ضربة قوية تلقاها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخسارته في انتخابات البلدية على يد المعارضة الصاعدة، في أسوأ هزيمة يتعرض لها حزب العدالة والتنمية منذ أكثر من عقدين.
وتقدم حزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض الذي يتزعمه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو كمنافس رئيسي للرئيس، على حزب أردوغان بنحو 10 نقاط، وتحديدًا في مدينتي إسطنبول وأنقرة.
وتمكن الحزب من الفوز بـ15 مقعدًا آخرًا للبلديات في أنحاء مختلفة من البلاد وأكثر من 50% من الأصوات في إسطنبول، ليسلط بهذا الفوز الضوء على التغيرات التي يشهدها المشهد السياسي المنقسم في تركيا.
رد فعل
علق أردوغان على الهزيمة التي لحقت به بعد عام واحد من فوزه بولاية ثالثة كرئيس في خطاب ألقاه في عقاب الانتخابات، قائلًا إنها ليست النهاية ولكنها بمثابة “نقطة تحول”.
وقال محللون إن أداء الرئيس التركي الحالي أمام منافسه كان أسوأ مما توقعته استطلاعات الرأي، بسبب الأحوال الاقتصادية والناخبين الإسلاميين غير الراضيين.
ومن جانبه، اعتبر إمام أوغلو أن فوز حزبه هو رسالة إلى الرئيس التركي ومنافسيهم، وأشار إلى أن تجاهل تلك الرسالة سيؤدي إلى خسارة كبيرة في النهاية.
وأضاف أوغلو البالغ من العمر 53 عامًا والذي بدأ أولى خطواته في عالم السياسية في 2008، أن هناك 16 مليون مواطن ساهموا في كتابة تلك الرسالة في إسطنبول.
ولكن أردوغان قال إن العدالة والتنمية سيعمل على قراءة وفهم رسالة الناخبين، وذلك بعد أن فقد حزبه قوته في جميع أنحاء البلاد.
وأضاف أمام الحشود المتجمعة في مقر حزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة: “إذا ارتكبنا خطأ فسنصلحه في السنوات المقبلة، إذا كان لدينا أي شيء مفقود، فسوف نكمله”.
ضربة موجعة
على الجانب الآخر كان عمدة حزب الشعب الجمهوري المعاد انتخابه منصور يافاش يحتفل وسط أنصاره أيضًا بانتصاره على أردوغان، بعد فوزه بـ60% على منافسه في أنقرة.
وفقًا لـ 92.92% من صناديق الاقتراع التي فُتحت في إسطنبول، أكبر مدينة في أوروبا والمحرك الاقتصادي للبلاد، حصل إمام أوغلو على دعم 50.92% مقارنة بـ 40.05% لمنافس حزب العدالة والتنمية مراد كوروم، الوزير السابق في حكومة أردوغان الوطنية.
وكانت استطلاعات الرأي توقعت أن يخسر حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البلدية على مستوى البلاد، ونتائج متقاربة لباقي المنافسين في اسطنبول.
وفقد حزب العدالة والتنمية مناصبه في 19 بلدية رئيسية، من بينها مدن كبرى مثل بورصة وباليكسير في الشمال الغربي، واحتفظ بالسيطرة على إزمير وأضنة ومنتجع أنطاليا.
ويعكس ذلك الضغوط على أصحاب الأجور، بحسب النتائج الحزئية التي نشرتها وكالة الأناضول التركية الرسمية.
وأظهرت النتائج تقدم حزب الشعب الجمهوري على مستوى البلاد بنسبة 1% تقريبًا من الأصوات، وهي الأولى منذ 35 عامًا.
وقال أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة بوجازيجي بإسطنبول، ميرت أرسلانالب، إن إمام أوغلو أثبت قدرته على تجاوز الانقسامات الموجودة بين الناخبين المعارضين في تركيا، حتى بدون دعمهم المؤسسي.
وأضاف أن هذا جعله المنافس الأشرس بالنسبة أردوغان على المستوى السياسي.
وكانت الضربة الأولى التي وجهها إمام أوغلو لحزب العدالة والتنمية وأردوغان في عام 2019، عندما فاز برئاسة بلدية إسطنبول، لينهي 25 عامًا من حكمهم في المدينة.
أسباب خسارة أردوغان
وفق ما ساقه المحللون، فإن الأوضاع الاقتصادية كانت السبب الأول في خسارة أردوغان في انتخابات البدليات أمام المعارضة، وعلى رأسها التضخم الذي وصل إلى قرابة 70%.
وأشاروا أيضًا إلى تباطؤ النمو الناتج عن نظام التشديد النقدي العدواني وانهيار الليرة التركية، دفع الناخبين إلى معاقبة حزب العدالة والتنمية هذه المرة.
وقال أحد كبار المستشارين في مجموعة أولبرايت ستونبريدج، هاكان أكباس، إن الشعب طالب بالتغيير بسبب تلك الأوضاع الاقتصادية، واليوم أصبح إمام أوغلو العدو الرئيسي لأردوغان.
ولم يتوقف الأمر عند انتخابات البلديات، إذ طالب أنصار إمام أوغلو بترشحه في انتخابات الرئاسة في المستقبل.
ولم يتبق أمام أردوغان من الفرص لاستعادة مكانته وقوته، سوى محاولة تحقيق وعوده بالانتعاش الاقتصادي، قبل إنهاء ولايته الحالية.
ومن بين أسباب الخسارة، كان الدعم القوى لحزب الرفاه الجديد الإسلامي، الذي اتخذ موقفا أكثر تشددا من موقف أردوغان ضد إسرائيل بسبب الصراع في غزة، إلى إضعاف دعم حزب العدالة والتنمية.
وأعيد انتخاب إمام أوغلو على الرغم من انهيار تحالف المعارضة الذي فشل في الإطاحة بأردوغان العام الماضي.
وفي حين أن الحزب الرئيسي المؤيد للأكراد قدم مرشحه الخاص تحت راية الحزب الديمقراطي الديمقراطي في إسطنبول، إلا أن المؤيدين صوتوا لإمام أوغلو تاركين الولاء الحزبي جانيًا.
وبشكل عام، يحق لنحو 61 مليون تركي المشاركة في انتخابات الأحد الماضي، وأدلى أكثر من مليون ناخب شاب بأصواتهم للمرة الأولى.
وقدرت نسبة المشاركة بأكثر من 77% في جميع أنحاء 81 مقاطعة في البلاد.
المصدر: رويترز