أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يقوم بزيارة إلى كوريا الشمالية، اليوم الثلاثاء، وهي الأولى من نوعها منذ 24 عامًا، ما يبرز التعاون الوثيق بين البلدين الذي بدأ مؤخرًا.
وتأتي الزيارة التي تستغرق يومين، بمثابة رحلة خارجية نادرة لبوتين منذ الغزو الروسي في فبراير 2022، كما أنها مهمة للرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والذي لم يستقبل أي زعيم في بيونغ يانغ وهي إحدى إحدى العواصم الأكثر عزلة سياسيًا في العالم، منذ جائحة كوفيد-19.
وبحسب ما نشرته صحيفة رودونج سينمون الناطقة باسم حزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية، أشار بوتين إلى تطور العلاقات بين البلدين خلال العقود السبعة الماضية، والتي كان أساسها المساواة والاحترام المتبادل والثقة.
وقال مساعد رئيس الدولة يوري أوشاكوف للصحفيين إن الزيارة ستشمل محادثات ثنائية بين الزعيمين، بالإضافة إلى حفل موسيقي كبير، واستقبال رسمي، وتوقيع وثائق، وبيان لوسائل الإعلام، بحسب وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء.
أجندة الزيارة
يسعى بوتين من وراء زيارته لكسب دعم بيونغ يانغ في حربه ضد أوكرانيا، وتعزيز الشراكة بين القوتين المشتركتان في العداء مع الغرب.
وتعهد بوتين بالاتفاق مع كيم لبناء أنظمة تجارية وأمنية لا تخضع لسيطرة الغرب، إلى جانب تعهده بالدعم الثابت لكوريا الشمالية، حسبما نقلت وسائل الإعلام الرسمية في البلاد.
وقال بوتين: “سنقاوم بشكل مشترك القيود الأحادية غير المشروعة، ونبني بنية للأمن المتساوي وغير القابل للتجزئة في أوراسيا”.
وقال مستشار بوتن للسياسة الخارجية، يوري أوشاكوف، إن الزيارة قد تشمل توقيع اتفاقية للتعاون الأمني بين البلدين.
وتقدم بوتين بالشكر إلى كوريا الشمالية على دعمها لروسيا في حربها في أوكرانيا، وتعهد بكامل الدعم لها في الدفاع عن مصالحها على الرغم من الابتزاز والتهديدات العسكرية الأمريكية عليها.
وأشار إلى أن الاتفاق لا يستهدف دول بعينها، ولكنه يعمل على توطيد العلاقات بين البلدين، بناءً على التطورات السياسية والاقتصادية والأنية التي شهدتها الدولتان خلال الأعوام الأخيرة.
من جانبها نشرت وسائل الإعلام الكورية مقالات تؤكد الدعم الكامل لروسيا في حربها على أوكرانيا، ووصفتها بـ “المقدسة” بالنسبة لجميع الروسيين.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية في تعليق لها “إن الشعب الكوري سيكون دائما إلى جانب الحكومة والشعب الروسي، ويقدم الدعم الكامل والتضامن في نضالهم للدفاع عن السيادة الوطنية والمصالح الأمنية”.
اتهامات
من جانبها جددت وزارة الخارجية الأمريكية على لسان وزيرها ماثيو ميلر، الإثنين الماضي، إلى كوريا الشمالية بدعمها لروسيا من خلال مدها بعشرات الصواريخ الباليستية وأكثر من 11 ألف حاوية من الذخيرة لاستخدامها في أوكرانيا.
وقال ميلر إن الوضع الروسي اليائس في ساحة المعركة يدفعه للاستعانة بكوريا الشمالية وإيران لمساعدة في التعويض عن المعدات التي فقدها في الحرب.
وعبر مراقبون من مخاوفهم من أن تكون روسيا تنتهك العقوبات الدولية من خلال مساعدة حليفتها كوريا الشمالية في تطوير برنامج الأقمار الصناعية العسكرية الناشئ.
وبدورها نفت كلا من بيونغ يانغ وموسكو تلك الاتهامات.
وأعلنت روسيا التزامها بتقديم الدعم الإنساني والاقتصادي والعسكري والتجاري لبيونغ يانغ، كما أنها تحاول دائمًا منع أي جهود في مجلس الأمن من شأنها فرض عقوبات جديدة على حليفتها.
وتأتي زيارة بوتين بعد أخرى قام بها كيم في سبتمبر الماضي إلى أقصى شرق روسيا، تفقد خلالها مصنعًا بإنتاج الطائرات المقاتلة ومنشأة لإطلاق الصواريخ.
ويأتي ذلك أيضًا في الوقت الذي تظل فيه التوترات مرتفعة في شبه الجزيرة الكورية وسط تزايد القلق الدولي بشأن نوايا الزعيم الكوري الشمالي مع تصعيده للغة الحربية وإلغاء سياسة طويلة الأمد تتمثل في السعي إلى إعادة التوحيد السلمي مع كوريا الجنوبية.
انعكاسات الزيارة
يرى مسؤول الأمن القومي الأمريكي السابق، فيكتور تشا، الذي يعمل الآن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن القمة تُعد بمثابة تهديد كبير للأمن القومي الأمريكي منذ الحرب الكورية.
وقال في تقرير صادر يوم الإثنين، إن العلاقات المتجذرة بين البلدين والتي تشهد تطورًا خلال الوقت الحالي، تعمل على تقويض أمن أوروبا وآسيا والأراضي الأميركية.
ودعا تشا واشنطن إلى العمل مع أوروبا والشركاء الآخرين لزيادة الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على بيونغ يانغ، والتواصل مع الصين، وإطلاق حملة إعلامية كبيرة لحقوق الإنسان لإغراق كوريا الشمالية المنعزلة بوسائل الإعلام الخارجية.
وتفرض الأمم المتحدة على كوريا الشمالية عقوبات قوية منذ عام 2006، على خلفية البرامج الصاروخية والنووية التي تنفذها، وهي إجراءات يتم تعزيزها من فترة لأخرى.
ولكن مجلس الأمن كان منقسمًا طوال السنوات الماضية حول كيفية التعامل مع بيونغ يانغ، وتسعى روسيا والصين لمنع فرض المزيد من العقوبات وتخفيف تلك التدابير.
وقدمت موسكو وبكين مقترحًا لرفع العقوبات عن كوريا الشمالية في عام 2019، ولكنهما لم يطرحاه للتصويت في مجلس الأمن.
وفي مايو 2022، استخدم الزعيمان حق النقض ضد حملة تقودها الولايات المتحدة لفرض المزيد من عقوبات الأمم المتحدة على كوريا الشمالية بسبب تجدد إطلاق الصواريخ الباليستية.
وفي مارس من هذا العام، استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” ضد تجديد لجنة الخبراء التي تراقب تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة.
وترى كل من الصين وروسيا أن التدريبات العسكرية المشتركة التي تجريها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تستفز الجارة الشمالية، فيما تتهم واشنطن بكين وموسكو لحماية وتشجيع كوريا الشمالية من المزيد من العقوبات.
ومن المقرر أن يزور بوتين فيتنام خلال يومي 19 و20 يونيو المقبلين، في أعقاب رحلته إلى كوريا الشمالية.