في الوقت الذي يركّز فيه العالم على الأوضاع المتردية في غزة جراء الحرب الإسرائيلية، تزداد الأوضاع اشتعالًا في الضفة الغربية.
واعترفت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأربعاء الماضي، بأنها شنت أوسع هجوم لها في الضفة الغربية خلال العام الماضي تزامنًا مع بداية الحرب بين إسرائيل وحماس.
وأسفرت الغارات الجوية التي شنتها قوات الاحتلال على جنين وطولكرم عن مقتل ما لا يقل عن 15 شخصًا حتى الآن.
ولم تقتصر الهجمات على جيش الاحتلال فقط، بل تصاعد العنف بشكل كبير من قبل المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي المحتلة سواء في الضفة الغربية أو القدس الشرقية، إذ يستهدفون المدنيين الفلسطينيين والبنية التحتية.
وتزعم إسرائيل أن هجماتها في الضفة الغربية الهدف منها هو وقف المزيد من الهجمات الإرهابية على أراضيها، وفي المقابل يرى القادة الفلسطينيون أن العنف لن يؤدي إلا لمزيد من تدهور الأوضاع.
من جانبه دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إسرائيل إلى وقف عمليتها على الفور، قائلا إنها تطور “مقلق للغاية”.
عن الضفة الغربية
يُطلق مسمى الضفة الغربية على المنطقة الواقعة بين الأراضي المحتلة من إسرائيل والأردن، ويعيش بها 3.3 مليون فلسطيني تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي.
وبجانب الفلسطينيين، يعيش مئات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين الذين بدأوا حركة الاستيطان هناك منذ نحو 57 عامًا.
كانت بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في أعقاب حرب الأيام الستة عام 1967، ودخلت حينها الضفة الغربية والقدس الشرقية من جهة الأردن، وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء من مصر، ومرتفعات الجولان من سوريا.
وتزعم إسرائيل أن لليهود الحق التوراتي والأجدادي في هذه الأرض.
وبدأت إسرائيل بعد ذلك في بناء المستوطنات غير القانونية والمخالفة للقانون الدولي بغرض إنشاء مجتمعات إسرائيلية، وتقع معظمها في الضفة الغربية.
وخلال تسعينيات القرن الماضي، بدأت إسرائيل والفصائل الفلسطينية محادثات سلام بهدف منح الاستقلال للفلسطينيين والمعروفة باسم اتفاقية أوسلو.
وبموجب تلك المحادثات تم إنشاء حكومة فلسطينية مؤقتة تعرف باسم السلطة الفلسطينية، ومقرها مدينة رام الله بالضفة الغربية، مع سيطرة اسمية على الضفة الغربية وغزة، ولكن تلك المحادثات لم تستمر.
وفي الوقت الحالي، تسيطر السلطة الفلسطينية فقط على 18% من الصفة الغربية، فيما تخضع 22% منها لسيطرة مشتركة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
أما الـ 60% المتبقية من الصفة تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، وهي المنطقة التي تضم أغلب المستوطنات اليهودية.
وفي عام 2005، خرجت إسرائيل بشكل كامل من غزة، سواء جنود أو مستوطنين، وفي عام 2007 سيطرت حماس على القطاع.
وفي يوليو الماضي، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيًا قالت فيه إن وجود إسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانوني، داعية إسرائيل إلى إنهاء احتلالها المستمر منذ عقود.
الأوضاع حاليًا في الضفة الغربية
لم تكن الأوضاع هادئة في الضفة الغربية طوال السنوات الماضية، ولكن مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تصاعدت التوترات.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، قتلت قوات الاحتلال 652 فلسطينيًا في الضفة الغربية والقدس الشرقية، من بينهم 150 طفلاً، إلى جانب 5400 مصاب، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
من ناحية أخرى تستمر هجمات المستوطنين الإسرائيليين على المدنيين الفلسطينيين دون عقاب أو محاسبة.
وفي فبراير الماضي، قام المستوطنون بأكبر هجمة على الفلسطينيين منذ سنوات في بلدة حوارة، على خلفية قتل مسلح فلسطيني لاثنين من المستوطنين الإسرائيليين.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، اقتحم أكثر من 70 مستوطنًا مسلحًا بلدة جيت، وأطلقوا الرصاص والغاز المسيل للدموع على السكان الفلسطينيين وأضرموا النار في العديد من المنازل والسيارات وغيرها من الممتلكات.
وأمام تلك الهجمات لم يُبد أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية من أمثال وزير المالية سموتريش أي رد فعل عقابي تجاه المهاجمين، بل قالوا غضوا أيصارهم عما يحدث.
ووفق تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، نفذ المستوطنون نحو 1270 هجومًا للمستوطنين ضد الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر.
وأمام تلك الهجمات العنيفة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عدد من المستوطنين الإسرائيليين على خلفية أعمال العنف في الضفة الغربية، من خلال حجب أصولهم المالية ومنعهم من دخول الولايات المتحدة.
وتُبدي الولايات المتحدة مرارًا قلقها من تصاعد أعمال العنف من قبل المتطرفين في الضفة الغربية، قائلة إن الأمر يؤثر على أمن إسرائيل نفسها.
ماذا تريد إسرائيل؟
تزعم إسرائيل أن شمال الضفة الغربية، بما في ذلك جنين وطولكرم، شهد صعودًا للجماعات المسلحة الفلسطينية، مدعوماً بما تقول إنه حملة إيرانية لتوزيع الأسلحة هناك.
يأتي ذلك في الوقت الذي تتصاعد قوة الجماعات المسلحة في الضفة الغربية، والتي تضم الشباب المحبطين الذين نشأوا تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي.
وأدانت السلطة الفلسطينية، الأربعاء الماضي، الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية، واصفة إياها بـ “حرب إبادة جماعية”.
المصدر: CNN