تمثّل زيارة ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، الحالية إلى فرنسا، بعد زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى المملكة في أواخر 2021، امتدادًا لتاريخ طويل من الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، فكيف بدأت؟ وإلى أين وصلت؟
تاريخ العلاقات بين المملكة وفرنسا
تعود العلاقات بين المملكة وفرنسا إلى ما يقارب قرن كامل، حيث بدأت بوادرها عام 1926 عندما أرسل البلد الأوروبي قنصلاً مكلفًا بالأعمال الفرنسية لدى السعودية، ثم أنشأ بعثة دبلوماسية في جدة عام 1932.
شهدت السنوات اللاحقة توالي خطوات إرساء العلاقات، حيث زار الملك فيصل بن عبدالعزيز فرنسا عام 1967، والتقى الرئيس الفرنسي حينها شارل ديغول.
وفي عام 1986، افتتح خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حينما كان أميرًا لمنطقة الرياض، والرئيس الفرنسي آنذاك، جاك شيراك، معرض “المملكة بين الأمس واليوم” في باريس، حيث تعرف الزائرون من خلاله على ماضي المملكة وتقاليدها وقيمها الدينية والحضارية ونموها الحديث ومنجزاتها العملاقة.
وزار الملك سلمان بن عبدالعزيز فرنسا في عام 1997، ووقع مع عمدة باريس جان لييري ميثاق تعاون وصداقة بين مدينتي الرياض وباريس.
كما زار الأمير محمد بن سلمان فرنسا في عام 2018؛ لإتمام الشراكة في عدد من المشروعات التي تخدم رؤية المملكة 2030، حيث شهدت الزراعة توقيع 19 اتفاق بين شركات فرنسية وسعودية، بقيمة إجمالية تزيد على 18 مليار دولار، شملت قطاعات صناعية مثل البتروكيميائيات ومعالجة المياه، إضافة إلى السياحة والثقافة والصحة والزراعة.
ومن جانبه، زار “ماكرون” المملكة في ديسمبر 2021، ووقع البلدان حينها عددًا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالات (الثقافية، والسياحية، والتقنية الرقمية، والفضاء.
وتجمع المملكة وفرنسا علاقات متينة في مجالات الطاقة، والتي تتمثل في العديد من المشروعات في مجالات تكرير البترول، وإنتاج البتروكيماويات، وقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، “، وأمن المحطات والشبكات الكهربائية، وموثوقية الخدمة، وتبادل الخبرات في الربط الكهربائي.
الشراكات التجارية بين المملكة وفرنسا
تشير البيانات الرسمية أن عدد الشركات الفرنسية المستثمرة في المملكة ارتفع من 259 شركة في العام 2019، ليصل إلى 336 شركة في العام 2022.
نتج هذا عن حرص البلدين على تعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية وبناء شراكات طويلة الأمد بين القطاع الخاص في المملكة وفرنسا، عبر توقيع مذكرة تفاهم بين برنامج “ريادة الشركات الوطنية” في وزارة الاستثمار السعودية وبرنامج “بزنس فرانس”.
وتوجد العديد من المشاريع السعودية الفرنسية المشتركة، من أبرزها “مصفاة ساتورب المشتركة” بين شركتي “أرامكو” و”توتال إنرجي”، وشركة “EDF” الفرنسية للطاقة المتجددة التي تترأس ائتلاف تطوير مشروع مزرعة الرياح في محافظة دومة الجندل، وشراكات أخرى في المجالات اللوجستية، منها شركة مترو العاصمة “كامكو” بمدينة الرياض.
وتعمل الشركات الفرنسية في قطاعات النقل، والطيران، والنفط، وإنتاج الطاقة، والطاقات المتجددة، والمياه، وتدوير النفايات، والبناء، وتركز حاليًا على عدد من القطاعات في المملكة، مثل: الاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والثقافة، والضيافة، والتقنيات الزراعية، والتقنية الحيوية، والصحة.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وفرنسا في العام 2021 ما قيمته 7.155 مليارات دولار، حيث جاءت المملكة في المرتبة 32 في قائمة الدول التي تستورد منها فرنسا بقيمة 3.915 مليارات دولار، كما احتلت المملكة المرتبة 53 في قائمة الدول المستقبلة لصادرات فرنسا بقيمة 3.240 مليارات دولار.
وتعد المنتجات المعدنية، والمنتجات الكيماوية العضوية، وألمنيوم ومصنوعاته، ولدائن ومصنوعاتها، أهم السلع التي تصدرها المملكة إلى فرنسا، بينما تعد منتجات الصيدلة، والزيوت العطرية ومستحضرات التجميل، والسيارات وأجزاؤها، والآلات والأدوات الآلية وأجزاؤها أهم السلع التي تستوردها المملكة من فرنسا.
ونمت صادرات المملكة غير النفطية إلى فرنسا من 3.2 إلى 4.2 مليار دولار بين العامين 2017 و2019.
التعاون العلمي بين المملكة وفرنسا
وسع البلدان نطاق التعاون بين الجامعات والكليات التقنية ومراكز الفكر والأبحاث في المملكة وفرنسا، إضافة إلى التعاون في مجالات البحوث العلمية والتطوير والابتكار.
ويبلغ إجمالي عدد الطلاب السعوديين المبتعثين حاليًا في فرنسا 996 طالبا، فيما يبلغ عدد الطلاب الفرنسيين الدارسين في المملكة حاليا 259 طالبا.
أصول إيرانية بشعار “ممنوع التصرف”
مخزونات الرؤوس النووية تتزايد مجددًا
مدينة عربية ضمن التصنيف.. المدن الأكثر موازنة بين الحياة والعمل