من المتوقع أن ينعكس حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته على منطقة الشرق الأوسط ككل، ولن يتوقف تأثيره عند الحدود الإيرانية.
ويأتي ذلك لأن إيران تقدم الدعم للعديد من الجماعات المسلحة في المنطقة منذ عقود، سواء في لبنان أو سوريا أو اليمن أو حتى داخل فلسطين، بما سمح لها بنفوذ أكبر إقليميًا وهو ما لم يعجب إسرائيل والولايات المتحدة أهم الأعداء بالنسبة لها منذ الثورة الإيرانية في عام 1979.
وبلغت التوترات بين إيران وإسرائيل ذروتها خلال الشهر الماضي، عندما أطلقت الأولى رشقات صاروخية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة مستهدفة إسرائيل، ردًا على غارة جوية نفذتها الأخيرة على قنصلية إيرانية في دمشق قتلت خلالها جنرالين إيرانيين وخمسة ضباط.
وقالت الحليفتان – الولايات المتحدة وإسرائيل – وقتها إنهما اعترضتا 99% من الصواريخ، وعليه نفذت قوات الاحتلال ضربة ضد نظام رادار للدفاع الجوي في مدينة أصفهان الإيرانية، دون التسبب في وقوع إصابات.
واجتذبت الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس حلفاء إيرانيين آخرين، وهو ما يهدد بجر المنطقة إلى حرب أوسع ذات أطرافًا متعددة مع كل رد، وقد يشعلها أحداث أخرى مثل حادث تحطم الطائرة.
الصراع مع إسرائيل
تنظر تل أبيب إلى طهران باعتبارها التهديد الأكبر في المنطقة، خصوصًا مع وجود البرنامج النووي الإيراني والصواريخ الباليستية والدعم الذي تقدمه للجماعات المسلحة التي تضع تدمير إسرائيل نصب أعينها.
وتكتسب إيران عداوة أكبر من إسرائيل بسبب دعمها للمقاومة الفلسطينية، فيما دعا مسؤولون إيرانيون من قبل لمحو إسرائيل من الخريطة.
وقبل مقتله، انتقد رئيسي الذي كان بمثابة الخليفة المحتمل للمرشد الأعلى خامنئي، إسرائيل قائلًا: “إن النظام الإسرائيلي الصهيوني يرتكب القمع ضد شعب فلسطين منذ 75 عامًا”.
ورسم رئيسي خطة تتركز ملامحها الرئيسية في طرد المغتصبين – في إشارة إلى الاحتلال الإسرائيلي – ثم جعلهم يدفعون ثمن الدمار الذي تسببوا فيه، ثم تقديم المغتصب إلى العدالة.
ويُعتقد أن إسرائيل نفذت هجمات عديدة على مر السنين استهدفت كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين والعلماء النوويين.
وحتى الآن لا يوجد دليل صريح على تورط إسرائيل في إسقاط المروحية، ولكن الدلائل غير المباشرة تذهب إلى عكس ذلك.
في نفس الوقت لم يخرج أي مسؤول إسرائيلي ليعلق على الحادث.
ولكن على الجانب الآخر، فالدول العربية المطلة على الخليج الفارسي تشعر بالخطر من جانب إيران وهو ما دفع بعض الدول للتطبيع مع إسرائيل مثل الإمارات والبحرين.
الحرب بالوكالة
على مدار سنوات، استخدمت إيران الجماعات المسلحة مثل حماس وحزب الله في إدارة حرب بالوكالة في المنطقة.
وتذهب بعض التكهنات إلى أن إيران كانت متورطة في هجوم حماس على الأراضي المحتلة في 7 أكتوبر الماضي، ولكن لا يوجد دليل مباشر على ذلك.
ولكن إيران اتخذت جانب حماس منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، وأعرب قادة إيران عن تضامنهم مع الفلسطينيين.
كما بدأ حلفاء طهران مثل حزب الله في شن هجمات عن الأراضي المحتلة، وتبادل الجانبان الضربات بشكل شبه يومي على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، مما أجبر عشرات الآلاف من الأشخاص على الجانبين على الفرار.
ولكن حتى تلك اللحظة، ظل الصراع في صورة المواجهات الثنائية ولكنه لم يمتد إلى حرب شاملة قد تكون كارثية حال حدوثها.
في نفس الوقت، شنت الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق هجمات متكررة على القواعد الأمريكية في الأشهر الأولى من الحرب، لكنها انسحبت بعد الضربات الانتقامية الأمريكية لهجوم بطائرة بدون طيار أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في يناير.
وفي اليمن، قاد الحوثيون هجمات مماثلة وعطلوا حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر بعد استهدافهم لجميع السفن التي لها علاقة بإسرائيل، وهو ما أثار ردود فعل انتقامية من الولايات المتحدة.
خارج حدود الشرق الأوسط
ولا يقتصر النفوذ الإيراني على الشرق الأوسط، بل يمتد إلى خارج حدوده والصراع مع إسرائيل.
وتخشى إسرائيل والدول الغربية من أن إيران تسعى إلى التسليح النووي تحت ستار برنامجها السلمي، خصوصًا وأنها بدأت بتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60%، وهو المستوى اللازم لتصنيع الأسلحة.
وساعد في ذلك انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي التاريخي بين إيران والقوى العالمية في عام 2018، وهو ما منح إيران الفرصة بالتملص من العقوبات الصارمة والقيود التي فرضها عليها برنامجها النووي.
من ناحية أخرى، منعت إيران مفتشي الوكالة النووية التايعة للأمم المتحدة من الدخول بغرض التفتيش، كما تم تعطيل كاميرات المراقبة التي ثبتتها الوكالة.
وتعلن إيران دائمًا أن البرنامج النووي الخاص بها مخصصًا للأغراض السلمية، لكن الولايات المتحدة ودول أخرى تعتقد أنها كانت تمتلك برنامجًا نشطًا للأسلحة النووية حتى عام 2003.
ويُعتقد أن إسرائيل هي البلد الوحيد الذي يمتلك الأسلحة النووية، ولكنها لم تعترف رسميًا بامتلاك تلك الأسلحة.
ومؤخرًا، توطدت العلاقات بين إيران وروسيا، ويعتقد أن طهران مدت موسكو بطائرات بدون طيار التي تم استخدامها لتدمير المدن الأوكرانية.
ولكن رئيس نفى تلك المزاعم الخريف الماضي في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس، قائلاً إن إيران لم تقدم مثل هذه الأسلحة منذ اندلاع الأعمال العدائية في فبراير 2022.
وأدلى المسؤولون الإيرانيون بتعليقات متناقضة بشأن الطائرات بدون طيار، في حين يقول المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون إن العدد الهائل المستخدم في الحرب في أوكرانيا يظهر أن تدفق هذه الأسلحة قد تكثف منذ بدء الحرب.
المصدر: apnews