ثقافة

حين قام القرامطة بسرقته.. نظرة على التاريخ الأليم للحجر الأسود

​​يوجد الحجر الأسود في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة من الخارج، وهو مبدأ الطواف ومنتهاه، ويرتفع عن الأرض مترًا ونصفًا، وهو أسود اللون ذو تجويف أشبه بطاس الشرب.

وتذكر كتب السير والتاريخ بناء قريش للكعبة المشرفة قبل مبعث النبي – صلى الله عليه وسلم -، حيث نصبه – صلى الله عليه وسلم – بيديه الشريفة في موضعه الذي فيه، وبقي منصوبًا في مكانه لم يطرأ عليه تغيير، حتى وقع الحريق العظيم في الكعبة المشرفة في حصار جيش الحصين ابن نمير لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، فتصدع الركن من الحريق ثلاث فرق، فشده ابن الزبير بالفضة، حسبما يفيد الموقع الرسمي للهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

ويضيف الموقع في تقرير منشور: “وفي سنة تسع وثمانين ومائة لما اعتمر أمير المؤمنين هارون الرشيد ورأى الفضة قد رقت ولقلقت حول الحجر حتى خافوا على الركن أن ينقض، أمر بالحجارة التي بينها الحجر الأسود فثقبت بالماس من فوقها وتحتها، ثم أفرغت فيها الفضة، وكان الذي عمل ذلك ابن الطحان مولى ابن المشمعل، وبقيت الفضة هذه إلى عهد الأزرقي أي إلى ما قبل 250هـ، كما ذكر في تاريخه.

حادثة القرامطة

وتذكر كتب التاريخ أيضًا أنه في سنة 317هـ حدثت فتنة عظيمة، وحادثة شهيرة، قام بها القرامطة، وهم من الباطنية، وهؤلاء قوم تبعوا طريق الملحدين، وجحدوا الشرائع، وقد فصل ابن الجوزي القول في عقائدهم وأعمالهم الشنيعة في كتابه المنتظم. وكان من هؤلاء أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد حسن بن بهرام القرمطي الجنابي الأعرابي.

وأغار على مكة يوم التروية من سنة 317هـ والناس محرمون، فقتل الحجيج حول الكعبة وفي جوفها، وردم زمزم، كما قتل غيرهم في سكك مكة وما حولها، زهاء ثلاثين ألفًا من غير الحجيج، وسلب كسوة الكعبة وجردها، وأخذ بابها، وحليتها وقبة زمزم، وجميع ما كان فيها من آثار الخلفاء والتي زينوا بها الكعبة.

وقيل: “دخل قرمطي سكران على فرس، وضرب الحجر بدبوس فتكسر، وقيل إن الذي ضرب الحجر الأسود بالدبوس أبو طاهر بنفسه، وأقام بمكة أحد عشر أو اثنى عشر يومًا، واقتلع الحجر الأسود من موضعه، وأخذه إلى بلده هجر، وطلع رجل منهم البيت ليقلع الميزاب، فلما صار عليه سقط، فاندقت عنقه، فقال القرمطي: لا يصعد إليه أحد، ودعوه. فترك الميزاب، ولم يقلع، وقيل: إنه هلك في نقل الحجر تحته أربعون جملاً، فلما أعيد كان على قعود ضعيف فسمن”.

وقيل: إنه أراد أخذ المقام فلم يظفر به؛ لأن سدنة المسجد الحرام غيبوه في بعض شعاب مكة، فتألم بفقده، فعاد عند ذلك على الحجر الأسود، فقلعه له جعفر بن أبي علاج البَنَّاء المكي بأمر القرمطي بعد صلاة العصر من يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة.

من أعاده؟

​وبقي موضع الحجر من الكعبة خاليًا، والحجر عند القرامطة نيفًا وعشرين سنة، يضع الناس فيه أيديهم للتبرك، وهلك أبو السنة.لجدري في رمضان سنة 339هـ ثم ردوه إلى المسلمين لخمس خلون من ذي القعدة من نفس السنة.

وقال ابن فهد في حوادث سنة 339هـ: “فلما كان يوم الثلاثاء يوم النحر وافى سنبر بن الحسن القرمطي مكة، ومعه الحجر الأسود، فلما صار بفناء الكعبة ومعه أمير مكة أظهر الحجر الأسود من سفط وعليه ضباب فضة، قد عملت من طوله وعرضه، تضبط شقوقًا قد حدثت عليه بعد انقلاعه، وأحضر معه جمعًا يشهدون، فوضعه سنبر بيده، ويقال: إن الذي أعاد الحجر مكانه بيده حسن بن المرزوق وشده الصانع بالجص، وقال سنبر: أخذناه بقدر الله تعالى، ورددناه بمشيئة الله. ويقال: إنه قال: أخذناه بأمر وأعدناه بأمر. ونظر الناس إلى الحجر، فتبينوه وقبلوه واستلموه وحمدوا الله تعالى.

اقرأ أيضاً: