منوعات

شركة هندية تبتكر طريقة جديدة لصنع الجلد من نفايات الزهور

وجدت شركة هندية ناشئة استخدامًا غير عادي لأطنان الزهور التي تسد نهر الغانج بتحويلها إلى جلد نباتي.

داخل مجمع مليء بالغبار في مدينة “كانبور” بشمال الهند، يوجد مختبر معقم به حاضنة مليئة بالقوارير، تحتوي كل من هذه القوارير على كومة صغيرة مما يشبه بادئ العجين المخمر.

تحتوي الغرفة المجاورة على وعاء أسطواني معدني لامع يسمى مفاعل حيوي، على غرار ما قد تتوقعه في المختبر الذي يصنع المضادات الحيوية، لكن هذه ليست منشأة صيدلانية، فما يتم تصنيعه في الأنابيب لن يخلصك من العدوى، ولكنه يمكن أن يساعد في جعل أنهار الهند أنظف قليلاً.

ما هو Fleather؟

يطلق على هذا الابتكار Fleather ، وهو مادة جديدة يتم تطويرها كبديل مستدام لجلد الحيوانات، إنها خامة حساسة وناعمة الملمس، مثل جلد الخروف الناعم، وتبدأ رحلتها من الزهور.

Fleather ، الذي أنشأته شركة ناشئة في كانبور تسمى Phool ، هي جزء من اتجاه ناشئ لشركات تنتج بدائل جلدية تعتمد على النباتات والفطريات والتي تهدف إلى تعطيل صناعة الجلود التقليدية والاستفادة من الاهتمام المتزايد بالأزياء “النباتية”.

يشكل إنتاج الجلود من الحيوانات العديد من المخاطر البيئية، إنها عملية كثيفة الاستخدام للطاقة والمياه، وعملية دباغة جلد الحيوانات ومعالجتها بالمواد الكيميائية لجعل الجلد يطلق معادن ثقيلة سامة يمكن أن تسمم المسطحات المائية، بالإضافة إلى أن تربية الماشية من أجل الحصول على جلودها ينتج غازات الاحتباس الحراري وتساهم في إزالة الغابات، كما يدين نشطاء حقوق الحيوان الحصول على الجلود، مستشهدين بالظروف غير الإنسانية في المسالخ.

كيف بدأت القصة؟

من ناحية أخرى، يتم تصنيع Fleather من خلال إعادة استخدام نفايات الأزهار في جميع أنحاء الهند، حيث بدأت رحلة الشركة الناشئة في شتاء 2015، عندما شق “أنكيت أغاروال” وصديقه طريقهما إلى ضفة الغانج الصاخبة في مدينة كانبور، مسقط رأس أغاروال ، لمشاهدة بعض المعالم السياحية.

يعتقد الهندوس أن نهر الغانج هو أكثر الأنهار قداسة، لكن المشهد الذي استقبل الثنائي كان عبارة قمامة تطفو على المياه الرمادية الملوثة بشكل واضح، وكان من بين الأوساخ أطنان من الزهور – القطيفة والورود والأقحوان – التي تم التخلص منها من قبل المعابد، حيث تستخدم هذه الزهور في الطقوس الهندوسية وتعتبر مقدسة، مما يعني أنه لا يمكن التخلص منها مع النفايات الأخرى.

لكن ترسبها في النهر هو أحيانًا جزء من الطقوس ونتيجة لذلك يتم إلقاء الزهور في المسطحات المائية يوميًا حيث تتسرب المواد الكيميائية الضارة من المبيدات الحشرية لتلوث المياه.

المشهد أزعج أغاروال، ودفعه إلى السعي لإيجاد حل للمشكلة الهندية الفريدة من نفايات أزهار المعابد، وركز على فكرة إعادة تدوير الزهور إلى أعواد بخور، وأسس شركة لهذا الغرض، وكانت مدعومة من المعهد الهندي المرموق للتكنولوجيا في كانبور وتعد نجمة بوليوود “علياء بهات”، من أبرز المستثمرين فيها

وفي كل صباح، كانت الشاحنات التابعة للشركة تتجول حول معابد كانبور لتجمع نفايات الزهور قبل أن يتم إلقاؤها في النهر، وعد نقلها إلى المصنع يقطف العمال البتلات ويضعونها حتى تجف، وبعد ذلك يتم تحويلها إلى عجينة بالزيوت الأساسية، ومن ثم تقوم النساء بلفها في أعواد البخور.

الصدفة

ولكن اتضح أن هناك استخدامًا أكثر استدامة لهذه الزهور ففي عام 2018، لاحظ ناتشيكيت كونتلا ، رئيس قسم البحث والتطوير في شركة Phool ، وعلماء آخرون في الشركة وجود طبقة بيضاء اللون على كومة من أزهار النفايات على أرضية المصنع.

وعندما أطلوا عن قرب، رأوا شبكة ليفية رفيعة، يبدو أن نوعًا من الكائنات الحية الدقيقة الفطرية كان يحاول النمو على الأزهار، مستمدًا التغذية من السليلوز الموجود فيها.

إصرار وتجارب

بدأ باحثو Phool إجراء التجارب، وبالفعل حصلوا على الكائنات الحية الدقيقة من الغابة بالقرب من حرم IIT Kanpur الجامعي وأطعموا نفايات الزهور إلى سلالات ميكروبية مختلفة، وقاموا بتعديل درجة الحرارة والرطوبة لمعرفة كيف يمكن أن تنمو في ظل ظروف خاضعة للرقابة في المختبر.

أسفرت تجاربهم الأولية عن مادة سميكة من الستايروفوم يمكن استخدامها في التغليف، لكن الباحثين سرعان ما أدركوا أن نسيج النمو الميكروبي يبدو مألوفًا بشكل غريب، إذ يقول “كونتلا”: “شعر شخص ما في الفريق أن اللمسة مصنوعة من الجلد لذا سألنا، هل يمكننا صنع مادة تشبه القماش؟ كانت هذه هي طريقة التفكير.”

تمكنت Phool حتى الآن من صنع العديد من نماذج Fleather الأولية – محافظ، وأكياس، وصنادل، وأحذية رياضية

يقول “كونتلا” إنهم استمروا في التجريب وزرعوا نوعين معًا، لمساعدة الميكروبات على استخلاص العناصر الغذائية بشكل أكثر كفاءة والنمو بشكل أفضل، حيث بدأ الباحثون في إطعامها في شكل سائل، عن طريق غلي بتلات الزهور في الماء لاستخراج السليلوز منها وإضافة بعض الكربوهيدرات الإضافية.

يقول “آمين تالوكدار”، عالم أبحاث مشارك في Phool “إنها تنتج جزيئات تشبه الجزيئات الخاصة بالجلد.”

الابتكار ينمو ويتطور

بعد كل هذه التجارب توصل الخبراء في Phool، إلى طريقة خاصة لصنع الجلد الخاص بهم، حيث يبدأ الفريق بأحجام صغيرة من الميكروبات في قوارير في حاضنة تنمو بشكل تدريجي عن طريق إطعامها على سائل الأزهار الغني بالمغذيات، وبمجرد أن يتحول السائل الذي يتدفق بحرية إلى ملاط سميك، مما يشير إلى أن الميكروب قد بلغ مرحلة النضج، يُسكب الخليط في صواني لدفع النمو الليفي ليأخذ شكل صفيحة متصلة، ثم يتم وضع الصينية بعد ذلك لبضعة أيام تتشكل خلالها طبقة مترابطة تشبه قشرة الجبن، ثم يتم دباغها باستخدام محلول مسحوق لحاء الشجر، وتجفيفها ، وصبغتها، ونقشها على شكل ثعبان أو تمساح. والنتيجة النهائية هي ملاءة ناعمة وطرية تشبه بشكل لا يصدق جلد الحيوانات.

حتى الآن ، تمكن Phool من صنع العديد من نماذج Fleather الأولية – محافظ ، وأكياس حبال ، وصنادل ، وأحذية رياضية – والتي تبدو ، للوهلة الأولى على الأقل، مرضية تمامًا.

شاهد ..إنجلترا تكشف عن الأوراق النقدية التي تحمل صورة “تشارلز الثالث”

جسر الملك فهد.. محطة خالدة في تاريخ العلاقات بين السعودية والبحرين

5 أسباب تدفعك للتقاعد المبكر.. هل تفكر فيها؟