أثار حادث تحطم جديد لطائرة من من طراز بوينغ 737-300 في السنغال خلال إقلاعها، التساؤلات حول صلاحية تلك الطائرات للقيام برحلات والعيوب التي تعاني منها.
وأسفر الحادث عن إصابة 11 شخصًا، أربعة منهم في حالة خطيرة.
أسباب الحادث
وفق ما ذكره مطار بليز دياني في داكار في بيان، فإن رحلة الخطوط الجوية السنغالية رقم HC 301 المتجهة إلى العاصمة المالية باماكو، خرجت عن المدرج في الساعات الأولى من صباح الخميس.
وتسبب الانحراف في إصابة الطيار بجروح بسيطة، فيما لم يُصب الركاب بأي أذى جراء الحادث، وتم على أثره توقف المطار عن العمل.
وأعلن المطار حالة الطوارئ، وبدأ في عملية إجلاء الركاب، فيما تم فتح تحقيق للتحقق من أسباب الحادث.
فيما ولم تُصدر شركة بوينغ أي تعليق على الحادث، أو حتى شركة ترانس إير الخاصة التي استأجرت منها الخطوط الجوية السنغالية الطائرة.
ويأتي هذا الحادث تزامنًا مع الأزمة التي تواجهها الشركة والمتعلقة بتاريخ السلامة الخاص بها بعد عدد من الحوادث.
وكان آخر تلك الحوادث هو انفجار السدادة الخاص بمخرج الطوارئ على إحدى الطائرات من طراز بوينغ 737 ماكس التابعة لشركة ألاسكا الجوية في يناير الماضي، بعد وقت قصير من إقلاعها في الولايات المتحدة.
وتم فتح تحقيق جنائي بحق شركة بوينغ في تلك الحادثة، للوقوف على الأسباب.
ولكن هل تعاني طائرات بوينغ حقًا من عيوب خطيرة؟
يأتي الحادث الجديد في السنغال بعد تصريحات نشرتها شبكة “بي بي سي” على لسان مفتش جودة سابق في أكبر مورد لشركة بوينغ، سانتياغو باريديس، والذي قال فيه إن أجسام الطائرات تغادر المصنع بانتظام وهي تعاني من عيوب خطيرة.
ويقول المفتش إنه تم تلقيبه بـ “Showstopper” لأنه عمل على إبطاء عملية الإنتاج بهدف التحقق من مخوفه.
وقالت شركة Spirit AeroSystems وهي أكبر مورّد لشركة بوينغ، إنها “تعارض بشدة” هذه المزاعم.
وقال المفتش السابق إن ادعاءاته مصدرها عمله في الشركة في الفترة بين عامي 2010 و2022.
وأشار باريديس إلى أنه اعتاد على اكتشاف ما بين 50 إلى 200 عيب في أجسام الطائرات الرئيسية، والذي كان من المقرر شحنها إلى بوينغ.
وعن طبيعة تلك العيوب، قال باريديس إنها تمثلت في فقدان أدوات التثبيت وبعض الأجزاء المنحنية في الطائرة.
وفي محاولة الوصول إلى شركة بوينغ، امتنعت عن التعليق على تلك الادعاءات.
وكانت الشركتان وقعتها تحت طائلة التدقيق المكثف بعد حادث خلع باب الطوارئ في رحلة ألاسكا في يناير، من قبل إدارة الطيران الفيدرالية وهي الجهة التنظيمية الأمريكية، والتي راقبت عملية التصنيع في الشركتين.
وقال باريديس لبي بي سي إن بعض العيوب التي حددها أثناء وجوده في سبيريت كانت طفيفة، لكن بعضها الآخر كان أكثر خطورة.
وقال أيضًا إنه واجه ضغوطًا ليكون أقل صرامة في التعامل مع تلك العيوب.
وزعم مفتش الجودة السابق أن الشركتين ركزا على الوفاء بمواعيد تسليم أجسام الطائرات وعددها بغض النظر عن حالتها.
من هو باريديس؟
يُشار إلى باريديس في الدعاوى القانونية على أنه “موظف سابق 1” التي رفعها المعارضون لسياسة شركة بوينغ.
وعمل باريديس في منصب قائد لفريق المفتشين المتمركزين في خط إنتاج طائرة بوينغ 737 ماكس، كما أنه كان فني سابق في لقوات الجوية.
وتُعد هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها باريديس عن العيوب التي لاحظها في طائرات بوينغ.
وتوفي مدقق الجودة السابق الثاني، جوش دين، الذي كانت ادعاءاته أيضًا جزءًا من الدعوى القضائية، الأسبوع الماضي بعد إصابته بعدوى بكتيرية خطيرة.
وتوجه الدعوى اتهامات إلى شركة بوينغ وسبيريت بمحاولة التغطية على إخفاقات خطيرة في الجودة، وتعريض المساهمين لخسائر مالية.
ولكن شركة سبيريت قالت إنها تختلف بشدة مع تلك الادعاءات الواردة في التحقيق.
خسائر فادحة
تعاني شركة سبيريت اليوم من خسائر مادية فادحة تُقدر بـ617 مليون دولار، خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري.
والشركة كانت جزءًا من بوينغ من قبل، وهي الآن المورد الرئيسي لها، إذ تقوم بتصنيع أجسام الطائرات لطراز 737 ماكس في مصنعها في ويتشيتا بولاية كانساس، كما أنها تصنع أجزاء كبيرة من طائرة 787 دريملاينر.
ولمعالجة هذه الخسائر، وافقت بوينغ على تقديم دعم مالي لشركة سبيريت، كما أنها تناقش شراء شركتها السابقة.
وتصر مصادر داخل عملاق الطيران على أن الجهود جارية لمعالجة مخاوف الجودة في سبيريت، وقد نجحت هذه الجهود في تقليل عدد العيوب في الأجزاء التي تخرج من مصنع ويتشيتا بحوالي 80%.
على الجانب الآخر، فتحت بوينغ تحقيقًا بشأن شكوك تفتيش 787.
تنكيل وتهديد
يقول باريديس إن الشركتين كانتا على علم بالمخالفات الموجودة في أجسام الطائرات، وتمت مناقشتها خلال اجتماعات الشركة.
وأضاف أنه تم الضغط عليه من أل تغيير الطريقة التي يتعامل بها مع تحديد العيوب، وعندما رفض الإذعان تم تخفيض راتبه ونقله إلى جزء آخر من المصنع.
وقال: “شعرت أنني أتعرض للتهديد، وشعرت أنه يتم الانتقام مني بسبب إثارتي للمخاوف”.
وعلى أثر ذلك، قدم باريديس “شكوى أخلاقية” إلى قسم الموارد البشرية في الشركة، وخاطب الرئيس التنفيذي آنذاك، توم جنتيل.
وقال باريديس في رسالته الإلكترونية: “لقد فقدت الثقة في منظمة الجودة هنا في Spirit وهذه هي صرختي الأخيرة لطلب المساعدة”.
وبعد ذلك بفترة قصيرة، تمت إعادة مفتش الجودة السابق إلى منصبه الأساسي، وحصل على راتبه بأثر رجعي، ولكنه سرعان ما غادر الشركة بعد ذلك.
المصدر: BBC