شهدت لبنان مساء أمس الثلاثاء موجة من الانفجارات غير المسبوقة التي هزت مناطق عدة في أنحاء البلاد، ناتجة عن انفجار أجهزة البيجر الخاصة بجماعة حزب الله.
وأسفرت الانفجارات عن مقتل 11 شخصًا وإصابة ما يزيد عن 4 آلاف شخص
وبحسب ما قالته حزب الله، فإن الانفجارات بدأت في تمام الساعة 3:30 مساءً بالتوقيت المحلي، وهو هجوم مستهدف خططت له إسرائيل.
وقالت وكالة روتيرز إن الانفجارات التي استمرت لأكثر من ساعة، ألحقت الأضرار بوحدات ومؤسسات حزب الله المختلفة.
وتنوعت الإصابات ما بين تهتك في الأصابع وجروح في البطن والعينين، وعمت الفوضى في أجزاء كبيرة من البلاد.
وفتحت جماعة حزب الله تحقيقًا موسعًا في الحادث في محاولة للوقوف على أسباب انفجار أجهزة البيجر للاستدعاء التي اشترتها قبل أشهر قليلة.
كيف حدثت الانفجارات؟
وتُشير أصابع الاتهام بشكل أساسي إلى إسرائيل التي تعيش حالة من التوترات مع حزب الله منذ بداية الحرب في غزة في 7 أكتوبر الماضي.
ويُعتقد أن جهاز الموساد هو المتورط الأول في الانفجارات، بعد أن قام بزرع شريحة في الأجهزة التي تنتجها شركة تايوانية خلال مراحل الإنتاج.
ووصف مسؤول في الجماعة أن الانفجارات هي أكبر اختراق أمني لحزب الله منذ حرب غزة، فيما رفضت وزارة دفاع الاحتلال التعليق وفق موقع WIRED.
وترجح بعد الآراء أن الانفجارات نتجت عن اختراق رقمي لأجهزة البيجر تسبب في رفع درجة حرارة بطارية أجهزة النداء ومن ثم انفجارها.
وبحسب ما ذكرته هيئة الإذاعة اللبنانية، فإن التقارير الأولية تُشير إلى أن خادم أجهزة النداء البيجر تعرضت للاختراق، وبموجبه تم تثبيت برنامج نصي يسبب زيادة التحميل، وبالتالي رفع درجة حرارة الجهاز الذي يحتوي بطارية ليثيوم أيون، ما تسبب في انفجاره.
ولكن وفق الصور التي تم تداولها لتداعيات الانفجارات والخسائر وكذلك الإصابات تجعل من الصعب اعتماد تلك الفرضيات، إذ إن انفجار بطارية الليثيوم أيون لن يؤدي إلى مثل تلك الانفجارات على نطاق واسع.
ليست مجرد بطارية!
يقول نائب رئيس قسم البحث والتطوير في شركة هانتر ستراتيجي، جيك ويليامز، إن تلك الانفجارات لا يمكن أن تحدث من مجرد بطاريات.
وقال إنه وفق التقارير فإن التخمين الأقرب هو أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمكنت من اعتراض تلك الأجهزة وزرعت بداخلها مواد متفجرة.
وأشار إلى أن هذا يسلط الضوء على مخاطر أمن سلسلة التوريد، وخاصة في الأماكن التي يصعب فيها شحن التكنولوجيا.
وقال ويليامز إن مثل هذه العملية تتطلب تواطؤ من جانب موزع التقنية وكذلك من جانب المشتريات في حزب الله.
ويقول: “إنك تعرض سلسلة التوريد للخطر، ولكنك لا تريد أن تنتشر الآلاف من أجهزة الاتصال المتفجرة في أنحاء لبنان. فالجاسوس يوصلها إلى الأشخاص المناسبين بالضبط”.
وبحسب تقاير فإن حزب الله لجأ مؤخرصا لهذ النوع من أجهزة النداء لأنها نخفضة التقنية، وكان يحاول من خلالها تجنب أي اختراقات أمنية قد تحدث باستخدام أجهزة الاتصال الأخرى.
وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن “مسؤولا مجهولا في حزب الله” قال إن الجماعة اعتمدت مؤخرا “نوعا جديدا” من أجهزة النداء “التي تسخن أولا ثم تنفجر”.
اختراق
ويرجح المستشار المستقل وزميل الأبحاث الزائر في قسم دراسات الحرب في كلية كينجز لندن، لوكاس أوليجنيك، فرضية وجود اختراق ساهم في زرع المتفجرات داخل أجهزة البيجر لإحداث هذا التأثير.
ويقول مايكل هورويتز، رئيس الاستخبارات في شركة إدارة المخاطر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “لو بيك إنترناشونال”، إنه إذا كان الهجوم يعتمد على سلسلة التوريد، فقد يستغرق الأمر سنوات للتحضير له، ويتضمن التسلل إلى أحد الموردين ووضع متفجرات داخل أجهزة استدعاء جديدة.
ووصف هورويتز هذا الانفجار بأنه يُعد بمثابة اختراقًا أمنيًا كبيرًا، وذلك حال إثبات أن الشحنة تم تفخيخها، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا في رأيه.
وهذا يعني أن إسرائيل نجحت في اختراق مزودي حزب الله إلى الحد الذي مكنها من تسليم مئات (إن لم يكن آلاف) الأجهزة المستخدمة في الاتصالات الآمنة”.
وتأتي تلك الحادثة في أعقاب سلسلة من الأحداث التصعيدية بين إسرائيل وحزب الله، ضمن التوترات المتصاعدة بين الطرفين منذ بداية الحرب في غزة.
ويتوقع هورويتز أن تلك الانفجارات ربما تكون مقدمة لهجوم أوسع نطاقًا كان الهدف منه هو تعطيل شبكات الاتصالات التابعة لحزب الله.
وربما كان يستهدف الهجوم أيضًا إظهار مدى الاختراق الذي يمكن أن تقوم به أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وسيترتب على ذلك استبدال أعداد كبيرة من تلك الأجهزة لدى حزب الله.
ويقول هورويتز: “إنها عملية عالية القيمة ولا يجوز استخدامها فقط للتسبب في الإصابات”.
المصدر: Wired