تعد السعادة هي الهدف الرئيسي الذي يسعى إليه كل إنسان، وتتنوع مصادر السعادة بحسب اهتمامات كل فرد، فهناك أشياء قد تجدها مملة أو مألوفة لكنها مصدر السعادة لشخص آخر، ويبحث الجميع عن كيفية استدامة تلك السعادة، فالسعادة المستمرة هي حلم الجميع.
بدأ الباحثون في جامعة هارفرد منذ عام 1938 دراسة استمرت لعشرات السنوات، لمعرفة الأسباب التي تجعل الإنسان سعيدًا، وشارك في تلك الدراسة 724 شخصاً من مختلف أنحاء العالم، حيث تم طرح مجموعة من الأسئلة حول تفاصيل حياتهم على فترة أمتدت لسنتين، وعلى عكس كل التوقعات فالأمر لم يكن مرتبطًا بالإنجاز الوظيفي أو المال أو ممارسة الرياضة أو اتباع نظام غذائي صحي، حيث اتضح أن العلاقات الاجتماعية الإيجابية هي مصدر السعادة الحقيقي وتساعد الإنسان على العيش لفترات أطول.
علاقات اجتماعية سليمة
تلعب العلاقات مع الآخرين في المحيط الاجتماعي دوراً كبيراً في التأثير على جسد الفرد، حيث أثبتت الدراسة أن الفرد قد يشعر بالقوة والنشاط والانتعاش عندما يجد شخص قد فهمه أو اقتنع برأيه خلال إحدى المحادثات، ويحدث التأثير نفسه عندما يعيش الإنسان فترة رومانسية، لذلك تكون الخطوة الأولى في طريق السعادة هي التأكد من أن علاقاتك الاجتماعية صحية ومتوازنة وأن يكون لديك اللياقة الاجتماعية في التعامل مع الآخرين وتقييم تصرفاتهم تجاهك، وأن تكون صادقاً مع نفسك بشأن المكان الذي تكرس فيه وقتك، وما إذا كنت تعتني بالروابط التي تساعد على ازدهار العلاقات مع من يستحقون.
وتوصل الباحثون في دراستهم إلى أن كل إنسان لا يستطيع توفير كل احتياجاته بمفرده فالجميع يحتاج للدعم وتلقي يد العون في كثير من الأحيان للتفاعل مع الشخص في ظروف محددة وتقديم المساعدة له، وقدموا عدداً من الركائز لتحديد مدى جودة علاقة الشخص مع الأفراد ومدى قدرتهم على تقديم الدعم المطلوب لن، على النحو الآتي:
– القرب العاطفي والثقة
من يعرف كل شيء عنك؟ من يمكنك الاتصال به عندما تشعر بالضعف وتخبره شعورك الحقيقي دون خجل؟
– الأمن والأمان:
هل هناك من تلجأ إليه في أوقات الخوف؟ ومن أول شخص تهرع إليه في أوقات الأزمات؟
– الدعم للتقدم:
من يشجعك على تجربة أشياء جديدة، واغتنام الفرص، ومتابعة أهداف حياتك؟
– الخبرة المشتركة:
هل هناك شخص في حياتك شارك معك العديد من الخبرات ويساعدك على تقوية شعورك بذاتك؟
– الحب والرومانسية:
هل تشعر بالرضا عن مقدار الحب والرومانسية في حياتك؟
– الصديق الخبير:
من الذي تلجأ إليه إذا كنت بحاجة إلى بعض الخبرة أو المساعدة في حل مشكلة عملية أو تحتاج المساعدة في أمورك الحياتية كإصلاح الأشياء البسيطة في منزلك؟
– الراحة والمتعة:
من يجعلك تضحك؟ بمن تتصل لمشاهدة فيلم أو الذهاب في رحلة لشعورك بالراحة معه؟
وللحصول على إجابات دقيقة تستطيع تحليلها، نصح الباحثون بعمل جدول مكون من 7 خانات، على أن يضع الفرد واحدة من النقاط السالف في كل خانة، من وضع علامة “صح” إذا كانت العلاقات في حياة الشخص تقدم له الدعم في مجال من المجالات المذكورة، على أن يتم وضع علامة “خطأ” إن لم يجد الشخص في دائرة علاقاته من يقدم له نوع الدعم المطلوب، وفي النهاية سيعرف الشخص ما ينقصه بدقة.
وشبه الباحثون هذا الجدول، بالأشعة السينية التي تمكنك من رؤية علاقاتك الاجتماعية بعمق، فبالنظر إلى علامات “خطأ” الموجودة في الجدول، قد تدرك أن لديك الكثير من الأشخاص الذين تستمتع معهم، ولكن لا يوجد من تثق به، أو ربما لديك شخص تذهب إليه للحصول على المساعدة عند الأزمات مما يعزز من شعور الأمان لديك.
ويرى الباحثون أن الهدف من تقييم علاقاتك ليس معرفة أين تقف وفهم طبيعة علاقتك بالآخرين فقط، ولكن الهدف الأكبر هو كسر حاجز الخوف في التعامل مع الآخرين، وتحديد أهدافك من كل علاقة، وأخيرًا الإدراك دائمًا أن الوقت لم يفوتك لتعميق الروابط والعلاقات التي تفتقر إليها.
الكمال بعيد المنال: كيف يساهم تحقيق أهداف بنسبة 80% في الشعور بالسعادة؟
مؤشر السعادة العالمي.. ما الدول العربية الأكثر سعادة في 2022؟