تواجه البشرية ضغوطًا غير مسبوقة على أراضي العالم، تتجلى في أزمات مناخية وتنوع بيولوجي وإنسانية متزايدة، حيث يؤدي هذا الضغط المتصاعد إلى تنافس شديد على الموارد المحدودة للأراضي، مما يشكل ضغطًا عالميًا هائلًا.
شهدت المناظر الطبيعية تغيرات جذرية، على مدار القرن الماضي حيث تمت إزالة أو تحويل 70% من الأراضي العشبية، و50% من السافانا، و25% من الغابات حول العالم لصالح الزراعة.
حماية النظم البيئية ضرورة لمكافحة تغير المناخ
باتت النظم البيئية الطبيعية المتبقية في خطر، مما يدفع الكوكب نحو نقاط تحول بيئية ومناخية حرجة، ويهدد ثقافة وسبل عيش العديد من المجتمعات، خاصة تلك للسكان الأصليين.
تعتمد البشرية على الأرض لإنتاج الغذاء والأعلاف والألياف والوقود، لدعم العدد المتزايد من سكان العالم والطبقة المتوسطة المتنامية، ويتوقع الخبراء أن تتوسع الأراضي الزراعية بأكثر من 600 مليون هكتار بحلول عام 2050، وهي مساحة تعادل ضعف مساحة الهند.
وعندما يتم تدمير الغابات أو تجفيف الأراضي الرطبة أو حرث الأراضي العشبية، تنطلق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون المخزنة في التربة والنباتات إلى الغلاف الجوي، ومن أجل الحد من الانحباس الحراري العالمي إلى أقل من 1.5 درجة مئوية المرجوة، يجب علينا حماية ما تبقى من النظم البيئية واستعادة ما فقدناه.
ضغط الأراضي.. تهديد جديد للفقراء وأصحاب الحيازات الصغيرة
يشهد المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة والمجتمعات المحلية حول العالم ظاهرة “ضغط الأراضي”، التي تفاقم الفقر الريفي وتزيد من عدم المساواة في توزيع الأراضي.
تأتي هذه الظاهرة نتيجة لعدة ضغوط، أبرزها توحيد المزارع الكبيرة، وكلما زاد حجم هذه المزارع، تترك المزارع الصغيرة بقطع أراض أصغر وأكثر تجزئًا.
وفي آسيا، ارتفعت نسبة عدم المساواة في الأراضي إلى 11% منذ عام 1980، وعلى المستوى العالمي، يسيطر الآن 1% من أكبر المزارع على 70% من جميع الأراضي الزراعية.
هيمنة الشركات وتفاقم أزمة الأراضي
وفقاً لتقرير جديد صادر عن فريق الخبراء الدولي المعني بالنظم الغذائية المستدامة بعنوان “ضغط الأرض”، تعد العمليات الرئيسية المؤدية إلى “ضغط الأراضي”، من بينها الاستيلاء على الأراضي و”الاستيلاء على البيئة”، إلى جانب تعدي الصناعات المختلفة على الأراضي الصالحة للزراعة والتوسع الحضري، وكل ذلك في ظل أزمة المناخ.
أحد أبرز الأمثلة في التقرير هو “الاستيلاء على الأراضي 2.0″، حيث تنقل الأراضي الزراعية من المزارعين إلى الجهات المالية، سواء كانت شركات زراعية أو مستثمرين أو حكومات أجنبية.
يشير التقرير إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب الوباء وقضايا سلسلة التوريد المرتبطة بالحرب في أوكرانيا أدى إلى تجدد الجهود لتأمين الأراضي الزراعية لإنتاج سلع التصدير، مما يعزز من هيمنة الشركات الزراعية والمستثمرين والحكومات الأجنبية على هذه الأراضي.
الاستيلاء على البيئة وتعديات الأراضي
على الجانب الآخر، يحدث “الاستيلاء على البيئة” عندما تستخدم خطط تعويض الكربون، مثل مبادرات زراعة الأشجار، لتخصيص الأراضي، وتمثل هذه المشاريع الآن نحو 20% من صفقات الأراضي واسعة النطاق.
يحدث التوسع والتعدي على الأراضي عندما تستخدم الأراضي الزراعية في أنشطة استخراجية أخرى، مثل التعدين أو التحضر أو مشاريع البنية التحتية الكبرى، في الوقت نفسه، تتضمن “إعادة تشكيل النظام الغذائي” دمج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في سلاسل القيمة للشركات، مما يحد من خياراتهم في ممارساتهم الزراعية، ويمكن أن يؤدي إلى استخدام غير مستدام للأراضي.
يوضح مؤلفو التقرير أن هذه العمليات تؤدي إلى “تآكل إمكانية الوصول إلى الأراضي والسيطرة عليها بالنسبة للمزارعين والرعاة والشعوب الأصلية والفئات المهمشة”، تضيف هذه الضغوط إلى تدهور سبل عيش صغار منتجي الأغذية، مما يدفعهم نحو نقطة تحول خطيرة ويشكل تهديدات خطيرة للأمن الغذائي.
يسلط تقرير “ضغط الأرض” الضوء على أن هذه العمليات المتواصلة متجذرة في تاريخ طويل من السلب والقمع والتمييز ضد أصحاب الحيازات الصغيرة والشعوب الأصلية والمجتمعات التقليدية، وترتكز هذه العمليات على الروايات السائدة حول كيفية استغلال الإنسان للأرض واستخراج مواردها.
المصدر: