مر ما يقرب من عام على بداية إجراءات البنك الفيدرالي الأمريكي لمواجهة التضخم الذي عرف طريقه لاقتصاد الولايات المتحدة مثل غالبية اقتصادات الدول حول العالم لأسباب عديدة أبرزها جائحة كورونا والحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في مطلع العام الماضي، وبدأت إجراءات “الفيدرالي” الأمريكي برفع معدلات الفائدة بربع نقطة مئوية، ليستمر بعد ذلك تسارع الأحداث ويصل التضخم في أميركا إلى أعلى معدل سنوي له منذ العام 1981.
إجراءات غير كافية ومتأخرة
مع استمرار معدلات التضخم في الارتفاع أدرك صناع السياسة النقدية أن تلك الإجراءات لم تكن كافية حتى لهزيمة التضخم، وتوالت معدلات الفائدة لتصل إلى 450 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2007.
ومن الناحية النظرية نجح الفدرالي الأميركي في الحد بشكل بسيط من ارتفاع التضخم، ولكنه ليس بالقدر المأمول، حيث تكمن المشكلة في تأخر الفيدرالي في بدء علاج المشكلة، إذ وصف البعض بأن تحركه جاء بعد فوات الأوان، وتتزايد التساؤلات أيضاً حول المدة التي سيستغرقها الفدرالي للعودة إلى معايير التضخم التي تبلغ 2%.
مؤشرات إيجابية
أثبتت المؤشرات في الآونة الأخيرة أن الإجراءات المتبعة تسير في الطريق السليم، إذ أظهر أحد المقاييس التي تتم مراقبتها عن كثب، وهو مؤشر أسعار المستهلك الصادر عن وزارة العمل الأمريكية أن مستوى التضخم السنوي يسجل حاليًا 6.4 % مقابل 9 % في الصيف الماضي.
ويعد مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، من المؤشرات المفضلة لدى البنك الفيدرالي لأنه يتكيف بسرعة أكبر مع تقلبات سلوك المستهلك، وأوضح المؤشر أيضًا تراجعًا إلى 5.4% سنويًا ، ليقترب أيضًا من مؤشر أسعار المستهلك.
ورغم المؤشرات الإيجابية ما زالت النسبة أقل بكثير من النسب التي يستهدفها البنك الفيدرالي الأمريكي، مما أوجد قلقاً متزايداً في الأسواق المالية من أن هناك حاجة إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة، حتى أكثر مما يتوقعه مسؤولو البنك المركزي.
وفي سياق متصل خفضت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، والتي تحدد معدل الأسعار في الأشهر الأخيرة، مستوى رفع أسعار الفائدة، من أربع زيادات متتالية بمقدار ثلاثة أرباع نقطة إلى زيادة بمقدار نصف نقطة في ديسمبر وربع نقطة في أوائل فبراير.
بعد 8 مليار نسمة في الكوكب.. هل يجد البشر ما يأكلونه؟!!