دفعت حادثة اغتيال زعيم المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، اليوم الأربعاء، لتزايد المخاوف من تصاعد المواجهات بين إيران وإسرائيل.
وكان هنية في إيران لحضور حفل تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان، والتقى خلال زيارته المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس الإيراني، قبل ساعات من اغتياله.
وتشهد العلاقات بين إيران وإسرائيل توترات تاريخية مستمرة حتى الآن، والتي تفاقمت خلال الأشهر القليلة الماضية في أعقاب الضربات المتبادلة التي شنتها كلا منهما على الأخرى.
وكانت إيران شنت هجومًا بالطائرات بدون طيار قبل أسابيع على تل أبيب، ردًا على استهداف إسرائيلي لقنصلية طهران في دمشق والذي أسفر عن مقتل ضباط إيرانيين بارزين.
وتأتي تلك الأحداث المتزايدة في ظل حرب غزة التي زادت من حدة التوترات بين الطرفين، وهو ما ينظر إليه مراقبون باعتباره صراع مؤجل ينتظر الوقت المناسب للانفجار.
ولكن هل يكون اغتيال هنية الشرارة التي تشعل المواجهة؟
يقول رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، محمد محسن أبو النور، إن اغتيال هنية سيترتب عليه تداعيات متلاحقة في سلسلة الصراع بين إيران وإسرائيل.
وأضاف في منشور عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، أن تنفيذ عملية الاغتيال في إيران يكشف عن تداعي أمني عميق في قلب البلاد، مشيرًا إلى أنه لو كان الحادث تم في أي مكان آخر خارج طهران، كان يمكن أن يمر مرورًا عاديًا.
وقال: “سيتعين على إيران أن ترد على هذا الحادث جبريًا في تلك أبيب، وهي قادرة على ذلك، وإلا تحملت خسارة سياسية هائلة أمام كل شركائها وداعميها داخليا وإقليميا ودوليا”.
ولفت أبو النور إلى أن اغتيال أهم شخصية في المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل في إيران، ينال من إيران أكثر بكثير مما ينال من حماس؛ لأنه يهز الصورة الذهنية لإيران بعنف أمام داعميها ومناصريها بالداخل والخارج.
وأشار أبو النور إلى دلالة توقيت عملية الاغتيال، والذي يتزامن مع اليوم الأول للإصلاحي مسعود بزشكيان كرئيس لإيران، مفسرًا ذلك بأنه رغبة من إسرائيل لعرقلة خطوات الرئيس الجديد نحو أمريكا وإبعاده عن البيت البيض بقدر الإمكان.
وتابع: “إذن الزمان والمكان لهما أكبر الأثر في هذه العملية الإسرائيلية ومن اتخذ هذا القرار في تل أبيب يعرف أن إيران لن تتسامح مع مثل هذا العمل ولا يمكن لها أن تكتمه في كبدها أو تمرره تحت أي ظرف؛ لأن حماية الضيف أهم من حماية أصحاب البيت”.
وقال أبو النور إن الرد الإيراني أمرًا لا مفر منه، وهو ما سيعقد مسيرة المفاوضات الإيرانية -الأمريكية، وهو هدف وضعه بزشكيان في أولوية أجندته الانتخابية خلال فترة رئاسته المقرر إنتهاؤها في 2028.
على الجانب الآخر، ستعقد تلك الأحداث مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة المترتب عليها تحرير الرهائن.
وأضاف: “طريقة الاغتيال بصاروخ موجه إلى جسد هنية وهو في غرفة نومه الساعة الثانية صباحا بتوقيت طهران تشير إلى أن هناك اختراقا أمنيًا إلى أعمق الأعماق في طهران”.
وستفتح إيران مجبرة تحقيقًا أمنيًا على أعلى مستوى للعثور على الثغرات الاستخباراتية وكشف المتعاون في إتمام عملية الاغتيال، وهي بالمناسبة سبق وأعدمت مسؤولا في الحرس الثوري لتعاونه مع إدارة ترامب في اغتيال قاسم سليماني، وفق المتخصص في الشأن الإيراني.
واختتم أبو النور قائلًا: “الحدث ضخم وليس له صلة بنظرية المؤامرة، ولا بد من التعامل معه بذكاء وانتظار نتائج التحقيقات التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني حاليًا”.