة أقل استعدادًا لمساعدته في تجاوز أي محنة قادمة.
الاهتمام بالملف الإيراني
إيران هي إحدى القضايا المًلحة التي سيتعين على ترامب أن يوليها اهتمام عاجل، خصوصًا بعد أن أصبحت طهران تمتلك خبرة في شخصية الرئيس الحالي الذي لديه من الجرأة ما يدفعه للعصف بالمعايير الدولية.
وربما تواجه إيران رد فعل عنيف من الولايات المتحدة إذا فكرت في امتلاك سلاح نووي، وقد تكون الخطوة الأمريكية استباقية وبدعم إسرائيلي.
وسيكون على إيران الآن التعامل مع رئيس يزعم أنها حاولت قتله في الماضي، وهذا الرئيس لا يخشى خوض حرب معها.
العلاقات الصينية – الأمريكية
تبرز الصين في واجهة المتضررين الأكبر من سياسيات ترامب المستقبلية، خصوصًا بعد أن قدم مقترحًا خلال برنامجه الانتخابي برفع التعريفة الجمركية على السلع الصينية الواردة إلى الولايات المتحدة، ما يهدد بتصعيد الحرب التجارية بينهما.
من ناحية أخرى ستظل قضية تايوان محل تهديد مستمر للصين، وما إذا كان هناك احتمال لمواجهة مباشرة على الأرض مع الولايات المتحدة كان لوّح بها بايدن خلال ولايته.
المصير الغامض للدعم المقدم لأوكرانيا
من بين القرارات الأولى التي تحتمل مخاطرة من ترامب هي الدعم المقدم إلى أوكرانيا، والذي قال عنه في السابق إنه سيمنعه أو يحد منه.
كما أن أي اتفاق لإنهاء الحرب تتوسط فيه الولايات المتحدة سيفرض على كييف تقديم تنازلات إقليمية، ووقف إطلاق للنيران يسمح لروسيا بترتيب أوراقها ما يُشكّل خطرًا على الأمن الأوروبي.
ولكن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يعلم جيدًا أن إنهاء الحرب أمر لا مفر منه، خصوصًا عندما يفقد الدعم العسكري اللازم لانتصاره، وفي ظل فقدانه أراضيه بسهولة لصالح روسيا، وعندما يُصبح الأمر أكبر من قدرة الناتو على الاستمرار.
ولذلك يبقى السؤال: هل يقبل الغرب والناتو بصفقة يقترحها رئيس أمريكي تجمعه علاقة وثيقة ببوتين، وهل يخاطر الرئيس الروسي برفض اتفاق ترامب الذي ربما يعتبره الأخير إهانة شخصية؟.
والإجابة حاليًا ليست واضحة، ولكنها في نفس الوقت لا تبشر بالخير بالنسبة لكييف، بخلاف أن تولي ترامب الرئاسة لمرة أخرى لن يمحو تلك الأزمات العالمية التي سيكون على الولايات المتحدة أن تتعامل معها بحذر أكبر.