يدخل العدوان الإسرائيلي على غزة شهره التاسع اليوم، وسط استمرار لتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع المتداعي.
وتعاني أغلب الأسر من انعدام الأمن الغذائي وعدم توفر المياه النظيفة، إلى جانب التواجد في خيام مكتظة بالنازحين وانتشار التلوث.
وبحسب ما نشرته شبكة CNN عن رسالة أحد النازحين ويُدعى رائد رضوان، قال الأب الذي يعيش مع زوجته وابنه البالغ من العمر 3 أشهر، إنهم يكافحون من أجل الحصول على المساعدة.
وقال الأب الفلسطيني: “لا يمكننا إلا تناول وجبة واحدة فقط يوميًا وشرب المياه الملوثة، لقد نجونا من الموت بالصواريخ والقصف، ولكن هل سنموت من المجاعة؟”.
ووفق وكالة الأمم المتحدة وتشغيل اللاجئين “الأونروا” فإن هناك أكثر من 75% من السكان نزحوا، وتسبب القصف الإسرائيلي في تدمير الأحياء والبنية التحتية واستنزاف إمدادات الغذاء والمياه والوقود.
وأدى الهجوم الإسرائيلي إلى مقتل ما لا يقل عن 36,654 فلسطينيًا وإصابة 83,309 آخرين، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
وتتهم الأمم المتحدة السلطات الإسرائيلية بفرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات إلى القطاع، مثل إغلاق الطرق البرية وقطع الاتصالات، في الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل أنه لا توجد قيود على كمية المساعدات التي تدخل غزة.
إغلاق المعابر
حاول سكان القطاع طوال الشهور الماضية التأقلم مع حجم المساعدات الضئيل الذي يدخل من معبر رفح، لكن ما ساهم في تفاقم الأزمة هو سيطرة قوات الاحتلال على المعبر خلال الشهر الماضي.
وقالت وكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة إن الهجمات المستمرة منعت الوصول إلى مستودعها الرئيسي في رفح منذ 9 مايو، مما أجبرها على تعليق التوزيع هناك لمدة شهر تقريبًا.
وعبرت الوكالة عن قلقها تجاه سكان الجنوب إذ أعاق إغلاق المعبر الذي يُعد المنفذ الرئيسي للمساعدات من وصول الإمدادات للمنطقة.
وعلى غرار وكالة الأغذية أوقفت منظمة “وورلد سينترال كيتشن” غير الربحية التي تقع في الولايات المتحدة عملها في رفح بشكل مؤقت وانتقلت إلى الشمال.
بالإضافة إلى ذلك، تعرضت الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإنشاء ممر بحري إلى القطاع لضربة قوية بعد بضعة أسابيع فقط من العمل، عندما تعرض رصيف مؤقت بقيمة 320 مليون دولار لأضرار في البحار العاصفة قبالة ساحل غزة، وفقا للبنتاغون، ويخضع الرصيف لإصلاحات في ميناء أشدود الإسرائيلي.
وبناءً على ذلك تراجع حجم المساعدات التي تدخل غزة بنسبة 67%، أي بما يعادل 58 شاحنة تدخل القطاع يوميًا في الفترة بين 7 و28 مايو، مقارنة بـ500 شاحنة يومية في الفترة التي سبقت الحرب، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وقالت مسؤولة الاتصالات في الأونروا، لويز ووتردج، إنه منذ السيطرة على معبري رفح وكرم أبو سالم تغير كل شيء، ولم يعد هناك منافذ أخرى لوصول المساعدات.
وترتب على ذلك تكدس لشاحنات الإغاثة بكميات كبيرة على الحدود، خصوصًا في ظل عمليات التفتيش المستمرة من قبل السلطات الإسرائيلية على الشاحنات التي تدخل القطاع، وسط مزاعمها بأنها ربما تُستخدم من قبل حماس.
وقالت الوكالة الإسرائيلية التي تدير تدفق المساعدات إلى غزة، مطلع هذا الشهر، إن أكثر من 1000 شاحنة تنتظر أن تلتقطها الأمم المتحدة على الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم – متهمة الأمم المتحدة بالفشل في تنسيق دخول المركبات إلى غزة.
لكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن القتال المستمر والعرقلة المنهجية عند نقاط العبور التي تسيطر عليها إسرائيل هي السبب الأول وراء عدم وصول المساعدات.
وقال ووتردج إن صعوبة الوصول إلى المساعدات بسبب العمليات العسكرية المكثفة على الجانب الغزاوي يُعد إهدارًا كاملًا للمساعدات الإنسانية الحيوية.
مجامعة شاملة
تأتي تلك التطورات في الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة في مايو الماضي، أن الفلسطينيين في الشمال على شفا “مجاعة شاملة” وهي آخذه في الانتشار إلى الجنوب.
وحذر تقرير أممي آخر هذا الأسبوع من أن أكثر من مليون شخص، أي نصف سكان غزة، “من المتوقع أن يواجهوا الموت والمجاعة” بحلول منتصف يوليو المقبل، في الوقت الذي يكافح فيه المدنيون للعثور على ما يكفي من الغذاء وسط ندرة الإمدادات في السوق وارتفاع الأسعار.
وتُشير تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن هناك 7 آلاف طفل تحت سن الخامسة تم تشخيصهم بمرض سوء التغذية.
ويقول مدير برنامج منظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين غير الحكومية، محمود شلبي، إن تآكل مخزون المساعدات يفرض ضغطًا على العمال لتوفير الاحتياجات اللازمة للأسر.
وبحسب العاملين في مجال حقوق الإنسان فإن عدم توفير ممرات آمنة لشاحنات المساعدات وتضرر الطرق من الهجمات الإسرائيلية والمخاوف الأمنية بسبب العمال العدائية تضع الكثير من العراقيل أمام وصول المساعدات للنازحين.
وأثارت الهجمات الإسرائيلية على قوافل المساعدات إدانة شديدة من جانب جماعات حقوق الإنسان، ولفتت الانتباه إلى الشكوك الغربية المتزايدة بشأن الحرب الإسرائيلية في غزة.
المصدر: CNN