مشهد غريب لفت أنظار العالم، فبينما يجتمع الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، وخلال الجلسة الختامية، تم إخراج الرئيس الصيني السابق هو جين تاو من المؤتمر، بشكل مفاجئ.
شغل هو جين تاو، منصب الرئيس الصيني بين عامي 2003 و2013، والآن في عمر 79 عامًا وعلامات الضعف بادية عليه، يتعرض لِما يشبه الطرد، وكأنها إزالة رمز من الماضي.
في البداية رفض الرئيس السابق المغادرة، كما كشفت ملامحه، ثم هز رأسه وخرج بعدما قال الرئيس الحالي “شي جينبينغ” شيئًا، وكأنه أقنعه بالإذعان.
فمن هو “هو جين تاو” الذي شغل وسائل الإعلام في العالم بمشهد خروجه الغامض؟
كان “هو جين تاو” زعيم الحزب الشيوعي الصيني ورئيس الدولة لمدة 10 سنوات، حتى جاء نوفمبر الثاني من عام 2012، ليبدأ تسليم السلطة إلى خليفته الحالي شي جينبينغ، بداية من رئاسة الحزب الشيوعي، ثم القيادة العليا للجيش الصيني، وبالنهاية تم الإعلان عن الرئيس الصيني الجديد في مارس 2013 بتعيين المؤتمر الشعبي الوطني المُنعقد في العاصمة الصينية بكين.
شهدت فترة هو جين تاو انتعاشًا اقتصاديًا للبلاد، لتصبح الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مع سياسية خارجية أكثر حزمًا، والتأكيد للدول الأخرى على النهوض السلمي الصيني.
حافظ هو جين تاو على غموضه نسبيًا خلال فترة رئاسته، فلم يكن كثير المشاركة في المؤتمرات الصحفية غير المكتوبة، فضلاً عن إجراء مقابلات مباشرة.
لم يخطط للعمل السياسي
وُلد هو جين تاو في عام 1942 في مقاطعة آنهوي الشرقية، ليصبح الزعيم الأول الذي بدأ مسيرته المهنية الحزبية بعد إدارة الشيوعيين للسلطة في عام 1949.
درس الهندسة الكهرومائية في جامعة تسينغهوا العريقة في العاصمة بكين، واشتهر بحبه لتنس الطاولة والرقص، كما انضم أثناء الدراسة إلى الحزب الشيوعي في ذروة الثورة الثقافية في عام 1964.
تخرج هو جين تاو من الجامعة وانضم إلى وزارة الحفاظ على المياه والطاقة، ورغم اعترافه في أحد المرات بعدم التخطيط للعمل السياسي، إلا أن صعوده الناجح داخل الحزب الشيوعي بدأ في أواخر السبعينيات بعد وصول دينغ سياو بينغ إلى السلطة، وقتها ترقى هو جين تاو بسرعة ضمن الإداريين الشباب إثر أدائهم أو داعميهم.
شغل الرجل مناصب رئيسية في بعض المقاطعات الأكثر فقرا في البلاد، إذ ترأس رابطة الشبيبة الشيوعية في غانسو وأصبح رئيس الحزب في التبت وغويزو.
ظهرت قوة هو جين تاو في التبت عندما أعلن الأحكام العرفية ردًا على الاحتجاجات الانفصالية، الأمر الذي مهّد الطريق لإجراءات قاسية تشبه المستخدمة في إنهاء مظاهرات ميدان تيانانمين في بكين.
ويعتقد الكثير من أهل التبت أن الرجل له دور في الوفاة غير المتوقعة للبانتشن لاما، ثاني أعلى زعيم روحي لديهم، كما انتقدوه لقضائه القليل من الوقت عندهم، والسبب الواضح هو معاناته من فوبيا المرتفعات.
وقد تولى ملفات رئيسية مثل الإشراف على التدريب الأيديولوجي لكبار المسؤولين، حين عاد في عام 1992 إلى بكين كعضو في اللجنة الدائمة المكونة من 7 رجال للمكتب السياسي.
ومن المقولات المنسوبة لـ “هو جين تاو”، ما جاء في صحيفة الشعب اليومية: “إن القائد الجيد يجب أن يكون لديه معتقدات راسخة ومهام سامية ويعمل بإتقان ولا يسعى إلى الشهرة أو الكسب ويتخلص من الأجواء البيروقراطية ويشارك مشاعر الجماهير”.
كان الرئيس الصيني السابق يقود بشكل جماعي أكثر من الحالي، محاولاً إيجاد التوازن بين أكثر من طريقة تفكير في المكتب السياسي، فأصبحت فترته في نظر المراقبين على أنها زمن الانفتاح نحو الخارج والتسامح الأكبر مع الأفكار الجديدة.
كل هذا بعكس الرئيس الحالي والأمين العام للحزب، الذي قاد البلاد بشكل مختلف، جعل فيه نفسه في المركز، وفي موقع صعب التحدي.
لم يحقق أهدافه
يجادل المحللون السياسيون بأن هو جين تاو افتقر إلى القوة والكاريزما اللازمتين للحكم بفعالية، فوجدت السياسات الحزبية داخل الحزب الشيوعي الفرصة للخروج عن السيطرة، كما احتفظ جيانغ زيمين، سلف هو جين تاو، بنفوذه طوال فترة رئاسة هو.
لقد حاول الرجل خلال فترة وجوده في السلطة الاهتمام الأكبر بمشاكل الناس العاديين، لتحقيق “مجتمع متناغم” يسعى لسد الفجوة المتسعة بين الأغنياء والفقراء في الصين.
كما دعا في خطاباته إلى “التنمية العلمية”، وإحداث التوازن بين الرعاية الاجتماعية والنمو الاقتصادي.
كما ألغى المراسم التي تقام لكبار قادة الصين عندما يسافرون إلى الخارج، وكان يشارك الفلاحين البسطاء الطعام في رأس السنة الصينية، بدلاً من المآدب الضخمة في العاصمة.
ورغم تعهد هو جين تاو بالتصدي للفساد الحكومي، إلا أن العديد من كبار أعضاء الحزب الشيوعي قد باتوا أثرياء على حساب الدولة، كما ترددت الأخبار بذلك في العامين الأخيرين لرئاسته.
وبالنهاية، لم يتحقق حلم هو جين تاو في ازدهار طبقة وسطى صينية، فقد استمرت المقاطعات الساحلية الثرية في التطور بمعدل أسرع بكثير من المناطق الداخلية في الصين خلال فترة رئاسته.
بحث ألماني أمريكي يُجيب.. هل تمت هندسة “كورونا” بيولوجيًا في المختبر؟
من هو “ريشي سوناك” الزعيم الجديد لحزب المحافظين ورئيس وزراء بريطانيا؟
في مثل هذا اليوم.. السعودية تنضم للأمم المتحدة وانهيار مؤشر وول ستريت