دخلت الحرب في السودان عامها الثاني وسط تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد التي تعاني بالأساس، واشتداد المعارك المسلحة بسبب الصراع على السلطة.
ودعا رئيس الوزراء السوداني الأسبق عبد الله حمدوك، اليوم الأربعاء، بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة في البلاد، حيث يواجه أكثر من 25 مليون شخص المجاعة والجوع.
ووصف حمدوك في لقاء مع صحيفة “ذا ناشيونال” الأوضاع في السودان قائلًا: “الناس قد يموتون من الجوع أكثر من الرصاص”.
لماذا اندلعت الحرب في السودان؟
كانت المعارك اندلعت في العاصمة السودانية الخرطوم في 1 أبريل 2023، في صراع دامي بين الجيش الوطني بقياد الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تتبع محمد حمدان دقلو المعروف بـ “حميدتي”.
وتأسست قوات الدعم السريع على يد الزعيد السابق عمر البشير، والذي كان يهدف من خلالها لقمع التمرد في دارفور المستمر منذ 20 عامًا بسبب التهميش السياسي والاقتصادي.
وبدأت المواجهة بين البرهان وحميدتي منذ عام 2019، عندما تعاون الجانبان بهدف الإطاحة بنظام البشير، ولاحقًا بدأت الخلافات تدب بينهما على خلفية الانتقال إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية، وقال محللون أن المواجهة كانت أمر حتمي.
وأشار حمدوك في لقائه إلى أن الحرب على أشدها في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور المحاصرة منذ أسابيع، بما يُهدد بـ “كارثة تفوق الخيال”.
وتتصاعد الاشتباكات في دارفور الواقعة في غرب وجنوب غرب السودان والتي يقطنها نحو 9 ملايين نسمة، باعتبارها معقل زعيم قوات الدعم السريع حميدتي.
كما أن معظم العناصر في قوات الدعم السريع ينحدرون من تلك المنطقة ومن قبيلة الرزيقات التي ينتمي إليها حميدتي.
وعلى مدار سنوات، قامت قوات الدعم السريع بالعديد من أعمال العنف وإثارة الرعب في دارفور، إلى جانب أعمال عنف عرقية ضد بعض المجتمعات مثل المساليت، دون وجود محاسبة.
فاتورة الحرب
تعتبر الأم المتحدة الصراع في السودان بمثابة “أحد أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ الحديث”، محذرة في نفس الوقت من مجاعة محتملة قد تكون الأكبر في العالم.
إلى جانب ذلك شهد السودان منذ بداية الحرب أسوأ أزمة نزوح في العالم، والتي دفعت ما يزيد عن 8 ملايين شخص للنزوح داخليًا وعبر الحدود.
كما فر ما يقرب من 2 مليون شخص إلى البلدان المجاورة هربًا من القتال، مما زاد الضغوط على تشاد وجنوب السودان.
وأدى نقص التمويل في البلاد إلى تعرّض 3 ملايين شخص من الجوع الشديد، في ظل غياب المساعدات من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
وتعاني تشاد أيضًا من نقص ممائل في التمويل، ما يعني أن الدعم المقدم لجميع اللاجئين البالغ عددهم 1.2 مليون لاجيء سيتوقف.
وحذر مسؤولون من برنامج الأغذية العالمي من أن نحو 28 مليون شخص في مختلف أنحاء المنطقة يواجهون انعداماً حاداً للأمن الغذائي، منهم 18 مليوناً في السودان، و7 ملايين في جنوب السودان، ونحو 3 ملايين في تشاد.
وقبل الحرب كان هناك 3 ملايين سيدة وفتاة تتعرض للعنف القائم على النوع الاجتماع، وتطور الأمر خلال الحرب من خلال استخدام الاغتصاب كسلاح بين الطرفين.
وفيما يخص التعليم، تُشير التقديرات إلى أن الحرب حرمت نحو 19 مليون طفل من الالتحاق بالمدارس في السودان.
وفي أحدث تصريحاته، قال حمدوك إن عدد النازحين وصل إلى 10 ملايين شخص منذ بداية القتال، في ظل معاناة تفوق الخيال.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أمس الثلاثاء، إن الصراع في السودان أجبر أكثر من 600 ألف لاجئ معظمهم من النساء والأطفال على الفرار إلى تشاد.
وأضافت المفوضية أن المؤشرات لا تُشير إلى أن أعداد النازحين تتراجع، خصوصًا وأن هناك 630 شخصًا عبروا الحدود يوميًا في مايو.
وأشارت إلى أن ثلث الوافدين الجدد إلى تشاد يعيشون حالياً في “ظروف مزرية” في مواقع عشوائية على طول الحدود.
وحتى الآن، أسفر الصرع عن مقتل 16 ألف شخص في السودان، بخلاف الدمار ووالأوضاع الإنسانية الصعبة ، بحسب أرقام الأمم المتحدة.