سياسة

الفوضى تعم بريطانيا في أسوأ حالة منذ عقد من الزمن

الفوضى تعم بريطانيا في أسوأ حالة منذ عقد

تسببت أعمال العنف التي يقودها اليمين المتطرف والمعادين للمهاجرين في المملكة المتحدة، في حالة من الفوضى لم تشهدها البلاد منذ أكثر من عقد من الزمن.

وبدأت الاحتجاجات في أواخر الشهر الماضي، بعد حادث طعن أسفر عن مقتل 3 أطفال في منطقة ساوثبورت، شمال إنجلترا.

ومع نهاية الأسبوع الماضي، أشعل محرضون تابعون لليمين المتطرف في الفنادق التي تؤوي طالبي اللجوء في مدينتين، فيما قام بعض مثيري الشغب في مدن أخرى بإتلاف المباني واشتبكوا مع الشرطة وحطموا سياراتهم.

وفي خضم تلك الأحداث ألقت قوات الشرطة القبض على المئات من مثيري الشغب، وتم حشد نحو 6 آلاف ضابط استعدادًا لمزيد من أعمال العنف اليوم.

وبعد الاجتماع الثاني للجنة الاستجابة للطوارئ الحكومية، طمأن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قائلًا إن أعمال العنف من المرجح الانتهاء من التعامل معها خلال أسبوع.

وحذر ستارمر المشاركين في أعمال الشغب من أن قوة القانون ستتصدى لهم.

وقالت هيئة الادعاء العام في المملكة المتحدة يوم الثلاثاء إن ممثلي الادعاء وجهوا بالفعل اتهامات لنحو 100 شخص بشأن الاضطرابات العنيفة.

وبحسب وكالات إعلام بريطانية فإنه تم إصدار أحكام بشأن بعض مثيري الشغب الذين شاركوا في الفوضى خلال الأسبوع الماضي، وبعضهم حُكم عليه بالسجن لفترات طويلة وصلت لـ3 سنوات.

وتُعد تلك الأحداث هي الأزمة الأولى التي يواجهها ستارمر بعد تولي منصبه قبل شهر، على خلفية فوز حزب العمال على المحافظين.

وبالتالي بات ستارمر تحت المجهر، وسيتعرض لتدقيق ومراقبة لخطواته وتصرفاته خلال الفترة المقبلة من قبل المشرعين والجمهور.

الفوضى تعم بريطانيا في أسوأ حالة منذ عقد
سيارة تحترق خلال احتجاج مناهض للهجرة في ميدلسبره يوم الأحد

حرب شوارع

خلال أيام الجمعة والسبت والأحد الماضيين، تجمع العديد من المحتجون في شوارع الكثير من المدن في جميع أنحاء المملكة، وكان يبدو أنهم عازمون على إثارة الشغل وإحداث الفوضى والعنف.

وكانت بداية التجمعات في صورة مسيرات مناهضة للهجرة، والتي جرى تنظيمها مسبقا عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها سرعان ما تحولت لأعمال عنف.

وأضرم المتظاهرون النار في فندقين من سلسلة هوليداي إن في بلدة روثرهام بشمال إنجلترا وفي تامورث في منطقة ميدلاندز بوسط إنجلترا، ويعتقد أنهما يأويان طالبي لجوء ينتظرون قرارا بشأن طلباتهم.

وتعمد مثيرو الشغب في تامورث، إتلاف الممتلكات من خلال إحراقها وتحطيم النوافذ ما أٍفر عن إصابة ضابط شرطة، كما استخدموا طفايات الحريق وألواح من الخشب ضد قوات الشرطة وأشعلوا النيران بالقرب من الفندق.

كما وقعت أعمال عنف في العديد من المدن الأخرى، كانت أغلبها في شمال إنجلترا، وأسفر ذلك عن اعتقال أكثر من 370 شخصًا، وهو عدد يحتمل الزيادة خلال الفترة المقبلة.

ووصف ستارمر ما حدث بأنه “بلطجة اليمين المتطرف”، مؤكدًا أن مجتمعات الأقلبات بما فيها المسلمة لها الحق في الأمان.

الفوضى تعم بريطانيا في أسوأ حالة منذ عقد
خريطة توضح أماكن انتشار أعمال الشغب في جميع أنحاء المملكة المتحدة

أسباب الفوضى

كان حدث طعن الفتيات الثلاثة هو الشرارة التي حرضت اليمين المتطرف على استغلالها ونشر معلومات مضللة حولها، بما فيها أن منفذ الهجوم المشتبه فيه من المهاجرين.

وكان الغرض من ذلك هو حشد الغضب تجاه مجتمع المسلمين والمهاجرين، على الرغم من تأكيد الشرطة أن المشتبه به ولد في بريطانيا.

ولكن الخطاب المناهض للمهاجرين انتشر بشكل كبير في بريطانيا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما غذى تلك الأحداث العنيفة التي وقعت نهاية الأسبوع الماضي.

كما أن خسارة حزب الإصلاح – الذي يقوم برنامجه الانتخابي على معاداة الهجرة – في الانتخابات العامة التي جرت الشهر الماضي لعبت دورًا في تأجيج العنف، وخصوصا بعد أن حصل على المركز الثالث من حيث الأصوات.

وفي حين أن زعيم الحزب، نايغل فاراج، أدان أعمال الشغب، إلا أنه أكد في نفس الوقت التعامل مع الهجرة غير المنضبطة التي قال إنها ساهمت في تفكيك مجتمعهم.

ولكن المشرعين في حزب المحافظين انتقدوا تصريحات فاراج، كما انتقدوا مواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت في نشر خطاب الكراهية من خلال السماح لشخصيات يمينية متطرفة مثل تومي روبنسون من التغريد من خلالها.

الفوضى تعم بريطانيا في أسوأ حالة منذ عقد
اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين من اليمين المتطرف في مانشستر

المتورطون في أعمال الشغب

انتشرت خطط للمشاركة في تجمعات عنيفة على تطبيقات المراسلة مثل تيليجرام قبل عدة أيام من انعقادها، لتشجيع المشاركين على إخفاء وجوههم، أو استخدام لغة مشفرة تثير الغضب تجاه الهجرة دون الدعوة صراحة إلى العنف.

وتم تداول قائمة طويلة بمواقع مراكز الهجرة في مختلف أنحاء البلاد في مثل هذه المجموعات قبل ليلة من الاضطرابات المتوقعة يوم الأربعاء.

وتم رصد رجلًا مُدان بالانتماء إلى النازية في عام 2018، وسط المحتجين خلال الأيام الماضية في ساوثبورت، حسبما نشرت قناة “آي تي في نيوز”.

وكان لشخصيات بارزة في الدوائر اليمينة المتطرفة دورًا كبيرًا في تشجيع الاحتجاجات المناهضة للمهاجرين عبر الإنترنت، مستخدمين خطابات مناهضة للمسلمين.

المصدر: CNN