عبر بعض المراقبون عن مخاوف من امتداد الحرب الإسرائيلية على غزة، إلى بقاء طويل الأمد، في ظل غياب استراتيجية واضحة للاحتلال للخروج من القطاع.
ويقول الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، جيورا إيلاند، إن الاحتلال قد يضطر للبقاء طويلًا في غزة إذا لم يستغل مقتل زعيم حركة حماس يحيى السنوار لإبرام اتفاقية لإنهاء الحرب.
ويُعد إيلاند من أبرز المنتقدين لسياسة الاحتلال في غزة، خصوصًا يعد عودة بعض القوات إلى مناطق في الشمال هذا الشهر، والتي تم “تطهيرها” -بحسب قولهم – بالفعل مرتين من قبل.
غياب الإجراءات الحاسمة للاحتلال
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، عادت قوات الاحتلال للمرة الثالثة إلى مخيم جباليا وما يحيط بها، وهي مخيم شهير للاجئين، منذ بداية الحرب في أكتوبر الماضي.
ويعتقد مسؤولون أمنيون أن جيش الاحتلال يخاطر ببقاء مفتوح في القطاع يتطلب وجود دائم للقوات، في ظل عدم اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة.
وقال الجنرال يوم توف ساميا، رئيس القيادة الجنوبية السابق للجيش الإسرائيلي، لإذاعة “كان” العامة: “إن الحكومة الإسرائيلية تتصرف في معارضة تامة لمفهوم الأمن الإسرائيلي”.
وتضمن خطة الهجوم على جباليا نقل نحو 45 ألف مدني من المخيم والمناطق المحيطة به، بغرض استهداف المقاتلين.
ولكن تلك العملية العسكرية تعرضت لانتقادات عديدة بسبب العدد الكبير من القتلى المدنيين الذي أسفرت عنه، وهو ما لحقها دعوات متزايدة للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية للمنطقة.
وإيلاند هو صاحب اقتراح عزل منطقة شمال غزة بعد إخلائها من المدنيين، بهدف محاصرة مقاتلي حماس وقطع إمدادات المياه والغذاء عنهم.
وقد أثارت التحركات الإسرائيلية هذا الشهر اتهامات فلسطينية بأن الجيش تبنى خطة إيلاند، التي تصورها كإجراء قصير الأمد لمواجهة حماس في الشمال.
ولكن الفلسطينيين يرون أنها تهدف إلى تطهير المنطقة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة للجيش بعد الحرب.
خطة مزدوجة
من جانبه، ينفي جيش الاحتلال أنه ينفذ خطة إيلاند في شمال غزة، كما يقول إيلاند أيضًا أن ما يحدث حاليًا لا يشبه خطته.
وقال ايلاند إن جيش الاحتلال ربما قرر اتباع خطة مزدوجة في جباليا، تجمع بين استراتيجية للهجوم العسكري وجزء من خطته.
وعلى الرغم من أن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يؤكد منذ بداية الحرب أنه لا ينوي البقاء في غزة وأن خطته تستهدف القضاء على مقاتلي حماس وتحرير الرهائن، إلا أنه لا يوجد حتى الآن ملامح واضحة لتلك الخطة.
ويثير الأمر التساؤلات خصوصًا مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة عامها الثاني، وفي ظل العدد الكبير من الضحايا المدنيين الذي وصل إلى نحو 43 ألف قتيل أغلبهم من النساء والأطفال في القطاع.
ولكن ما كان واضحًا خلال الفترة الماضية، هو الخلاف بين نتنياهو وزير دفاعه يوآف غالانت، والذي يعكس خلاف واضح بين الحكومة والجيش الذي كان يفضل التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب منذ فترة طويلة.
وفي غياب استراتيجية متفق عليها، تخاطر إسرائيل بالبقاء محاصرة في غزة في المستقبل المنظور، كما يقول عوفر شيلح، مدير برنامج أبحاث سياسة الأمن القومي الإسرائيلي في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب.
ولفت شيلح إلى أن الوضع الحالي أصبح خطيرًا، وأن الاحتلال يخاطر بأن يُصبح الحاكم الفعلي في غزة.
تكلفة الحرب
غياب الاستراتيجية الواضحة للخروج من غزة لن يتسبب في بقاء طويل فقط للاحتلال في القطاع، بل إنه سيكلفها المزيد من الخسائر في ظل فتح جبهات أخرى للحرب.
ومنذ أكثر من شهر دخلت قوات الاحتلال في مواجهات مباشرة مع حزب الله في لبنان، وشن الاحتلال عملية اجتياح بري لجنوب البلاد على خلفية هجمات متبادلة مع إيران.
ونتيجة لذلك تقلص عدد الفرق العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى فرقتين فقط، مقارنة بخمس فرق في بداية العدوان، نتيجة لتوجيه أغلب القوات إلى جنوب لبنان.
وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية فإن كل فرقة من فرق جيش الاحتلال تضم ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف جندي.
ويزعم جيش الاحتلال أن الكتائب الخمس والعشرين التي قدرت حماس أنها كانت تمتلكها في بداية الحرب قد دمرت منذ فترة طويلة، وأن نحو نصف القوة، أو نحو 17 ألفاً إلى 18 ألف مقاتل، قد لقوا حتفهم.
ولكن مجموعات من المقاتلين ما زالت مستمرة في تنفيذ غارات خاطفة على القوات الإسرائيلية.
في خضم ذلك، أعلن مكتب نتنياهو يوم الخميس، أن وفدًا من المفاوضين سيتجه إلى قطر هذا الأسبوع لإحياء المحادثات المتوقفة بشأن وقف إطلاق النار.
ولكن الوضع المبهم لإدارة حماس بعد مقتل السنوار يجعل مصير هذه المفاوضات أو حتى إمكانية قبول المشاركة فيها غير واضح حتى الآن.
ونفى نتنياهو وجود أي خطط للبقاء في غزة أو السماح للمستوطنين الإسرائيليين بالعودة، وهو ما يخشى الكثير من الفلسطينيين في ظل سيطرة العديد من اليمنيين المتشددين على حكومته والذي يؤيدون ذلك بشدة.
المصدر: رويترز