انتهى التمرد الذي قاده رئيس مجموعة “فاغنر“، يفغيني بريغوزين، ضد القيادة الروسية في غضون 24 ساعة، بانسحاب القوات التي كانت متوجهة صوب موسكو، ولكن الأمر لم ينته عند هذا الإجراء، حيث يرى محللون أن نقاط ضعف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد تكشّفت، على الرغم من تجنب المواجهة مع حليفه السابق، وهو ما سيؤدي إلى تغييرات في مسار الحرب ضد أوكرانيا.
تحطّم أسطورة “روسيا التي لا تقهر”
ينظر المحللون إلى محاولة “بريغوزين” لشن تمرد مسلح، والتي قوبلت بالقليل من المقاومة، على أنها “ضربة سياسية عميقة لبوتين ونظامه”.
قالت هانا ليوباكوفا، الصحفية والباحثة من بيلاروسيا: “يشير تمرد بريغوجين المسلح إلى أزمة سياسية داخل روسيا ويحطم أسطورة روسيا التي لا تقهر وقوتها الساحقة”.
ووصف خبراء روس ومحللون سياسيون التمرد بأنه “أكبر تحد لبوتين والنخبة الروسية منذ عقود”.
وقال كريس ويفر، الرئيس التنفيذي لشركة “Macro-Advisory” للاستشارات الاقتصادية ومقرها موسكو: “حتى في روسيا المعتادة على الأزمات والفوضى، كانت الأحداث التي وقعت خلال عطلة نهاية الأسبوع استثنائية”.
وأشار ويفر أن “قوة عسكرية مدججة بالسلاح وحازمة وصلت إلى مسافة 200 كيلومتر من موسكو، وهو إنجاز لم يتحقق تاريخيًا إلا نادرًا”، وقال إن “من المؤكد أن الكرملين قد اهتز بسبب الأحداث الزلزالية في نهاية هذا الأسبوع”.
بعد أن هاجم “بوتين” في البداية ما اعتبره خيانة من جانب “بريغوزين”، في حديثه على شاشة التلفزيون الوطني، قال الكرملين بعد ساعات قليلة إنه تم التوصل إلى اتفاق يُسقط بموجبه التهم الجنائية ضد قائد مجموعة “فاغنر” وأنه سينتقل إلى بيلاروسيا، جنبًا إلى جنب مع المقاتلين الذين شاركوا في التمرد.
بالنسبة للمحللين، يبدو الرد متساهلاً، مقارنة بتعامل الكرملين المعروف تاريخيًا بصرامته مع المعارضين والمنتقدين، ويرون أنه دليل على “حالة الضعف التي يعيشها بوتين”.
قال المحلل السياسي إيان بريمر: “من غير الواضح ما إذا كان تسامح الكرملين الظاهر سيستمر، وما إذا كان بريغوزين آمنًا، فالأخير لم يشاهد أو يسمع علنًا منذ مغادرته روستوف ليلة السبت”.
كيف سيؤثر تمرّد “فاغنر” على الحرب في أوكرانيا؟
يتفق المحللون على أن “بوتين” سيضطر لإظهار بعض النجاح في ساحة المعركة على الحدود الأوكرانية، في أعقاب مثل هذا “العرض العلني للضعف”، مما قد يؤدي إلى احتدام القتال خلال الفترة القادمة.
ويقع على عاتق الجيش الروسي وحده تحقيق هذه المهمة، في ظل التوترات بين “بوتين” و”فاغنر”، بالإضافة إلى أن هذه المجموعة تواجه خطر الإقصاء الكامل من قبل الإدارة الروسية بالأساس.
قال بريان وايتمور، من مركز أوراسيا للدراسات: “إذا لم يدفع بريغوزين ثمنًا باهظًا لتمرده، فسوف يعرض نظام بوتين لخطر جسيم”.
وأضاف: “هذا لأن التغيير السياسي يأتي إلى روسيا عندما توجد ثلاثة عوامل، وهي النخبة المنقسمة، والجمهور غير الراضي، وغياب الخوف”.
بداية الصراع على السلطة في روسيا
يعتقد المحللون أن “بريغوزين” بدأ معركة الصراع على خلافة “بوتين” في قيادة روسيا، في محالولته لخوض معركة مباشرة معه.
أوضح كريستوفر جرانفيل، المدير الإداري للأبحاث السياسية العالمية في “TS Lombard”: “من غير المؤكد الآن ما إذا كان بوتين سيسعى إلى فترة ولاية أخرى في الانتخابات الرئاسية في عام 2024، ولكن هناك الآن شخصية شعبوية قومية معارضة هبطت الآن إلى المنفى في بيلاروسيا والسؤال هو: هل سيبقى هناك بهدوء؟”.
يديرون الحرب ضد أوكرانيا.. من هم المسؤولون الأقرب لـ بوتين؟