لم يساور الرئيس الروسي فلوديمير بوتين الشك في أن الانتصار في الحرب التي شنها على أوكرانيا في فبراير الماضي، سيكون سريعًا، ولكن بعد عام وفي ظل تعثر السيطرة على كييف قد يجعله ذلك يُعيد التفكير في خطته.
أهداف الغزو
في حين أن المشهد الحالي لا يمكن وصفه إلا أنه احتلال روسي لأوكرانيا، إلا أن ما ساقه بوتين قبل شن الحرب هو أن هذه “العملية العسكرية الخاصة” كما يصفها، جاءت بغرض نزع السلاح والقضاء على النازية هناك.
ولكن وصف بوتين يتعارض مع حجم الدمار الذي تشهده مدن أوكرانيا، وأحوال سكانها ما بين قتلى وجرحى ولاجئين، جراء ما يتم وصفه بأنه أكبر غزوًا عسكريًا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وزعمت موسكو بأن تدخلها كان الغرض منه حماية المواطنين الأوكرانيين من اضطهاد الحكومة، وعرقلة جهود حلف شمال الأطلسي “الناتو” للتواجد في أوكرانيا من خلال شبه جزيرة القرم.
لكن الهدف الخفي الذي تسترت موسكو وراء الأسباب السابقة من أجل تحقيقه، كان الإطاحة بحكومة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي والسيطرة على العاصمة كييف، وهو ما جعل نفيها الدائم لوجود أي نية لاحتلال الأراضي الأوكرانية أمرًا لا يُعتد به.
تعديل مسار الخطة
بعد فشل السيطرة على كييف خلال الشهر الأول من الغزو، عدّل الجانب الروسي خطته وأصبح الهدف الرئيسي هو اقتحام “دونباس” والسيطرة عليها، وانسحبت القوات من المناطق المحيطة بالعاصمة في خاركيف في الشمال الشرقي وخيرسون في الجنوب.
ولكن هذه التغييرات لم تكن ذات جدوى على أرض المعركة، وهو ما دفع الجانب الروسي لمحاولة السيطرة على على أربع مقاطعات أوكرانية في سبتمبر الماضي، وهي لوهانسك ودونيتسك في الشرق، وخيرسون وزابوريجيا في الجنوب.
وتسببت هذه التغييرات في أن تُصبح المواجهات في أوكرانيا بمثابة حرب استنزاف طويلة الأمد للطرفين، نهايتها لم تعد محسومة للجانب الروسي مثلما كانت التوقعات، خصوصًا في ظل الدعم الذي قدمته وتنوي الدول الغربية تقديمه لأوكرانيا لتنتهي الحرب لصالحها.
هل حقق بوتين نجاحات؟
يُعد النجاح الأوحد الذي يمكن القول بأن روسيا حققته هو إنشاء جسر يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم، الذي أعلن بوتين ضمها إلى بلاده بشكل غير شرعي عام 2014، وهو ما مكن موسكو من الاستغناء عن جسر مضيق كيرتش.
فيما يعتبر بوتين أن سيطرة قواته على المنطقة المحيطة بمدينتي ماريوبول وميليتوبول، وكذلك بحر آزوف، نجاحًا مهمًا لروسيا.
هل تخسر روسيا؟
حتى الآن، لم تسفر الحرب الدموية في أوكرانيا عن أي نجاحات مهمة للجانب الروسي، ولكنها في المقابل أظهرت الوجه الوحشي لموسكو، والذي بدا جليًا من خلال دك مدينة مثل ماريوبول، وارتكاب مجازر بحق المدنيين في مدينة بوتشا والتي وضعتها في مواجهة اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
إلى جانب ذلك، كشفت الحرب عن نقاط الضعف الاستراتيجية والدفاعية الروسية والتي تمثلت في انسحاب 30 ألف جندي روسي عبر نهر دنيبرو من خيرسون في نوفمبر الماضي، بالإضافة إلى تعطل رتل عسكري مدرع بطول 56 كلم بالقرب من كييف في الأيام الأولى من الحرب.
بخلاف فقد الجانب الروسي لعدد كبير من الجنود، وغرق سفينة القيادة للأسطول الروسي في في البحر الأسود، إلى جانب الهجوم الأوكراني في أكتوبر الماضي والذي تسبب بإغلاق جسر مضيق كيرتش لأسابيع.
وما زاد الموقف الروسي سوءًا، هو تجاهل الناتو ودول الغرب لتحذيرات موسكو من مساعدة كييف عسكريًا، إذ لعبت الأسلحة الغربية دورًا أساسيًا في صمود أوكرانيا في ساحة المعركة.
وعلى الرغم من ذلك، يتوقع مراقبون أن بوتين سيحاول السيطرة على عدة مناطق وليس فقط دونباس، بل سيذهب باتجاه مدينة زابوريجيا الرئيسية، والإطاحة بحكومة مولدوفا الموالية لأوروبا، إلى جانب التوقعات بتوسيع حالة التعبئة، هذا بخلاف التلويح باستخدام الأسلحة النووية من جانبه ردًا على استمرار دعم أوكرانيا.
خلافات في اجتماع مجموعة العشرين بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.. ماذا جرى؟