تحل ذكرى وفاة جوزيف ستالين، القائد الثاني للاتحاد السوفيتي، في يوم 5 مارس من كل عام، والذي يشهد له التاريخ بهزيمة النازية، والقدرة على التحكم في السوفيت لمدة ربع قرن. فما قصته؟
طفولة مغلّفة بالفقر والمعاناة
ولد ستالين في 18 ديسمبر 1879 في جوري، جورجيا في الإمبراطورية الروسية، ومُنح اسم “جوزيف فيساريونوفيتش دجوغاشفيلي”، هذا الصبي الذي كبر في فقر، حيث كانت والدته تعمل بغسل الملابس ووالده إسكافي.
عاش ستالين طفولة صعبة، فأصيب بالجدري وهو في السابعة من عمره، أصبح على إثره صاحب وجهه مثقوب وذراعه اليسرى كانت مشوهة قليلاً. يتعرض للمضايقة من قبل الأطفال الآخرين ويشعر بالحاجة المستمرة لإثبات نفسه. والده مدمن على الكحول ويضربه بانتظام.
مشروع كاهن لم يفلح
أرادت والدة جوزيف له أن يكون كاهنا، فأرسلته عام 1895 للدراسة في تفليس، العاصمة الجورجية.
تمرد جوزيف، وبدلاً من دراسة الكتاب المقدس أخذ يقرأ الكتابات السرية لكارل ماركس وينضم إلى مجموعة اشتراكية محلية.
كرّس ستالين الكثير من وقته للحركة الثورية ضد الملكية الروسية وفقد الاهتمام بدراساته، بل إنه أصبح ملحدًا وكثيرًا ما كان يتجادل مع الكهنة، حتى طُرد من المدرسة الدينية في عام 1899، بعد فشله في حضور امتحاناته.
لص ثوري
عمل جوزيف ككاتب في مرصد الأرصاد الجوية بينما كان يواصل أنشطته الثورية وتنظيم الإضرابات والاحتجاجات.
بعد أن أصبحت أنشطته معروفة للشرطة السرية القيصرية، أُجبر على الاختباء تحت الأرض، وانضم إلى الحزب البلشفي وشارك في حرب العصابات لأول مرة في الثورة الروسية عام 1905.
التقى الزعيم البلشفي لينين لأول مرة في مؤتمر حزبي في فنلندا، فأُعجب به الأخير، وفي عام 1907، سرق 250000 روبل في عملية سطو على بنك في “تيفليس” للمساعدة في تمويل القضية.
الولادة الثانية لـ “ستالين”
تزوج جوزيف من زوجته الأولى “كيتيفان سفانيدزي” في عام 1906، وأنجبت ابنهما “ياكوف”.
بعد سرقة بنك “تفليس”، هرب جوزيف وعائلته من القوات القيصرية بالسفر إلى باكو في أذربيجان، وعندما ماتت “كيتيفان” بسبب مرض التيفوس عام 1907، شعر جوزيف بالحزن.
ترك ابنه ليهتم به والدا زوجته وانهمك في عمله الثوري، واختار لنفسه اسم ستالين الذي يعني الفولاذ باللغة الروسية. تم القبض عليه عدة مرات ونفي إلى سيبيريا عام 1910.
ستالين في حقبة الثورة الروسية
لعب ستالين دورًا مهمًا في ثورة لينين عام 1917 من خلال إدارته لصحيفة برافدا البلشفية، ثم رُحّب به كبطل عندما ساعد لينين على الهروب من جيش القيصر إلى فنلندا وتم تعيينه في الدائرة الداخلية للحزب البلشفي. عندما سقط القيصر، اندلعت حرب أهلية، فأمر ستالين بالإعدام العلني للهاربين والمرتدين.
عندما تولى لينين السلطة، عين ستالين ليكون الأمين العام للحزب الشيوعي.
إجراءات عنيفة
بعد وفاة لينين في عام 1924، بدأ ستالين الترويج لنفسه باعتباره وريثه السياسي، وروّج لنفسه من خلال الترويج لتقوية الاتحاد السوفيتي بدلاً من الثورة العالمية، وبحلول أواخر العشرينات أصبح قائد الاتحاد السوفيتي.
وضع ستالين سلسلة من الخطط الخمسية لتحويل الاتحاد السوفيتي إلى دولة صناعية حديثة، وحقق زيادات هائلة في إنتاجية الفحم والنفط والصلب، حيث كان يعطي المصانع أهدافًا صارمة يجد العديد من العمال استحالة في تحقيقها. مصير المقصرين كان إما السجن أو الإعدام كعدو للدولة حال عدم تحقيقها.
عندما تولى ستالين السلطة، كانت الزراعة السوفييتية لا تزال تحت سيطرة ملاك الأراضي الصغار وتفسدها الأوبئة وعدم الكفاءة.
أراد جوزيف إصلاح الأوضاع بإدخال الأراضي في حيازة الدولة، فعارضه ملايين المزارعين العاديين الذين لجأوا إلى قتل الماشية وتخزين الحبوب سرًا، إلى أن مات حوالي 5 ملايين في سلسلة من المجاعات، فأقدم على قتل وسجن الملايين من أصحاب الحيازات الصغيرة.
الرعب العظيم
عانى ستالين بشكل متزايد من جنون العظمة، فأطلق حملة لتطهير الحزب الشيوعي والجيش من معارضيه.
قُتل 93 من أعضاء اللجنة المركزية البالغ عددهم 139، وأُعدم 81 من الجنرالات والأميرالات البالغ عددهم 103، وفرضت الشرطة السرية أفكاره بالقوة.
أرسل جوزيف 3 ملايين شخص متهمون بمعارضة الشيوعية إلى معسكرات العمل في سيبيريا، وقُتل حوالي 750 ألف شخص بإجراءات موجزة.
الصراع مع النازيين
وقع ستالين اتفاقية عدم اعتداء مع أدولف هتلر ووافق على تقسيم أوروبا الشرقية بينهما.
تجاهل جوزيف تحذيرات جنرالاته بعدما هزمت جيوش هتلر بسهولة فرنسا وأجبروا بريطانيا على الانسحاب، فتعرض الاتحاد السوفيتي للهجوم النازي في يونيو 1941، وتكبد الجيش خسائر فادحة.
اجتاحت القوات الألمانية جميع أنحاء البلاد وبحلول ديسمبر 1941 وصلت تقريبًا إلى موسكو.
رفض ستالين مغادرة المدينة، وخاض معركة “ستالينجراد” وأجبر جيشه على عدم التراجع، فانتصروا على الرغم من معاناتهم سقوط أكثر من مليون ضحية، ثم اتجه بعد عامين بقواته على ألمانيا وصولا إلى برلين.
موت هادئ عقب حياة صاخبة
المُطّلع على سيرة رجل كستالين سيتوقّع أن موته لن يكون كأي عجوز قضى سنواته الأخيرة بجوار المدفأة، ولكن هذا ما حدث.
في السنوات الأخيرة من حكم ستالين، أصبح مرتابًا بشكل متزايد، واستمر في إجراء عمليات التطهير ضد أعدائه داخل الحزب.
وبعد ليلة قضاها في شرب الخمر، مات ستالين بجلطة دماغية في 5 مارس 1953.
انقسمت المشاعر بعد موت ستالين، فحزن كثيرون في الاتحاد السوفيتي على فقدان هذا القائد العظيم الذي حوّل الاتحاد السوفيتي من اقتصاد إقطاعي إلى قوة صناعية ولعب دورًا حاسمًا في هزيمة هتلر، لكن أعداءه ابتهجوا بموته كما لم يبتهجوا من قبل!
ما هو نوع السرطان الذي تعافى منه الرئيس الأمريكي بايدن؟
العالم على أبواب حرب جديدة.. الصين تنوي اجتياح تايوان في هذا الموعد