اقتصاد منوعات

كيف أصبح “الفول السوداني” أرضا خصبة لـ “العبودية” المتوارثة؟

الفول السوداني هو عنصر رئيسي في العديد من الوجبات المثالية ومصدر للزيت، ومع ذلك، فإن القليل منا يعرف أنه له تاريخ مضطرب، مرتبط بتجارة الرقيق والاستعمار في القارة الأفريقية.

عاشت “جوري لويس”، الصحفية الأمريكية في “داكار” على مدى السنوات العشر الماضية، وقدمت تقارير عن القطاع الزراعي في “السنغال” طوال حياتها المهنية، في كتابها الأول، (مستعبَدون من أجل الفول السوداني: قصة الغزو والتحرير والمحصول الذي غيّر وجه التاريخ)؛ كشفت داخل صفحاته، قصص الممالك الأفريقية والمستوطنات الاستعمارية، كما أظهرت كيف أدى الطلب على زيت “الفول السوداني” في أوروبا إلى التوسع في تجارته في “السنغال” في القرن التاسع عشر، وضمنت تلك الزراعة بذلك استمرار العبودية والسخرة في غرب إفريقيا لفترة زمنية طويلة.

قالت الكاتبة “جوري لويس” إن دافعها لكتابة قصص هؤلاء الذين لا نجد لهم ذِكرًا في كتب التاريخ راجع، لفضولها الشخصي كسيدة أمريكية سمراء عاش أسلافُها في هاوية العبودية.

أجرت “لويس” دراسة على وثائق أرشيفية وصحف ومسوَّدات مؤلفات عن النباتات محفوظة في السنغال وجامبيا وفرنسا، فضلًا عن أنها ضمّنت كتابها تاريخًا شفاهيًا وكلمات الأغاني من قصص الـ “جريو”؛ وهم مُغنون يحظون بالتبجيل في غرب إفريقيا كمؤرخين وشعراء.

استندت قصة الكتاب، على أبحاث أرشيفية دقيقة، بتفاصيل غنية، من خلال عيون رجال ونساء غرب إفريقيا؛ من المبشرين إلى الحكام ومزارعي “الفول السوداني” وتجار العبيد.

أظهرت الكاتبة الأمريكية كيف كان المستعبدون يفرون في كثير من الأحيان من خاطفيهم، ويكافحون من أجل الحصول على “أوراق الحرية”، لتعيدهم السلطات الأوروبية من جديد.

غاصت “لويس” في تاريخ مملكة كاجور، التي كانت مسرحًا لمعارك عديدة في القرن التاسع عشر ضد الاستعمار، والمصدر الأول للسنغال من “الفول السوداني”، حيث كان يعتمد ذلك الإنتاج في الأغلب على أفراد جرى استرقاقهم على أيدي أفارقة آخرين، رغم الموقف الفرنسي الرسمي أنها كانت بصدد إنهاء الرق في مستعمراتها.

وبسبب سلسلة من الثغرات والتبريرات، استمرت ممارسات الاسترقاق؛ على سبيل المثال، قررت فرنسا أن “الاسترقاق” كان مسموحًا به إذا صُنف المستعبدون على أنهم من “الخدم”.

وكتب مسؤولون حكوميون فرنسيون في المستعمرات لرؤسائهم في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر عن “المسألة الحساسة المتعلقة بالمخضعين”، وفق ما كتبت لويس؛ وأطلق أحدهم تحذيرًا: “إن عَطلتم توفير هؤلاء المستعبدين للمستعمرات، فإنكم ستدمرون الزراعة في أنحاء المستعمرات كلها” حسب وصف الكاتبة.

كانت العبودية موجودة في كل مكان في العالم وكانت موجودة في سلسلة متصلة، وفي غرب إفريقيا، كان هناك العديد من المجتمعات الهرمية للغاية، وكان من بينهم أشخاص تم استعبادهم.

وكان لهذا الاستعباد أنواع مختلفة من الوظائف، وأنواع مختلفة من المدد، ومستويات مختلفة من التكامل؛ وهذا في الأساس أحد أكبر الاختلافات بين العبودية الأفريقية والعبودية في أمريكا.

هناك بالطبع، حالات كثيرة لأشخاص في أمريكا يشترون حريتهم، ومن ثم ربما يشترون في النهاية حرية أطفالهم؛ لكنه كان أقل احتمالًا في غرب إفريقيا.

أطاحت فرنسا – وفاءً بالطلب المرتفع على الفول السوداني – بالقادة الذين لم ينصاعوا لطلباتها؛ وعندما اعترض حاكم مملكة “كاجور” على خطط الأوروبيين لإنشاء سكة حديد عبر المنطقة لتيسير تصدير الفول السوداني، اجتاح الجيش الفرنسي تلك المنطقة بغير هوادة.

فر مستعبدون كثيرين من مملكة “كاجور” في ظل سعيهم للحرية، إلى المستعمرات الفرنسية في سان لوي، وهي سلسلة من الجزر الصغيرة عند نهر السنغال.

مسؤولو الحكومة الاستعمارية في تلك الجزر كانوا يظهروا دعمهم لإنهاء الرق، ولكن اتضح أنها لم تكن سوى “أرض زائفة”، بحسب الكاتبة “لويس”، حيث أن الفارين الذين لم يستطيعوا إثبات إقامتهم في “سان لوي” عادوا قسرا لمستعبديهم.

أوضحت الكاتبة “لويس” أنها كانت ترغب في تضمين أصوات النساء وغيرهم ممن لم يكونوا جزءًا من النخبة، كما أرادت تضمين أصوات المستعبدين، وأشارت إلى أنها وجدت بعض القصص والروايات عن كيفية استعبادهم وكيف أصبحوا أحرارًا.

كما بيّنت أن كتباها كان محاولة لسرد مثل هذه القصص من منظور مختلف لتصحيح مئات السنين من تشويه الثقافة والتاريخ الأفريقيين.

لماذا يحتفل العالم باليوم الدولي لإلغاء الرق وما هي أشكال العبودية الحديثة؟

لماذا صوّتت ولاية لويزيانا الأمريكية ضد قرار يلغي العبودية؟

كيف قُضِي على العبودية في أمريكا؟