عاش الاحتلال الإسرائيلي ساعات طويلة من الفوضى منتصف هذا الأسبوع بعد أن اقتحم متظاهرون من اليمين، بتشجيع من السياسيين القوميين المتطرفين من الائتلاف الحاكم، قاعدة عسكرية يُحتجز فيها فلسطينيين يُزعم أنهم ينتمون لحركة حماس، بالإضافة لقاعدة أخرى تستضيف محكمة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال.
تسبب هذا الفعل بانغماس الاحتلال في الاضطرابات الداخلية وانشغال مؤسسة الدفاع والنظام السياسي بالانقسام الداخلي عن الحرب على جبهات متعددة.
والأهم من ذلك، أن هذه الأحداث من المرجع أن تؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل مجتمع الاحتلال وإضعاف جيشه وسط الحرب في غزة.
الاحتلال يتفكّك
وصفت صحف إسرائيلية اضطرابات يوم الإثنين بأنها بداية النهاية للاحتلال، حيث يرى المحللون أنها ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الداخلية التي يمر بها منذ أن شكل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حكومته اليمينية في عام 2022.
بدأت الأحداث عندما اعتقلت الشرطة العسكرية التابعة لجيش الاحتلال 9 من جنود الاحتياط الذين خدموا في وحدة “القوة 100” في قاعدة “سدي تيمان” العسكرية.
تم استخدام سدي تيمان كمنشأة احتجاز لمسلحي حماس، كما تم إحضار المشتبه بهم الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي في غزة إلى القاعدة للاستجواب.
وركزت تقارير في الصحافة الدولية على انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في القاعدة، والتي أطلقت عليها بعض منظمات حقوق الإنسان اسم “غوانتانامو الإسرائيلي”.
وكان جيش الاحتلال قد بدأ في إغلاق مركز الاعتقال في الأسابيع الأخيرة بعد أن واجه انتقادات دولية كبيرة.
كما استأنفت منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية أمام المحكمة العليا في البلاد بشأن الانتهاكات المزعومة في القاعدة.
بدأت تحقيقات الشرطة العسكرية في تصرفات جنود الاحتياط التسعة قبل أسابيع بعد أن تم نقل أحد نشطاء حماس الذي كان محتجزًا في المنشأة إلى المستشفى بعد معاناته من نزيف.
وخلص الطبيب الذي فحصه إلى أنه يعاني من إصابات لا يمكن أن يلحقها بنفسه.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن جنود الاحتياط اعتقلوا بسبب انتهاكات بحق السجناء شملت الاعتداء الجنسي والاغتصاب.
وعندما وصلت وحدة الشرطة العسكرية إلى القاعدة، تصدى لها عدد من جنود الاحتياط ورفضوا الحضور للاستجواب.
وبعد نشر التقارير الأولية ومقاطع الفيديو عن مداهمة الشرطة العسكرية على وسائل التواصل الاجتماعي، أصدر الوزيران القوميان المتطرفان إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريش والعديد من الوزراء من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو بيانات تدين الاعتقالات.
وقالوا إن القيادة العليا للجيش الإسرائيلي أذلت الجنود الذين يواجهون الإرهابيين وأخبروا أنصارهم أنهم يأتون إلى القاعدة للاحتجاج على الاعتقالات.
بعد فترة وجيزة، وصل مئات المتظاهرين إلى القاعدة، من بينهم العديد من المشرعين من حزب بن غفير وحزب سموتريتش اليميني المتطرف، واقتحموا القاعدة التي يُحتجز فيها العشرات من معتقلي حماس، وغادروا القاعدة بعد عدة ساعات عندما تبين أن جنود الاحتياط الذين تم اعتقالهم لم يعودوا هناك.
انتقل المتظاهرون بعد ذلك إلى قاعدة عسكرية أخرى تقع على بعد 30 دقيقة شمال تل أبيب والتي تستضيف مقر الشرطة العسكرية ومركز احتجاز تابع للجيش الإسرائيلي ومحكمة تابعة للجيش الإسرائيلي. واقتحموا المحكمة وحاولوا اقتحام مركز الاحتجاز لإطلاق سراح جنود الاحتياط.
وحسب “أكسيوس” تشير الأحداث الفوضوية إلى مدى تشجيع القوميين المتطرفين في ظل سلطة الاحتلال.
وتشير الصحيفة الأمريكية أن الأحداث علامة على تفكك التسلسل القيادي لجيش الاحتلال والقانون والنظام الداخلي للجيش، بتشجيع من السياسيين القوميين المتطرفين الذين وصفوا الجيش على مدى سنوات بأنه مؤسسة “ليبرالية” وقالوا إنه جزء من “دولة عميقة” تحتاج إلى ليتم تفكيكها.
المصادر