أعلنت أيرلندا وإسبانيا والنرويج، اليوم الأربعاء، نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في 28 مايو الجاري، داعية الدول الغربية الأخرى لاتخاذ خطوات مماثلة.
وعلى أثر ذلك الإعلان استدعت إسرائيل سفراءها في تلك الدول للوقوف على أسباب تلك الخطوات المفاجئة، محذرًا من “عواقبه الوخيمة”.
لماذا اعترفت الدول الثلاث بفلسطين؟
وفق ما أعلنه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أمام مجلس نوابه، فإن تلك الخطوة تهدف إلى تسريع عملية وقف إطلاق النار في غزة، ضمن الحرب التي تشنها إسرائيل منذ أكتوبر الماضي على القطاع.
وأضاف: “نأمل أن يساهم اعترافنا وأسبابنا في دفع الدول الغربية الأخرى إلى اتباع هذا المسار، لأنه كلما زاد عددنا، زادت قوتنا لفرض وقف إطلاق النار، لتحقيق إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس”.
بدوره أعلن رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس القرار في مؤتمر صحفي في دبلن.
ولفت في نفس الوقت إلى أن دولته تعترف بحق إسرائيل في أن تعيش في أمان وسلام، داعيًا إلى الإفراج عن جميع الرهائن.
من جانبه قال رئيس الوزراء النرويجي، يوناس جار ستور، إن الحل السياسي الوحيد الذي يضمن أن تعيش فلسطين وإسرائيل في أمان هو حل الدولتين.
ردود فعل
مثلت تلك الخطوة ضربة لإسرائيل التي حذرت في أعقاب القرار من أنها لن تتهاون مع من يقوّض سيادتها ويعرض أمنها للخطر.
من ناحيتها، رحبت السلطة الفلسطينية التي لديها حكم ذاتي محدود في الضفة الغربية بالقرارات الغربية الخاصة بالاعتراف بدولة فلسطين.
وتعترف 144 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة بفلسطين، ولكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي فلا يزال عدد كبير من أعضائه غير معترفين بها وأغلبهم من الدول الشيوعية السابقة.
وأشارت بريطانيا وأستراليا ومالطا العضو في الاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة إلى أنها قد تتخذ خطوات مماثلة بالاعتراف بفلسطين.
وحتى الآن لا تعترف الولايات المتحدة وهي الحليف الأبرز لإسرائيل بفلسطين، والتي تمتلك الحق في الاعتراف “الفيتو” في الأمم المتحدة، واستخدمته الشهر الماضي عند التصويت على انضمام فلسطين كعضو دائم.
إسرائيل نحو عزلة دولية أكبر!
لا جدال في أن هناك العديد من الدول التي تعترف بدولة فلسطين، ولكن الاعتراف الثلاثي بفلسطين كان له ثقله وتأثيره الدولي، خصوصًا وأن معظم دول أوروبا الغربية جاهدت من أجل منع قرارات مشابهة.
وتنبع أهمية اعتراف النرويج كونها المضيف الذي احتضن الاجتماعات السرية في عام 1993، التي انتهت إلى اتفاقات أوسلو في إطار عملية السلام التي كانت تستهدف حل الصراع بين إسرائيل وفلسطين.
وتُصنف النرويج على أنها أحد الأصدقاء لإسرائيل، ولكن منذ العدوان الإسرائيلي على غزة، أدانت أوسلو بشدة السلوك الإسرائيلي في الحرب.
من ناحية أخرى واصلت النرويج تمويلها إلى منظمة الأونروا التي تهتم بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، في الوقت الذي توقفت فيه دول عدة عن ذلك.
وبالمثل، أدانت أيرلندا الممارسات الإسرائيلية في القطاع منذ اليوم الأول للحرب، كما أدانت هجوم حماس على الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تتواجد المستوطنات الإسرائيلية.
وقال رئيس الوزراء الأيرلندي، إن هذا الاعتراف لن يقلل من علاقة بلاده مع إسرائيل، ولكنه يؤكد أن كلا من فلسطين وإسرائيل لهما حق متساو في التواجد.
وتتمتع جمهورية أيرلندا بتاريخ عميق في دعم الفلسطينيين وجهودهم لإقامة دولة مستقلة، وقد لقي الإعلان يوم الأربعاء دعمًا من جميع أنحاء الطيف السياسي ومن داخل الحكومة الائتلافية في البلاد.
وقال هاريس إن بلاده اعترفت بوجود إسرائيل منذ عقود عديدة، وأن الاعتراف بفلسطين يأتي لضمان حفظ الأمل في حل الدولتين.
وقال رئيس وزراء النرويج إن بلاده أقدمت على تلك الخطوة في ظل عدم وجود خطة واضحة لدى نتنياهو لتحقيق سلام طويل الأمد مع الفلسطينيين.
وتُشير خطوات الدول الثلاث إلى نفاد الصبر الدولي في التعامل مع السياسات الإسرائيلية، وأن الدولة الفلسطينية لا يمكنها الصبر على تلك الممارسات حتى التوصل إلى سلام دائم.
وقال هاريس إنه لديه اعتقاد قوي في أن العديد من الدول الأخرى ستنضم إليهم خلال الأسابيع المقبلة.
وتأتي الخطوة الثلاثية بمثابة ضربة لإسرائيل في الوقت الذي تسعى فيه المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي باعتبارهما مجرمي حرب.
وتعارض إسرائيل بشدة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وقد وصف نتنياهو إنشاء مثل هذه الدولة بأنه “خطر وجودي”، ويصر على أن إسرائيل بحاجة إلى التفاوض مباشرة مع القادة الفلسطينيين حول حل دائم.
المصدر: Nytimes