عقب إعلان الاتحاد السعودي لكرة القدم تقليص قوائم أندية الدوري السعودي إلى 25 لاعبًا، وزيادة عدد محترفي دوري روشن إلى 10 لاعبين، شرط أن يكون 2 من اللاعبين غير السعوديين من مواليد 2003 فما فوق، ثارت العديد من النقاشات حول القرار، ما بين مؤيد ومعارض!
أعداد اللاعبين في بطولات الفريق الأول للموسم الرياضي المقبل 2024-2025 🔽 pic.twitter.com/FKjnVUpKZ2
— الاتحاد السعودي لكرة القدم (@saudiFF) March 9, 2024
المؤيدون
المؤيدون لقرار زيادة عدد اللاعبين الأجانب، استندوا إلى قدرة اللاعبين الأجانب من الفئة الأولى على نقل خبراتهم للاعبين المحليين في الدوري
إضافة إلى أن الاعتماد على اللاعبين الأجانب -بحسب مؤيدي القرار- يعزز من التنافسية داخل دوري روشن، ما سيدفع العناصر المحلية للقتال من أجل اللعب، الأمر الذي سيفيد بدوره المنتخب الوطني
لكن هذه الآراء واجهت اعتراضات واسعة من قطاعات كبيرة في الحقل الرياضي السعودي، الذين أظهروا عدم اقتناعهم بالأسباب التي دعت الاتحاد السعودي لكرة القدم لاتخاذ قراراته
المختلفون مع القرار
في صحيفة الوطن، وفي مقاله المنشور بعنوان “الدوري القوي هل يصنع منتخبا مرعبا” يقول الكاتب محمد عسيري: “رغم أن هدف الاتحاد السعودي لكرة القدم هو صنع دوري قوي وتنافسي مثير، إلا أن ذلك سينعكس على مستويات الأخضر، وسيؤثر على المنتخب السعودي، فربما ينجح في صنع دوري قوي لكن المنتخب الوطني ربما يكون هشا”
ما ذهب إليه “عسيري” يلخص مواقف من يختلفون مع الاتحاد السعودي لكرة القدم، إذ يعتبرون القرار يزيد من التحديات التي تواجه مدرب الأخضر “روبرتو مانشيني”، الذي يعاني بالفعل من ندرة في عدد اللاعبين المحليين الذين يشاركون مع أنديتهم بانتظام
إضافة إلى التكاليف المرتفعة، لاستقدام النجوم الأجانب المميزين، مقارنة بتكاليف تدريب وبناء لاعب محلي متميز.
دراسة صدرت عن كلية إدارة علوم المعلومات، في جامعة زيلينا، بسلوفاكيا، تحت عنوان “تأثير اللاعبين الأجانب على استدامة نجاح الفرق على المستوى الدولي والقومي”، ناقشت هذه القضية الرياضية شديدة الحساسية فماذا جاء في هذه الدراسة؟ وما علاقة الدراسة التي أجرتها جامعة سلوفاكية بالرياضة في المملكة؟
نجوم عالمية أم هوية محلية؟ تأثير اللاعبين الأجانب على مستقبل الأندية
جمعت الدراسة بيانات من مصادر إلكترونية على مدى عشر مواسم كروية، امتدت من 2009/2010 إلى 2018/2019. ركزت الدراسة على الأندية التي حققت نجاحات بارزة في البطولات القارية، وتحديدًا تلك التي أحرزت المركز الأول أو الثاني في دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي.
لتقييم تأثير اللاعبين الأجانب، ركزت الدراسة على مؤشرين رئيسيين: نسبة مشاركة اللاعبين الأجانب والمحليين في المباريات، بالإضافة إلى عدد المباريات التي يخوضها الفريق خلال الموسم. كما تابع الباحثون مسيرة هذه الأندية في كل من الدوريات المحلية والبطولات الأوروبية.
افترضت الدراسة ثلاثة افتراضات، وسعت إلى إثبات أو نفي هذه الفرضيات
الفرضية الأولى (ف1): الأندية التي تشهد مشاركة أكبر للاعبين الأجانب في مباريات الدوري المحلي تحقق نجاحًا أكبر في هذا الدوري.
الفرضية الثانية (ف2): الأندية التي تعتمد على نسبة أعلى من اللاعبين الأجانب في المباريات الأوروبية تحقق المزيد من الانتصارات في البطولات القارية (دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي).
الفرضية الثالثة (ف3): الأندية التي تخوض عددًا أكبر من المباريات خلال الموسم تتيح فرصًا أكبر للاعبين المحليين لإثبات جدارتهم.
أرقام من الدراسة
نسبة اللاعبين الأجانب:
– 40% على الأقل من لاعبي الفرق التي شملتها الدراسة هم من الأجانب.
– تبلغ هذه النسبة أكثر من 60% في بعض الفرق.
مشاركة اللاعبين الأجانب:
– يلعب اللاعبون الأجانب 60% من دقائق المباريات.
– يحصلون على 70% من فرص التسجيل.
العلاقة بين مشاركة اللاعبين الأجانب ونجاح الفرق:
– كل زيادة 10% في مشاركة اللاعبين الأجانب ترتبط بزيادة 5% في فرص الفوز في المباريات.
– ترتبط زيادة مشاركة اللاعبين الأجانب بزيادة فرص التأهل للدور التالي في المسابقات الدولية.
بحسب هذه الأرقام والنتائج:
تؤكد الدراسة على أهمية الاعتماد على اللاعبين الأجانب بالنسبة للأندية، وتقطع بأثر ذلك على تحسن نتائج الفرق، شرط الاعتماد على لاعبين من ذوي المستوى المرتفع، ووجود مدربين جيدين قادرين على الاستفادة من العناصر المتوفرة
لكن الدراسة ذاتها، لا تستطيع تجاهل عدد من المخاوف والآثار السلبية المحتملة! \
مخاوف من زيادة عدد الأجانب في فرق كرة القدم
تشير الدراسة إلى بعض التأثيرات السلبية المحتملة لكثرة الاعتماد على اللاعبين الأجانب، أهمها:
1. تراجع تطوير المواهب المحلية:
– قد يؤدي الاعتماد على اللاعبين الأجانب إلى إهمال تطوير المواهب المحلية.
– قد يقلل من فرص مشاركة اللاعبين المحليين في المباريات.
– قد يؤثر سلبًا على المنتخبات الوطنية.
2. تآكل الهوية التقليدية للاندية:
– قد يؤدي الاعتماد على اللاعبين الأجانب إلى تآكل الهوية التقليدية للاندية.
– من الممكن أن تفقد مجموعات من الجماهير شعورهم بالارتباط العاطفي مع الفريق.
– قد يصبح الفريق مجرد علامة تجارية عالمية، منقطعة الصلة بالهوية التقليدية للوطن الأم.
3. زيادة التكاليف:
– عادة ما يؤدي شراء اللاعبين الأجانب إلى زيادة تكاليف الفرق، ما قد يوقعها في أزمات مالية حادة.
– قد يصبح من الصعب على الفرق الصغيرة التنافس مع الفرق الغنية.
– من الممكن أن يؤدي ذلك إلى عدم المساواة بين الفرق.
4. التأثيرات الاجتماعية:
– من الممكن خاصة في الفرق التي تتخذ من مدن صغيرة مقرات لها، أن يؤدي الاعتماد على اللاعبين الأجانب إلى تغيرات اجتماعية في المدن التي يوجد بها مقر هذه الفرق.
– قد يؤدي ذلك إلى صعوبات في التكامل بين اللاعبين الأجانب والمجتمع المحلي.
الأخضر.. التوازن ينقذه من مخاطر زيادة الأجانب
الاستعراض السابق للدراسة التفصيلية، التي أجرتها جامعة زيلينا، يثبت وجاهة لموقف كلا الفريقين، المؤيد والمختلف مع قرار زيادة عدد الأجانب في الدوري!
فالمؤيدون للزيادة، يرون حجم التطور الذي أحدثه الأجانب في مستوى الدوري، وقيمته السوقية، وحجم النجاح الذي تحققه الفرق المحلية السعودية، في المحافل الدولية -بخاصة الهلال-، بعد الاعتماد على المحترفين ذوي الجودة العالية
في حين يرى المختلفون مع القرار بوضوح السلبيات التي رصدتها الدراسة، ولعل أهمها هو مدى تأثر المنتخب الوطني بهذه الزيادة!
ولعل التوازن بين توجه المملكة لصناعة دوري هو الأقوى في المنطقة، واتجاهها نحو جعله أحد أقوى دوريات العالم مستقبلا، وبين احتياجات المنتخب الوطني، هو السبيل الذي يراهن عليه اتحاد الكرة برئاسة ياسر المسحل
أحد أهم طرق صناعة هذا التوازن هو برنامج الابتعاث الرياضي “صقور المستقبل“، فمع انتقال مسؤولية الإشراف عليه للاتحاد السعودي بدءًا من الموسم الرياضي الحالي 2024/2023، يبذل الاتحاد جهودًا واسعة، لزيادة فرص احتكاك الناشئين والمواهب السعودية الشابة بالمستويات العالية في أوروبا من أجل صناعة لاعبين وطنيين قادرين على مساعدة الأخضر
رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر بن حسن المسحل قال إن البرنامج سيواصل العمل الكبير والمُقدّم خلال السنوات الماضية، برؤية فنية تواكب استراتيجية تحول كرة القدم السعودية، حيث سيعمل البرنامج بالتنسيق مع اللجنة الفنية على تحقيق أهداف البرنامج والتي تتناسب مع السياسات الفنية للاتحاد السعودي القائمة على خلق جيل مزود بالمهارات والقدرات الفنية والبدنية ليكون دعامة قوية للمنتخبات الوطنية خلال الفترة المقبلة.
جدير بالذكر أن مدة النسخة من برنامج الابتعاث “صقور المستقبل” هي موسم رياضي كامل، بدأت في سبتمبر الماضي وستستمر حتى الحادي والثلاثين من مايو 2024.
فهل تنجح الجهود الحثيثة لعناصر المنظومة الرياضية السعودية في صناعة دوري عالمي، بنجوم استثنائيين، ومنتخب قوي يستفيد من هذا الدوري في الوقت ذاته؟
اقرأ أيضًا
بعد زيادة محترفي دوري روشن.. دراسة تكشف تأثير القرار على الأندية!