خفضت وكالة التصنيف العالمية Fitch، التصنيف الائتماني الأعلى للحكومة الأمريكية إلى AA+ من AAA، كما توقعت حدوث تدهور مالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة، فكيف يمكن أن تستفيد الاقتصادات الآسيوية من هذا الأمر؟
مستقبل غير مطمئن
هذه هي ثاني وكالة تصنيف كبرى بعد Standard & Poor’s تجرد الولايات المتحدة من تصنيفها A-A، مما يطرح أسئلة جادة حول مسار الدولار على المدى الطويل.
نايجل جرين المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة deVere يقول: لا أحد يستطيع أن يتنبأ بالمستقبل، لكن التاريخ يعلمنا بشكل لا لبس فيه أن لا شيء يدوم إلى الأبد.
ويضيف في مقالة نشرها asiatimes: “أعتقد أننا نشهد في الوقت الفعلي أن العالم بدأ في التحول بعيدًا عن النظام المالي الذي يهيمن عليه الدولار”.
ويرجع الأسباب الأخرى، إلى أن المستويات الفلكية للديون، والكم الهائل من طباعة النقود اليائسة لتسييل هذه الديون، تسببت في انخفاض كبير في قيمة العملة على المدى الطويل.
النفط هو كلمة السر
ويقول: “في وقت سابق من هذا العام، كنت من أوائل الأصوات التي أعربت عن تهديد هيمنة الدولار الأمريكي، حيث تتطلع روسيا والمملكة العربية السعودية إلى استخدام اليوان الصيني في تجارة النفط”.
يعتبر النفط أحد أهم السلع وأكثرها تداولًا في العالم، وقد تم تسعيره وتداوله تقليديًا بالدولار الأمريكي، وهو ما منح الدولار دورًا مهيمنًا في الأسواق المالية العالمية، حيث يتعين على الدول التي ترغب في شراء النفط أن تحصل أولاً على دولارات.
إذا تحول تداول النفط بعيدًا عن الدولار الأمريكي، فسيؤدي ذلك إلى تقليل الطلب على العملة بشكل كبير، مما سيؤدي إلى انخفاض قيمة العملة الأمريكية وهيمنتها.
الآثار المتوقعة على الدول الآسيوية
قد يكون للتحول عن تأثير الدولار آثار إيجابية على الاقتصادات الآسيوية، باعتبارها المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان وتنوعًا اقتصاديًا في العالم.
ستستفيد الدول الآسيوية من انخفاض الاعتماد على العملة الخضراء، الأمر الذي سيسمح بمزيد من المرونة في تحديد سياساتهم النقدية.
في الوقت الحالي، يتعين على العديد من الدول الآسيوية، بما في ذلك الصين، أن تأخذ في الاعتبار إجراءات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عند تحديد أسعار الفائدة وإجراءات السياسة النقدية الخاصة بها.
ومن شأن انخفاض الاعتماد على الدولار أن يمكّنهم من تنفيذ سياسات أكثر ملاءمة لظروفهم الاقتصادية المحلية، مما قد يعزز الاستقرار والنمو.
مع فقدان الدولار لسيطرته، من المحتمل أيضًا أن تشهد الاقتصادات الآسيوية تنوعًا في العملات الاحتياطية، مما يمهد الطريق لمزيد من التجارة الإقليمية وفرص الاستثمار.
من شأن نظام العملة متعدد الأطراف أن يعزز الاستخدام المكثف للعملات الإقليمية مثل الين الياباني واليوان الصيني والروبية الهندية، مما يجعل التجارة داخل آسيا أكثر سهولة وكفاءة.
وهذا بدوره سيعزز التعاون الاقتصادي داخل المنطقة ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتعرض لعملة واحدة مهيمنة.
استقرار أسعار الصرف
لطالما واجهت آسيا تحديات بسبب تقلبات الدولار أيضًا، مما قد يؤثر سلبًا على موازينها التجارية وتدفقات رأس المال.
إن تراجع هيمنة الدولار من شأنه أن يؤدي إلى أسعار صرف أكثر استقرارًا، مما يقلل التقلب وعدم اليقين في المعاملات عبر الحدود.
نتيجة لذلك، يمكن للشركات الآسيوية التخطيط والاستثمار بثقة أكبر، مما يؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، أدى الوضع المهيمن للدولار في كثير من الأحيان إلى قيام الاقتصادات الآسيوية بمراكمة احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية، بالدولار في المقام الأول، كإجراء احترازي.
ومع ذلك، فإن هذه الممارسة تأتي مع تكلفة الفرصة البديلة، حيث يمكن استثمار هذه الاحتياطيات في مشاريع محلية أو عملات أخرى ذات عوائد أعلى.
ومن شأن تراجع هيمنة الدولار أن يشجع البلدان الآسيوية على تنويع احتياطياتها، مما يؤدي إلى تخصيص أفضل للموارد وزيادة الاستثمار في القطاعات الإنتاجية.
ماذا بعد طباعة المنازل بالتقنيات ثلاثية الأبعاد.. هل ستصبح مستقبل العمارة؟