سياسة

ما هي القنابل الانزلاقية التي وجد فيها”بوتين” ضالته للتفوق على أوكرانيا؟

تسعى روسيا لتعزيز سيطرتها على المناطق الاستراتيجية، وهو ما نجحت به بفضل استخدام القنابل الانزلاقية التي أعطت الروس الأفضلية في الفترة الأخيرة

تواصلت المعارك الشرسة بين روسيا وأوكرانيا في حربهما المستمرة منذ أكثر من عامين، حيث يسعى كل طرف لتحقيق الحسم العسكري لصالحه.

تسعى أوكرانيا للدفاع عن سيادتها واستعادة أراضيها المحتلة، بينما تعمل روسيا على تعزيز سيطرتها على المناطق الاستراتيجية، وهو ما نجحت به بفضل استخدام القنابل الانزلاقية التي أعطت الروس الأفضلية في الفترة الأخيرة.

ما هي القنابل الانزلاقية؟

هي نوع من القنابل التقليدية التي تم تعديلها لتُطلق من مسافة بعيدة بدلاً من إسقاطها مباشرة فوق الهدف، ويعود تاريخها إلى الحرب العالمية الثانية، مع ظهور أول نموذج ألماني يُعرف بـ “فريتز إكس”، وطورتها الولايات المتحدة واستخدمت أنواعاً مختلفة من هذه القنابل في الصراعات في فيتنام والعراق وأفغانستان.

تعتمد روسيا بشكل رئيسي على قنابل من عائلة FAB التي تعود للحقبة السوفيتية، والتي تم تحديثها بوحدة انزلاق وتصحيح، وتشمل هذه الوحدة أجنحة تُفتح عند إطلاق القنبلة ونظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية، ويكلف تحويل القنبلة التقليدية غير الموجهة إلى قنبلة ذكية حوالي 20 ألف دولار فقط، مما يجعلها بديلاً أرخص بكثير من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية التي تُكلف ملايين الدولارات.

ويقول فيدريكو بورساري، الزميل في برنامج الدفاع والأمن عبر الأطلسي في مركز تحليل السياسات الأوروبية إن مدى هذه الأسلحة يختلف بحسب وزنها وارتفاعها وسرعة الطائرة التي تُطلقها، ولكنه يُعتقد عمومًا أنه لا يتجاوز 50-60 كيلومترًا.

تعتمد روسيا بشكل رئيسي على قنابل من عائلة FAB التي تعود للحقبة السوفيتية، والتي تم تحديثها بوحدة انزلاق وتصحيح

كيف استفادت روسيا من القنابل الانزلاقية في أوكرانيا؟

بدأت القوات الروسية في استخدام القنابل الانزلاقية ضد أوكرانيا في أوائل العام الماضي للتعويض عن النقص في الذخائر الموجهة بدقة، خاصة أنها تملك قنابل غير موجهة بكميات ضخمة يمكنها تصنيع وحدات توجيه لها بسرعة نسبية، مما يجعلها طريقة سهلة للروس لضمان عدم نفاد قوتهم النارية.

يسمح مدى القنابل الانزلاقية للطائرات الروسية بالبقاء خارج نطاق أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية التي تُنشر عادة بالقرب من الخطوط الأمامية. يمكن أن تكون القنابل الانزلاقية الروسية ثقيلة للغاية، حيث تزن أقوى قنبلة انزلاقية تُستخدم حاليًا ضد أوكرانيا حوالي 1.5 طن (3300 رطل)، ويطلق عليها المدونون العسكريون الروس لقب “مدمرة المباني”.

كما أعلنت موسكو عن إنتاج قنابل انزلاقية جديدة مثل قنبلة FAB-3000 التي تزن 3.4 طن، وقنبلة “دريل” التي تحتوي على ذخائر عنقودية.

تمتلك أوكرانيا أيضًا قنابل انزلاقية مقدمة من حلفاء غربيين، بما في ذلك ذخيرة الهجوم المباشر المشترك الأمريكية (JDAM) والقنابل ذات القطر الصغير التي تُطلق من الأرض (GLSDB). هذه القنابل أكثر دقة وتطوراً من نظيراتها الروسية، إلا أن الترسانة الأوكرانية منها أكثر محدودية بكثير.

يسمح مدى القنابل الانزلاقية للطائرات الروسية بالبقاء خارج نطاق أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية التي تُنشر عادة بالقرب من الخطوط الأمامية

وكثفت القوات الروسية في الأشهر الأخيرة، هجماتها بالقنابل المنزلقة، حيث أفادت التقارير أنها تطلق أكثر من 100 قنبلة عبر الخطوط الأمامية يوميًا، وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن روسيا أطلقت ما مجموعه 3200 قنبلة موجهة على أوكرانيا في أبريل وحده.

هل تستطيع الدفاعات الأوكرانية التصدي لها؟

يعد إسقاط القنابل الانزلاقية أمرًا شبه مستحيل نظرًا لهياكلها الحديدية الثقيلة وسرعتها العالية وارتفاعاتها الشاهقة، على عكس صواريخ كروز أو الطائرات بدون طيار.

وتعتبر إحدى الطرق لاعتراض القنبلة الانزلاقية هي إضعاف إشارة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) باستخدام الحرب الإلكترونية، مما يجعلها تفوت الهدف، لكن قدرات الحرب الإلكترونية في أوكرانيا محدودة للغاية وأقل تطورًا مقارنة بتلك التي تمتلكها روسيا.

قد يكون الحل الأفضل لأوكرانيا لمواجهة القنابل الانزلاقية الروسية هو تدمير الطائرة المطلقة قبل أن تتمكن من إطلاق القنبلة، ويمكن تحقيق ذلك باستخدام دفاعات جوية بعيدة المدى، مثل باتريوت وSAMP-T، لإسقاط الطائرات الروسية أو إجبارها على التحليق لمسافات بعيدة تمنعها من استخدام القنابل الانزلاقية.

وأفاد الجيش الأوكراني بأنه أسقط 15 طائرة عسكرية روسية في فبراير الماضي، على الأرجح باستخدام أنظمة باتريوت، ولكن سلسلة النجاحات توقفت في مارس بعد أن ترددت أخبار عن تدمير روسيا منصتي إطلاق باتريوت في منطقة دونيتسك، ومنذ ذلك الحين، وردت تقارير تفيد بأن أوكرانيا اضطرت إلى الاحتفاظ بترسانتها المحدودة من الأنظمة الأمريكية الصنع بعيدًا عن ساحة المعركة.

يمكن لأوكرانيا مواجهة القنابل الانزلاقية عبر تدمير الطائرة المطلقة قبل أن تتمكن من إطلاق القنبلة باستخدام دفاعات جوية بعيدة المدى مثل باتريوت وSAMP-T

ولهذا السبب زادت كييف مؤخرًا من دعواتها للحصول على مزيد من أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى، حيث قال الرئيس زيلينسكي إن أوكرانيا بحاجة إلى 25 نظام باتريوت أو ما يعادلها لحماية البلاد بأكملها.

وتعهدت ألمانيا في أبريل بتزويد أوكرانيا بصواريخ باتريوت إضافية، ويقال إن حلفاء آخرين يفكرون في إرسال المزيد من معدات الدفاع الجوي، و يمكن للطائرات الحديثة، مثل المقاتلات من طراز F-16، أن تساعد الأوكرانيين أيضًا في التعامل مع القنابل الانزلاقية. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل بعض من عشرات الطائرات التي تعهد بها الحلفاء الغربيون لأوكرانيا في الصيف المقبل.

المصدر:

kyivindependent