على غرار الأفلام الدرامية، انتهى سباق التحدي الذي خاضه ترامب من أجل العودة إلى البيت الأبيض، بفوز تاريخي على منافسته كامالا هاريس في الانتخابات التي أُجريت أمس.
وقرر الشعب الأمريكي منح ترامب فرصة جديدة ليتولى زمام البلاد لمدة 4 سنوات أخرى، بعد أن أسفر التصويت عن فوزه بـ279 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي، مقابل 224 صوتًا لهاريس.
وكان الطريق إلى البيت الأييض بالنسبة لترامب مليء بالأشواك، فمن ناحية يواجه الرئيس الفائز بولاية ثانية عدة قضايا جنائية، كما أنه تعرض لمحاولتي اغتيال قبل أشهر قليلة من يوم الاقتراع.
وعلى الرغم من أن فرز الأصوات لا زال جاريًا، إلا أن الفجوة في حجم التصويت لا زالت لصالح ترامب، وتؤكد أن الأمريكيين اختاروا التصويت لصالحه.
وربما كان تفوق ترامب في الحديث عن قضايا الاقتصاد والهجرة في مقابل الأداء الباهت لهاريس في تلك النواحي، هو ما ساعد على فوزه.
انتصار بعد سقوط
يأتي فوز ترامب بعد خسارته للسباق الرئاسي في عام 2020 أمام بايدن، وهو أمر شكك فيه الرئيس الحالي كثيرًا بل وحاول عرقلة تسليم السلطة وقتها.
كما أن ترامب يواجه حاليًا اتهامات بالتحريض على أعمال العنف في أعقاب انتخابات 2020، ومن بينها اقتحام مبنى الكابيتول، في 6 يناير 2021.
على الجانب الآخر ربما يدخل ترامب التاريخ باعتباره أول رئيس متهم في قضايا جنائية ومنها تزوير سجلات تجارية.
ولكن كيف فاز ترامب بالانتخابات الرئاسية؟
قضايا الاقتصاد والهجرة
بشكل عام لا يحظى ترامب بتأييد مطلق من قبل الناخبين، إذ إن حتى المصوتين الذين أدلوا بأصواتهم لصالحه لا يزال لديهم اعتراضات على شخصه وخطاباته.
وأعرب أغلب الناخبين عن أمنياتهم بأن يغلق ترامب فمه، ولكنهم يحاولون التغاضي عن ذلك وركزوا في المقابل على أوضاعهم الاقتصادية التي قال الكثير منهم إنها كانت أفضل قبل 4 سنوات.
وعبر الناخبون عن استياءهم من التضخم وارتفاع الأسعار، الذي بالرغم من أنه يُعد أحد تداعيات وباء كوفيد-19، إلا أنهم أيضًا ألقوا باللوم على الإدارة السابقة.
أما من ناحية الهجرة كان الناخبون قلقون من التدفقات التي بلغت مستويات قياسية من المهاجرين في عهد بايدن.
ورغم أنهم لم يعبروا عن أي آراء عنصرية تجاه المهاجرين مثلما فعل ترامب وأنصاره عندما قال إنهم يأكلون الحيوانات الأليفة، إلا أنهم أرداوا المزيد من التدقيق على الحدود.
شعار “أمريكا أولا”
لعب ترامب على وتر حساس لدى الأمريكيين عندما اختار شعار “أمريكا أولًا”، في وقت يشتكي فيه الأمريكيين من مليارات الدولارات التي تُقدم كمساعدات إلى أوكرانيا فيما يحتاج إليها الداخل الأمريكي.
وهذه النقطة بالتحديد ساهمت في توجيه بوصلة الناخبين إلى ترامب، لأن اختيار هاريس التي شغلت منصب نائب الرئيس في عهد بايدن طوال السنوات الأربعة الماضية سيكون بمثابة العودة للمربع صفر.
في النهاية أراد الناخبون الشعور بالتغيير عندما انتخبوا ترامب، على الرغم من أن جسر التغيير كان نفسه رئيسًا للبلاد قبل 4 سنوات.
ولكن هاريس قالت إن انتخاب ترامب فيه مجازفة بالديمقراطية الأمريكية، فيما قال ترامب للناخبين إن دولتهم كانت فاشلة طوال 4 سنوات، ولا يمكنه سوى جعلها عظيمة مرة أخرى.
ماذا عن التهم الجنائية؟
فيما يتعلق بالتهم الجنائية التي يواجهها ترامب، فبعد قرار المحكمة العليا بأن ترامب يتمتع بالحصانة الكاملة من الملاحقة القضائية فيما يخص الأفعال الرسمية التي قام بها خلال تواجده في منصبه.
وفي هذه الحالة، سيكون من الصعب على أي مدعي عام أن يدفع بتورط ترامب في أي تهم.
وبما أنه أصبح الرئيس، فيمكن لترامب أن يأمر وزارة العدل بإسقاط التهم الفيدرالية الموجهة إليه فيما يتعلق بأعمال الشغب في 6 يناير حتى لا يضطر إلى القلق بشأن عقوبة السجن.
في الوقت نفسه، يمكنه العفو عن مئات الأشخاص المحكوم عليهم بالسجن لدورهم في أعمال الشغب في الكابيتول.
ترامب هو ترامب
مع استعادة ترامب لمنصب الرئيس مرة أخرى، من المرجح أن تكون تلك الولاية فرصة لتنفيذ مخططاته التي لم يمتلك الوقت الكاف لإنجازها خلال الولاية الأولى.
ولكن من المتوقع أن يجد الناخبون أن الكثير مما قاله ترامب كان مجرد تصريحات فضفاضة، خصوصًا مع استمرار تبنيه لنظرية المؤامرة والتشكيك فيما هو ضده.
من ناحية أخرى حذر العديد من المستشارين الذين عينهم ترامب في ولايته الأولى وانشقوا عنه، من أن الرئيس سيقوم بتعيين موالين له في فترته الحالية ولذلك لن يجد من يمنعه من تنفيذ أفكاره المتطرفة.
المصدر: BBC