للمرة الثانية في غضون أشهر معدودة، يواجه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اتهامات بشأن سوء إدارة محتمل لملفات سرية بعد مغادرته البيت الأبيض، وهو الذي يستعد لحملته الانتخابية للوصول إلى المنصب من جديد، حيث يبحث المدعون العامون في نقل الملفات الرسمية إلى ملكية “ترامب” في مار إيه لاغو بولاية فلوريدا منذ العام الماضي.
وتم تفتيش الممتلكات الواقعة على شاطئ البحر في أغسطس الماضي وتم الوصول إلى 11000 وثيقة، بما في ذلك حوالي 100 تم تصنيفها على أنها سرية وتصنيف بعضها على أنها سرية للغاية. ووُضع على بعض تلك الوثائق علامة “TS / SCI”، وهي تسمية لمواد يمكن أن تسبب “ضررا جسيما بشكل استثنائي” للأمن القومي للولايات المتحدة.
عقوبات تصل لـ 35 عامًا
ويواجه دونالد ترامب، بحسب ما أُعلن أمس الجمعة، لائحة اتهام مكونة من 37 تهمة للاحتفاظ بوثائق حساسة للغاية بما في ذلك ملفات عن الخطط العسكرية الأمريكية والبرامج النووية في العقار، بما في ذلك في قاعة الرقص وحتى الحمام.
بينما يقول خبراء قانونيون إن التهم الجنائية الموجهة ضد ترامب، الذي يترشح للرئاسة مرة أخرى في عام 2024، قد تؤدي إلى سجنه لفترة طويلة في حالة إدانته. أما عن “ترامب” فقد نفى مرارًا ارتكاب أي مخالفات وقال إنه “لم يعتقد أبدًا أنه من الممكن أن يحدث مثل هذا الأمر لرئيس سابق للولايات المتحدة”.
ويواجه ترامب 37 تهمة جنائية تتعلق بالحيازة غير المصرح بها لمواد سرية، وعرقلة سير العدالة، والإدلاء ببيانات كاذبة إلى سلطات إنفاذ القانون، إضافة إلى 31 تهمة تتعلق بالاحتفاظ عمدا بمعلومات الدفاع الوطني بموجب قانون التجسس، بعقوبات تصل إلى 10 سنوات، بينما هناك أربع تهم أخرى، تتعلق بالتآمر وحجب أو إخفاء الوثائق، كل منها تصل عقوبتها القصوى إلى 20 عامًا، والتهمتان الأخيرتان – التخطيط للإخفاء، والبيانات والتمثيلات الكاذبة، قد تؤدي كل منهما لعقوبة السجن خمس سنوات.
تفاصيل صادمة
من جهته، وصف كارل توبياس أستاذ القانون بجامعة ريتشموند في فيرجينيا هذه الاتهامات بـ”الخطيرة للغاية”، موضّحًا: “هناك قدر لا يصدق من التفاصيل هناك، والكثير منها مروع للغاية.
“وأضاف توبياس أن مستوى التفاصيل والمزاعم “المقلقة للغاية” بشأن سوء التعامل مع معلومات الأمن القومي الحساسة تشكل “حجة قوية للحكومة”. وقال: “بالطبع، كل هذا يجب إثباته”. “ولكن هناك الكثير من المعلومات [في لائحة الاتهام] التي تبدو مقنعة بالنسبة لي، ويمكن أن تكون كذلك لهيئة المحلفين. ويبدو أنها كانت بالفعل لهيئة المحلفين الكبرى”.
وكان ترامب قد صرّح على منصته للتواصل الاجتماعي Truth Social، إنه طُلب منه المثول أمام محكمة اتحادية في ميامي يوم الثلاثاء 13 يونيو، والتقى جهاز الخدمة السرية الأمريكية يوم الجمعة بطاقم الرئيس السابق وضباط الخدمة السرية المعينين له، وتم التأكيد على أن ترامب سوف يسافر إلى ميامي في الليلة التي تسبق يوم مثوله في المحكمة، بحسب “BBC”.
كيف دافع ترامب عن نفسه؟
وفي سلسلة من منشورات Truth Social بالإضافة إلى تسجيل فيديو، قال ترامب مرارًا وتكرارًا إنه بريء، ووصف لائحة الاتهام بأنها “حرب سياسية” ضده قبل انتخابات 2024، حيث استخدم مجموعة متنوعة من الحجج للدفاع عن تعامله مع الوثائق، بما في ذلك أنه رفع السرية عن الوثائق قبل اكتشافها، بينما قام الرؤساء في السابق برفع السرية عن الوثائق بشكل مباشر، فيما لا يوجد دليل على أن ترامب فعل ذلك أو اتبع أي إجراءات قائمة.
واستمر ترامب في الجدال متحججًا بأن بعض الوثائق كانت شخصية ومحمية بامتياز تنفيذي. هذا يعني أنه لم يكن هناك أي شرط لتسليمها إلى الأرشيف الوطني عندما ترك منصبه. وقال: “لم يقل أحد أنه غير مسموح لي بالاطلاع على السجلات الشخصية التي أحضرتها معي من البيت الأبيض”.
من جانبه، قال ديفيد سوبر، الأستاذ في مركز القانون بجامعة جورج تاون، لبي بي سي، إنه يعتقد أن محامي ترامب من المرجح أن يجادلوا بأن الرئيس السابق كان مجرد “كاتب ملفات سيئ حقًا، وقد يكون أحد الجوانب الرئيسية للقضية هو التسجيل الصوتي الذي قيل إن ترامب قال فيه إنه احتفظ عن علم بوثائق واعترف بأنه محدود في قدرته على رفع السرية عنها، وإذا كان هذا صحيحًا، فقد وصف “سوبر” الموقف بقوله: “هذا يغرقه كثيرًا، لأن ذلك يظهر أنه يعرف أن الأشياء التي كان يقولها في الأماكن العامة غير صحيحة”.
هل تؤثر الاتهامات على حملته الانتخابية؟
وبينما يواجه ترامب هذه الاتهامات، يتجهز على الجانب الآخر لحملته الرئاسية المقبلة، ووفقًا لقانون الولايات المتحدة، فلا شيء يمنع أي فرد من الترشح لمنصب إذا كان يواجه تهماً جنائية، إلا أن ذلك لا يمنع من أن يُشكل أزمة له طالما لم يتم حلها وخروجه منها.
ما يجب معرفته عن قاضي محاكمة دونالد ترامب