يحاول الغالبية الانتصار في أي جدال يدخلونه مع الآخرين، كما يعتبر البعض عدم إقناع الشخص المقابل بحجته أو وجهة نظره هزيمة يتفاداها ويرفض حتى تخيلها، لكن الأبحاث العلمية أثبت مؤخرًا أن استغلال الجدال مع الآخرين بالشكل السليم يؤدي إلى نجاح الفرد وهو رصة جيدة للتعلم وتنمية الذات.
ويقول “ماثيو فيشر” أستاذ علم النفس في جامعة Southern Methodis، إن الهدف من الاستماع إلى وجهات النظر الأخرى أو الدخول في جدال مع شخص ما ليس إقناع كل طرف للآخر أنه على صواب، بل ينبغي الانفتاح للآراء المختلفة ليس فقط لأنها فرصة للتعلم، لكنها السبيل للوصل إلى الإجابات الصحيحة.
ويرى فيشر أن تطبيق هذا النهج في مجال العمل يؤدي إلى نجاحات أكبر، فعندما يكون الأشخاص أصحاب المناصب القيادية يرفضون الاعتراف بأنه وجهة نظرهم غير صحيحة، يصبح أصحاب المناصب الأقل أو الموظفين خائفين من إبداء النصائح أو توضيح وجهة نظرهم التي قد تفيد الجميع، ومن ثم تتفاقم الأزمات ويتضرر الجميع.
تساؤلات الجدال المنطقي
يرى ” بو سيو” أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد أن الشخص الذكي يفكر في الجدال كفرصة لتوضيح وجهة نظره وليس للتغلب على الآخر، وهو ما يجعل النقاش مثمرًا وأقل حدة، وأن يكون المنطق هو الغالب على الحجج.
وأعطى “بو سيو” طريقة سهلة عند اختلاف وجهات النظر أو الدخول في جدال حول أمر ما، وذلك عن طريق طرح 4 أسئلة على الطرف الآخر، هي “ما هي حجتك؟ – ما دليل صحتها – هل حدث أمر مماثل من قبل؟ – من يهتم؟”، ولا بد على الفرد تجهيز إجابات لتلك الأسئلة أيضًا لإخبار الطرف الآخر بها، وإلا لن يكون على حق إن لم يستطع الإجابة، ويكون جداله هدفه الانتصار فقط وليس الوصول إلى الرأي الصحيح في المحور محل النقاش.
نقاشات مع انفتاح واستعداد للتعلم
أكد “ماثيو فيشر” أن من يريد اتباع أسلوب الجدال من أجل التعلم عليه أن يكون لديه الاستعداد للتعلم، والقابلية لأن يكون مخطئا، ويرى أن كلاً منا إذا تذكر الكثير من النقاشات والجدالات التي خضناها، سيجد أنها ركزت على المبررات وانحرف النقاش عن القضية الأساسية للجدال.
ويرى فيشر أن المناقشة بالانفتاح والاستعداد للتعلم سيجعل من المرجح أن يرى شريكك في المحادثة كيف يمكن أن يكون موقفك صحيحًا أيضًا، ويصبح النقاش أكثر إنتاجية ويكتشف كل منكما أن لديه قصور في فهم بعض جوانب القضية محل الجدل، لكن النقاش من أجل الفوز يجعل عقلك رافضاً لتلقي أي معلومات جديدة، ويعتبرها الفرد مجرد ثرثرة.
التجربة على أرض الواقع
شارك “ماثيو فيشر” في دراسة عام 2016 لتحديد ما إذا كان نهج شخص ما في الجدال يمكن أن يؤثر على كيفية فهمهم لطبيعة الحقيقة، فقام الباحثون بتنظيم حلقتين نقاشتين عن قضية ساخنة تختلف حولها وجهات النظر، وتم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين الأولى تتبنى نهج النقاش من أجل الفوز، والثانية تتبنى نهج النقاش من أجل التعلم.
وبعد انتهاء النقاش أثبتت النتائج أن من جادلوا من أجل الانتصار خرجوا من النقاش غير مقتنعين إلا بوجهة نظر واحدة، ولم تزد حصيلتهم من المعلومات حول القضية المثارة، بينما تقبل المجموعة الأخرى وجود وجهات نظر مختلفة وتعلموا المزيد حول القضية، وأصبح رؤيتهم للأمر بشكل أكبر وأكثر عمقًا.
5 أخطاء يرتكبها الشباب عند الادخار
بعد إسقاط بالون وجسم غريب.. الولايات المتحدة تفرض عقوبات على 6 شركات طيران صينية