181 يوماً من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تستمر الحرب دون حل يلوح في الأفق، فيما تشير الإحصاءات إلى حجم الدمار والقتل والإبادة التي ارتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين.
تقول الأرقام، إن خُمس سكان غزة قُتلوا أو أُصيبوا. وزارة الصحة في غزة أفادت أنه تم التأكد من مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني، نحو 40% منهم من الأطفال، ولا يزال هناك آلاف الجثث تحت الأنقاض.
أما البقية فيواجهون المجاعة الوشيكة في مايو المقبل، وفي حين يتكدس نصف السكان في رفح، يستعد الاحتلال لاجتياحها رغم التحذيرات من كارثة إنسانية كبرى.
حرب غزة بعد نصف عام
تتعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، يستمر الاحتلال في القصف والقتل، لكن ثمة أحداث وقعت في الأيام الأخيرة، دفعت جيريمي بوين محرر الشئون الدولية في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إلى طرح سؤال: هل وصلت حرب إسرائيل في غزة إلى مفترق طرق؟
في تحليله المنشور عبر موقع “بي بي سي”، قال بوين إن ثمة أحداث وقعت في الأيام القليلة الماضية، تضع المتحاربين وحلفاءهم على مفترق طرق، بحيث يتعين عليهم اتخاذ قرارات كبيرة”، مضيفاً أنه “أصبح قادة الحكومات والقوات المسلحة في إسرائيل وطهران، وفي مقر حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وحتى في أماكن أبعد كالخليج وأوروبا والولايات المتحدة أمام مواجهة لعدة خيارات”.
وشهدت الأيام الماضية عدداً من الأحداث اللافتة في مسار الحرب واحتمالات أن تتوسع لتصبح حرباً شاملة في الإقليم. ففي يوم الإثنين الماضي، الموافق الأول من أبريل، نفذ الاحتلال ضربات استهدفت مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، مما خلف مقتل وإصابة عدة أشخاص بينهم قادة في الحرس الثوري الإيراني.
أما في الثاني من أبريل الجاري، فقد أكد مؤسس منظمة “المطبخ المركزي العالمي” الخيرية، يوم الثلاثاء، مقتل 7 من عمال الإغاثة التابعين للمنظمة خلال غارة جوية إسرائيلية في غزة. الأمر الذي اعتبره محلل “بي بي سي”: “قد يستنفد أخيراً صبر حلفاء إسرائيل، وعلى رأسهم الولايات المتحدة”.
الموقف الأمريكي
ويضيف أنه “أصبحت الأدلة تتراكم على أن إسرائيل لا تحترم التزاماتها بموجب قوانين الحرب الخاصة باحترام حياة المدنيين، كما تدعي، أو تسمح بحرية حركة المساعدات الإنسانية في ظل المجاعة التي خلقتها تصرفات إسرائيل نفسها”.
ويرى محلل هيئة الإذاعة البريطانية أنه يجب على الرئيس الأمريكي ومساعديه أن يقرروا الآن ما إذا كانت كلمات انتقادهم لإسرائيل كافية أم لا، علماً بأن إدارة بايدن لا تزل ترفض الدعوات الرامية لفرض شروط على استخدام الأسلحة الأمريكية في غزة، أو حتى قطع خطوط الإمداد عن الاحتلال.
لا تزال الأسلحة الأمريكية تتدفق على إسرائيل، الأمر الذي يقول عنه “بوين”: “قد يشعر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعتمد على القوميين اليهود المتشددين للبقاء في منصبه، أنه لا يزال قادراً على تحدي الرئيس بايدن. والاختبار الرئيسي سيكون اجتياح مدينة رفح، وهو خطة تعتقد الولايات المتحدة أنها ستفاقم الكارثة الإنسانية في غزة”.
وأضاف أن المصالح الأمريكية وحسابات الفوز الشعبية في الانتخابات بالنسبة للرئيس بايدن في عامه الانتخابي قد تضررت بالفعل، بسبب ما يعتقده الأفراد في العديد من الدول أنه تواطؤ مع إسرائيل.
ميادين الحرب
في مقاله التحليلي المطول، عرج بوين على الحديث عن أنه رغم مرور 6 أشهر على الحرب واستمرار القصف الإسرائيلي ودخول غزة برياً، والحرب الضارية التي تخوضها ضد المقاومة الفلسطينية في القطاع، فإنه “لا تزال حماس تقاتل على مدى ستة أشهر، ولا يزال قائدها في غزة يحيى السنوار على قيد الحياة في مكان ما في قطاع غزة”.
ويضيف بوين إنه “ثمة حسابات جديدة حول المراحل التالية للأزمة في الشرق الأوسط بعد اغتيال جنرال إيراني كبير في دمشق”، معتبراً أن ذلك يمثابة تصعيد ستكون له عواقبه في الحرب الأوسع نطاقاً في المنطقة.
يتابع: ” تدور هنا حرب ظل بالتوازي مع الحرب في غزة منذ أكتوبر الماضي. وقد بدأت هذه الحرب بمهاجمة حزب الله اللبناني لإسرائيل، دعماً ومساندة لحماس في غزة. حزب الله لا يزال يقيد الآلاف من القوات الإسرائيلية ويجبر إسرائيل على إجلاء نحو 80 ألف مدني من المناطق الحدودية”.
ويشير محلل “بي بي سي” إلى أنه بعد عملية الاغتيال لديلوماسيي إيران، فإن الأخيرة سترغب في الرد، واستعادة قدرتها على ردع إسرائيل، والتي من الواضح أنها لن تنجح، وستحاول الرد بطريقة تفاجئ إسرائيل، حسب قوله.
يضيف: ” ومن غير المرجح أن تكون المجتمعات الحدودية الفارغة المترامية الأطراف خيار إيران الأول للانتقام. يمكن أن تحاول إيران استهداف هدف إسرائيلي في بلد آخر، أو شن هجمات إلكترونية بدلاً من استخدام الصواريخ، أو تكثيف برنامجها النووي”.
واختتم مقاله بالقول إنه “عند مفترق الطرق هذا، لا تريد إسرائيل ولا إيران ولا حزب الله حرباً شاملة ستكون عواقبها وخيمة عليهم جميعاً. لكن لا يبدو أن أي طرف مستعد لوقف الانزلاق نحوها”.
اقرأ أيضاً: