صحة

ما تفسير أن البعض لم يتعرضوا للإصابة بكورونا على الإطلاق؟

اجتاح فيروس كورونا المستجد العالم منذ ظهوره في الصين قبل ما يقرب من ثلاث سنوات.. أصبحت المتحورات الجديدة للفيروس تمتلك قدرات أفضل في الإصابة بالعدوى، حتى اللقاحات تقلل من حدة الفيروس ولا تكون درعًا واقيًا لا يمكن اختراقه.

رغم كل ذلك فإن هناك من لم تشملهم الإصابة حتى الآن أو ظهرت عليهم الأعراض.. تقول بعض التقديرات إن واحد من كل 10 أشخاص في المملكة المتحدة لم يُصب بعد بفيروس كورونا.

لكن هل أجساد هؤلاء تحتوي على بعض الأسرار لمعالجة المرض؟

هناك ثلاثة احتمالات حول هذا الشأن: أن يكون الشخص أُصيب بالفعل ولم تظهر عليه أي أعراض، أو أنه لم يتعرض للفيروس أصلًا، أو أن أجسام البعض لديها آليات دفاع إضافية تتمكن من صده.

تقول الدكتورة ليندسي برودبنت، المتخصصة في علم الفيروسات بجامعة ساري بإنجلترا، إن هناك الكثير من الناس يقولون إنهم لم يتعرضوا للإصابة بكورونا.. على الأرجح ليسوا على حق، ربما أصيبوا ولم ينتج عن ذلك أي أعراض.

وتضيف: “لكننا نعلم أن هناك فقط بعض الأشخاص الذين لم يصابوا أبدًا، حتى في البيئات عالية الخطورة.. مثل الممرضات”.

وجدت إحدى الدراسات التي أُجريت على الأشخاص الذين تم اختبارهم بانتظام أن نصف أولئك الذين يُصابون بمتحور أوميكرون ظلوا غير مدركين لإصابتهم، أو أرجعوا أعراضهم الخفيفة إلى شيء آخر.

العدوى المجهضة والمناعة المسبقة 

هناك ما يُسمى بالعدوى المجهضة، وفيها يستهدف الفيروس الإنسان ويتمكن الفيروس من الوصول إلى الأماكن اللازمة لبدء العدوى، ولكن الجسم يحاصره قبل أن ينتشر.

نعلم أن ذلك يحدث من خلال الدراسات التي عمدت إلى إصابة الأشخاص بالعدوى. خلال تلك التجارب، كان يتم بخ الفيروس في أنوف المتطوعين الأصحاء، ومع ذلك فإنه من بين الأشخاص الـ34 الذين شاركوا في الدراسة، لم تظهر العدوى إلى على نصفهم.

خط الحماية الأول هو الجهاز المناعي الفطري.. هذا هو الدفاع التلقائي لأجسامنا، لا يستطيع ذلك الجهاز أن “يتذكر” عدوى الفيروسات المختلفة، ولذلك كل مرة تحدث الإصابة تكون بمثابة المرة الأولى بالنسبة له. لكنه يعمل بسرعة وبإمكانه وقف انتشار العدوى أو صدها.

أوضحت الدكتورة برودبنت ذلك من خلال إجراء تجارب استخدمت فيها رئات مصغرة تم زراعتها باستخدام خلايا بشرية، وحاولت إصابتها بعدوى الفيروس.

تقول برودبنت: “وجدنا شخصا واحدا لم نتمكن من إصابته، كنا نصب كميات هائلة من الفيروس على تلك الخلايا ولكن لم تحدث العدوى”.

النصف الآخر من الجهاز المناعي يعرف بالجهاز المناعي التكيفي، أو المكتسب، والذي يتعلم ويتحسن مع الممارسة. وهنا يأتي دور اللقاحات التي تهيء الجسم لمحاربة كوفيد.

يُعتقد في هذه الحالة أنه ربما تكون اللقاحات قد قامت بدورها على أتم وجه في منح مناعة جيدة جدا.

لكن اللقاحات لا تمنح سوى حماية محدودة ضد الإصابة بالفيروس، وسرعان ما تتلاشى، كما أنه لم تكن هناك لقاحات خلال العام الأول من الوباء.

بيد أن هناك طرقا أخرى يستطيع من خلالها هذا الجزء من الجهاز المناعي أن يوقف العدوى.

فقد أظهرت عينات الدم المأخوذة من العاملين بالمستشفيات قبل الوباء أن بعضا منهم كان لديه بالفعل ما يعرف بالخلايا التائية “T-Cells”.

هذه الخلايا تعمل كحراس يفحصون الخلايا الأخرى بحثًا عن أي دلائل على حدوث العدوى، وإذا ما وجدوا خلية مصابة، يقتلونها.

يقول الخبراء “إذا كان لديك الخلايا التائية تلك المتأهبة للعمل طوال الوقت، فإنها من الممكن أن تتصرف بسرعة أكبر وتقضي على العدوى قبل أن تظهر في نتيجة الاختبار”.

عوامل أخرى

بعض الأشخاص لم يتعرضوا مطلقا للفيروس لأنهم توقفوا عن الاختلاط بالناس. وقد أجريت حوارات مع أشخاص عزلوا أنفسهم لما يقرب من 1000 يوم، عادة لأن جهازهم المناعي ضعيف ما يجعلهم أكثر هشاشة.

الفكرة الثانية هي المناعة الجينية التي تحدث مع أمراض أخرى.

المثال الشهير هو فيروس نقص المناعة المكتسبة لدى البشر، هناك عدد قليل ونادر من الناس المولودين بطفرة جينية تحميهم تماما من الفيروس.

هذه الطفرة التي يطلق عليها اختصارا “سي.سي.آر 5” تحدث في جزء من شفرتهم الجينية وتعمل على تغيير “الأقفال” الموجودة في خلايا الجسم بحيث لا يستطيع فيروس نقص المناعة اختراقها.

وقد تم الاستفادة من ذلك في علاج بعض المرضى المصابين بالفيروس، وتبين أن طفرات مماثلة تمكنت من الحيلولة دون دخول فيروس كورونا إلى خلايا أجسام بعض الأشخاص.

تقول الدكتورة برودبنت: “عدد الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من المقاومة الجينية ضئيل للغاية”.

ما تفسير أن البعض لم يتعرضوا للإصابة بكورونا على الإطلاق؟

تعافي بريطاني بعد تسجيله أطول مدة إصابة بكورونا في العالم

أصابع اليدين.. كيف تشير إلى الإصابة بفيروس كورونا؟!