أعلنت الصين، اليوم الجمعة، اتخاذها خطوات تاريخية وغير مسبوقة بهدف إصلاح قطاعها العقاري المتضرر من الأزمة التي بدأت نهاية عام 2019.
واتخذت بكين مجموعة من الإجراءات التي من شأنها إنعاش القطاع، بعد انخفاض أسعار المساكن وتراجع الطلب على الشقق والعقارات.
وبحسب ما نشرته رويترز، فإن البنك المركزي أقر تسهيلات تمويلية إضافية قيمتها تريليون يوان أو ما يعادل 138 مليار دولار، كما خفف إجراءات الرهن العقاري.
في نفس الوقت تستعد الحكومة لشراء بعض الشقق التي تجد صعوبة في الحصول على مشترين لها.
وتسعى الصين من هذه الإجراءات إلى دعم القطاع المتداعي والذي يساهم بخُمس الناتج المحلي الإجمالي، وأدى إلى أزمة كبيرة لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
خطوة جريئة
واحتدت أزمة العقارات في عام 2021، وهو ما دفع العديد من المطورين لعدم استكمال مشروعاتهم، بما ساهم في تقويض الثقة في القطاع الذي كان ملاذًا آمنًا للصينيين لادخار أموالهم طوال عقود.
وساهمت الإجراءات الجديدة التي أعلنها البنك المركزي في ارتفاع مؤشر الأسهم العقارية CSI 300 الصيني بنسبة 9.1٪.
ووصف كبير الاقتصاديين في الصين الكبرى في ANZ، ريموند يونغ، تلك الإجراءات بـ “الخطوة الجريئة”.
ولكنه قال إن المشكلة الأكبر تظل في تأثير برنامج الشراء الحكومي على تحفيز طلب القطاع الخاص، مضيفًا أنها ستزيد من التدفق النقدي للمخزون وتساعد على الاستقرار المالي، لكنها ربما لا تُعيد الثقة في القطاع الخاص.
وعلى مدار العامين الماضيين، فشلت إجراءات الدعم التي حاولت الحكومة بها انتشال القطاع من التهاوي.
وقالت وزارة الإسكان الصينية إن الحكومات المحلية يمكنها أن تصدر تعليمات للشركات المملوكة للدولة لشراء بعض المنازل بأسعار معقولة.
في نفس الوقت لن يكون مسموحًا لجهات التمويل البلدية بالشراء، خصوصًا وأن بكين تُحملّها مسؤولية ما أسمته بـ “الديون الخفية”.
ووفق تصريحات نائب رئيس مجلس الدولة، خه ليفنغ، فإنه سيتم استخدام المنازل التي تشتريها الحكومات المحلية في توفير المنازل بأسعار مناسبة ولكن لم يحدد جدولًا زمنيًا لذلك.
ووعد ليفنغ بأن يتم استكمال المشروعات العقارية المتوقفة، لافتًا إلى أن الحكومات المحلية يمكن أن تُعيد شراء الأراضي المباعة للمطورين.
تسهيلات الإسكان
وقال البنك المركزي إنه سيُقر تسهيلات لإعادة الإقراض للإسكان الميسر يقول إنه سينتج عنه تمويل مصرفي بقيمة 500 مليار يوان.
من ناحية أخرى قرر البنك خفض أسعار الفائدة على الرهن العقاري، وخصوصًا الدفعات الأولى من القروض.
إلى جانب ذلك، ستفرض تسهيلات على الإقراض التكميلي بنحو 500 مليار يوان، بهدف دعم السياسات التي من بينها تطوير المناطق الحضرية.
ولم يحدد المسؤولون القيمة الإجمالية للمساكن المقرر شراؤها من قبل الدولة، ولكن وفق تقديرات بنك جولدمان ساكس فإن المساكن المتاحة للبيع تبلغ قيمتها 13.5 تريليونات يوان في نهاية عام 2023.
وخلال الفترة بين يناير إلى أبريل الماضي، كان هناك 391 مليون متر مربع (4.2 مليارات قدم مربع) من المساكن الجديدة المعروضة للبيع، بزيادة 24٪ على أساس سنوي، وفق التقديرات الرسمية.
ويقدر المحللون في Tianfeng Securities أن شراء السهم بأكمله سيكلف حوالي تريليون دولار.
تحويل المخاطر
يقول أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة تطوير في شنغهاي – رفض ذكر اسمه – إن السياسات التي اتبعتها الدولة مؤخرًا هي الأقوى مقارنة بمثيلاتها السابقة.
وأوضح أن الحكومة تعطي للمستثمرين إشارات بأن المخاطر المتعلقة بقطاع العقارات سيتم تحويلها إلى البنوك والحكومات المحلية.
ولكن هناك تناقضًا واضحًا بين التفاؤل الناتج عن السياسات الأخيرة، والوضع المتدهور للقطاع على الأرض، إذ إن البيانات تُظهر ضعف بيانات الإسكان وسعي بعض شركات التطوير العقاري لتصفية أعمالها مثل كانتري جاردن.
إلى جانب المطورين الذين صدر قرار بتصفيتهم في يناير الماضي مثل China Evergrande Group.
كانت أسعار المنازل انخفضت للشهر العاشر على التوالي في أبريل الماضي، بنسبة 0.6% على أساس شهري، وهو أسرع انخفاض منذ نوفمبر 2014.
وأظهرت بيانات منفصلة انخفاض الاستثمار العقاري في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024 بنسبة 9.8% عن العام السابق.
ولكن بحسب الاقتصادي في جوليان سيكيوريتيز، روكي فان، فإن السياسات الجديدة هدفها ه منع المزيد من التداعيات في القطاع الهش، ولكنها لن تعكس الاتجاه الهبوطي للعقارات سريعًا، بل سيستغرق الأمر بعض الوقت.
المصدر: رويترز