أثار اثنان من خبراء كوريا الشمالية خلال الأسبوع الماضي الجدل، بعد تصريحات لهما بشأن استعداد زعيم البلاد للحرب.
وقال المحللان إن كيم جونغ أون استبعد خيار المصالحة وإعادة الوحدة مع كوريا الجنوبية، وبات قرار الحرب هو الأقرب له باعتبارهما دولتين مستقلتين.
وفي مقال على أحد المواقع المتخصصة، كتب المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية وسيغفريد إس هيكر، روبرت إل كارلين، أن كيم اتخذ قرارًا استراتيجيًا بخوض الحرب.
وقد أطلق مثل هذا التصريح أجراس الإنذار في واشنطن وسيول، وأثار جدلًا واسعًا في دوائر المراقبة في كوريا الشمالية.
ولكن هل يُقدم كيم فعلًا على الحرب؟
وفق ما نقلته شبكة “بي بي سي” عن بعض المحللين، فإن معظمهم يختلف مع نظرية الحرب.
ويقول كريستوفر غرين، مراقب شؤون كوريا من مجموعة الأزمات الدولية ومقره هولندا، إن المخاطرة بنظام كوريا الشمالية بالكامل قد يكون كارثيًا.
وأضاف أن هذه المخاطرة ليست من صفات الكوريين الشماليين.
ويُشير غرين وآخرين إلى أن كوريا الشمالية تفضل في كثير من الأحيان النقاشات، في وجود قوى غربية.
ولكنهم اتفقوا جميعًا أن كيم ونظامه بات يُشكّل تهديدًا، وفي حين أن الحرب غير محتملة، إلا أن وقوع هجوم محدود قد يكون واردًا.
لماذا انطلقت تلك التوقعات؟
بشكل عام، كان المراقبون معتادين على التهديدات النوورية التي يطلقها كيم من حين لآخر، ولكن الرسائل الأخيرة من بيونغ يانغ كانت مختلفة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قصف جيش كيم المدفعية الموجودة عبر الحدود مع كوريا الجنوبية.
وجاء ذلك بعد 6 أيام فقط من تصريحاته بأن اندلاع الحرب في شبه الجزيرة الكورية، وارد في أي وقت.
من ناحية أخرى، أعلنت كوريا الشمالية أيضًا عن اختبار صاروخ جديد يعمل بالوقود الصلب، منذ بداية الشهر الجاري.
كما شملت الاختبارات الطائرات بدون طيار الهجومية تحت الماء، والتي من المفترض أن تحمل سلاحًا نوويًا.
وتأتي تلك الخطوات بعد عامين من إطلاق الصواريخ وتطوير الأسلحة بشكل شبه شهري، والذي اعتبره الكثيرون انتهاكًا صارخًا لعقوبات الأمم المتحدة.
ولكن ما أثار الدهشة بشكل كبير، هو إعلان بيونغ يانغ تخليها عن هدف التوحيد مع الجنوب خلال الأسبوع الماضي.
وكان هذا المبدأ جزءًا أساسيًا من أيدلوجية الشمال منذ نشأته، ولكنه بدأ في التبدد مؤخرًا.
ويرى المحللون أن كيم جونغ يسعى لتمزيق هذا الإرث، بل إنه اتخذ خطوات أخرى مثل إغلاق القنوات الدبلوماسية والبث الإذاعي عبر الحدود.
كما أعلم زعيم كوريا الشمالية أنه سيهدم “قوس إعادة التوحيد” وهو نصب تذكاري مكون من 9 طوابق.
وتظهر على القوس امرأتان ترتديان الزي الكوري التقليدي وتقتربان من بعضهما البعض.
وتم بناء القوس في عام 2001 للاحتفال بجهود والده وجده في تحقيق هدف إعادة التوحيد.
مؤشرات لا تُنذر بحرب
دفعت المؤشرات السابقة المحللين كارلين ودكتور هيكر، إلى توقع اندلاع حرب وشيكة بين الكوريتين.
ولكن على الناحية الأخرى، اختلف معظم المحللين مع هذا الرأي، نتيجة لوجود مؤشرت أخرى.
ويقول سيونج هيون لي، من مؤسسة جورج إتش دبليو بوش للعلاقات الأمريكية الصينية، إن كوريا الشمالية ستُعيد فتح البلاد أمام السياح الشهر المقبل.
كما أن بيونغ يانغ باعت قذائفها الخاصة لموسكو من أجل الحرب في أوكرانيا.
ويوضح لي إنها ما كانت لتقدم على هذه الخطوة، إذا كانت فعلًا تستعد للحرب.
ويًُشير إلى أن قرار كوريا الشمالية بشن هجوم، سيتم مواجهته من قبل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وفي حين أن الهجوم قد ينتج عنه خسائر بشرية ومادية في الجنوب، إلا أنها ستكون نهاية كيم جونغ أون ونظامه.
وسيتمثل ذلك الهجوم في شكل قصف أو محاولة احتلال جزر متنازع عليها غرب شبه الجزيرة الكورية، وفق المحلل أنكيت باندا، من مؤسسة كارنيجي.
أهداف خفية
ويقول الخبراء إنه يجب النظر إلى التهديدات المحتملة بالحرب ضمن إطار شخصية كيم وتصرفاته.
ويقول سيونج هيون لي إن كيم اعتاد استفزاز الدول الأخرى بمثل هذه التصريحات من أجل دفعها للتفاوض.
ويعتقد الخبراء أن فرصة الاستفزاز سانحة أمام كيم، في ظل الانتخابات التي تشهدها البلدان الغربية من أعدائه الذين فرضوا عليه عقوبات لا زالت قائمة.
وقد تكون عودة دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق إلى الحكم بمثابة طوق النجاة لكيم، بعد تراجع اهتمام إدارة بايدن بكوريا الشمالية.
وارتبط كيم جونغ وترامب بعلاقات دوية في عام 2019، قبل أن تتعثر محادثات نزع السلاح النووي.
ويقول محللون آخرون إن صداقة بيونغ يانغ وموسكو دعم الصين المستمر منذ العام الماضي، ربما عزز من جرأتها.
ويقول الخبراء إن سلوك كيم ربما يرجع إلى رغبته في دعم استقرار نظامه.
وبحسب البروفيسور ليف إريك إيسلي من جامعة إيوا في سيول: فإن إعادة تعريف العدو، يبرر حجم الإنفاق الضخم لكوريا الشمالية على الصواريخ خلال فترة اقتصادية صعبة تعيشها البلاد.
اقرأ أيضاً:
وجهة سياحية جديدة.. “أبو الوعول” أطول كهف في المملكة
إسرائيل تعرض اقتراحًا على حماس مقابل وقف إطلاق النار
تصفيات عرقية ومئات الآلاف من النازحين.. ماذا حدث في السودان؟